التكنولوجيا والعقل البشري

بقلم/ أشرف الزهوي المحامي

لا تتوقف الأبحاث العلمية عن دراسة مدى تأثير التكنولوجيا على الدماغ من خلال عملية التصفح على شبكة الإنترنت.

يقول الصحفي الانجليزي نيكولاس كار في كتابه “السطحيون” :ما تفعله شبكة الإنترنت بأدمغتنا”، ان القراءة عبر الإنترنت تؤدي إلى فهم اقل من قراءة الصحف والكتب المطبوعة، كما أن النقر على شبكة الإنترنت قلل من قدرتنا على التركيز المستمر والتفكير بطريقة خطية أصبحنا نقوم بالقفز على سطح المعرفة أي إننا لا نتعمق في أعماق البيانات والمعلومات وإنما أصبحنا نرضى بالخوض في المياه الضحلة.

خصص كار في كتابه فصولا للدراسات الحديثة التي تهتم بوظائف الدماغ من خلال تجميع مجموعة من المعطيات للدفاع عن حجته، بأن الوسائط الإليكترونية المتعددة تؤثر كثيرا على العقل البشرى، مثل انخفاض الفهم والتركيز، وقلة القدرة على التحليل او التفكير الإبداعي فهو يعارض ادعاءات عشاق التكنولوجيا، بأن شبكة الإنترنت سوف تعمل على توسيع العقل البشرى، وأنها ستعزز التفكير العميق وتجعله أكثر إبداعا.

حيث دحضت البحوث العلمية هذا الافتراض، لان الوسائط الإليكترونية تعمل على تشتيت فهمنا واستيعابنا لأشياء حيث يجهد تقسيم الانتباه الذي تقتضيه الوسائط المتعددة قدراتنا الادراكية أكثر فأكثر، فيتضاءل بسببه تعلمنا ويضعف فهمنا. يشير كار الي ان استخدام الويب يعزز من سرعة اتخاذ القرار وحل المشكلات التناسق الذهني.

وفي مجال هذه الدراسات المهمة، علينا أن ننتبه لمستوى ثقتنا في المعلومات التي نستقيها من تلك الوسائط الإليكترونية ومدي واستيعابنا لها، لان التردد على مصادر متعددة لجلب المعلومة يشتت الذهن ويقلل التركيز كما أن العقل البشرى الذي كان يعمل على استيعاب ما يتصفحه المرء فقط، قد أصبح مشغولا كذلك بحركات التنقل والنقر على شبكة الإنترنت.

إذا كان التحول الرقمي وسيطرة التكنولوجيا على العالم اليوم قد أصبح أمرا واقعا، فإنه من الجدير بنا ان نهتم بأمرين، الأول هو مدى تأثير التكنولوجيا على دماغ الأطفال، والثاني هو كيفية اختيار المحتوى الأوثق والأدق من خلال محركات البحث القوية ومحاولة الابتعاد عن مواقع اللهو وألعاب التسلية التي تخدر العقل بسحبه الي عالم السطحية حيث يميل العقل البشري الي الركون للراحة والهدوء. لا يقلل كل ما سبق من قيمة التكنولوجيا وأهميتها في كل مجالات الحياة ولا ينال من قدرتها على تغيير أنماط السلوك البشرى ودفع حركة الإنتاج مع تحقيق السرعة والدقة في كل مناحي الحياة التي نعيشها.

 المركز الإعلامي لنقابة المحامين

 

زر الذهاب إلى الأعلى