التعريف بالشركات المتعددة الجنسيات

بقلم/ وليد محمد وهبه المحامى

 

ونبدأ هنا بأصل تسميتها:-

أصل تسمية الشركة المتعددة الجنسيات: Multinational Corporation أو MNC أو Multinational Enterprise أو MNE‏)،
لقد اختلف بعض الفقهاء فى تسمية هذا النوع من الشركات من حيث أنها شركات متعددة الجنسيات ام إنها شركات متعددة القوميات ولكن الرأى الراجح انها متعددة الجنسيات خاصة وأن الشركة لايمكن أن تكتسب إلا جنسية واحدة في كافة الأحوال.

( هذة المسألة يمكن الرجوع فيها للأبحاث المتخصصة في اكتساب الأشخاص المعنوية للجنسية)
لكن ما يهمنا هنا أن نوضح التسمية الصحيحة لهذة الشركات المتعددة الجنسيات خاصة وأن الجنسية تعبر عن انتماء الشركة لدولة معينة ونظام قانونى معين أما الجنسية هو ارتباط الشركة بمجموعة من الدول ترتبط مع بعضها فى كثير من الأمور مثل الجنس واللغة والأصل و هذا الأمر قد وضح فى ظهور هذة الشركات فى دول الخليج العربى خاصة، وهى تعمل فى مجال استخراج البترول فى تلك الدول.
وهي شركة ملكيتها تخضع لسيطرة قوميات(1) متعددة، وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها، وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي(2) الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country،
إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة Host Countries.

ولكن في مرحلة لاحقة رأت لجنة العشرين، والتي شكلتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في تقريرها الخاص بنشاط هذا النوع من الشركات إن يتم استخدام كلمة Transnational بدلا ًمن كلمة Multinational وكلمة Corporation بدلاً من كلمة Enterprise،
واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في أنشطتها على اسواق متعددة للدول، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي، ولهذا فهي تكون شركات متعددة الجنسيات، حيث تتعدد الجنسيات.

ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الإنتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة. وهي مستقلة في هذا المجال عن الجنسيات أو فوق الجنسيات Supra National.
وهي بالتالي تساهم ومن خلال تأثيرها في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي(1) العالمي الجديد والتأكيد على عالميته وتعد من العوامل الأساسية في ظهور العولمة، ومن أهم سماتها أنها تعدد الأنشطة التي تشتغل فيها دون أدنى رابط بين المنتجات المختلفة.

ويرجع السبب الرئيسي الذي دعاها إلى تنويع نشاطها، فهي تستند إلى اعتبار اقتصادي مهم، وهو تعويض الخسارة المحتملة في نشاط معين بأرباح تتحقق من أنشطة أخرى، وأيضاً تعمل هذه الأسواق للسبب ذاته.
وتعدد أساليب إنتاجها بحيث إذا ارتفعت قيم أحد عناصر الإنتاج التي يعتمد عليها أسلوب إنتاجي ما يمكن الانتقال إلى أسلوب إنتاجي آخر يعتمد على عنصر إنتاجي ذات ثمن منخفض نسبياً، ومن هنا جاءت تسمية هذه الشركات باسم متعددة الجنسيات.

ماهية هذة الشركات تعريفها:-
لايوجد إجماع على تعريفٍ موحّد للشركات المتعددة الجنسيات، بل هناك اختلاف في تسميتها.فبعضهم يدعوها الشركات المتعددة الجنسيات، وآخرون الشركات غبر الوطنية. ويعود السبب في اختلاف التعريفات إلى اختلاف وجهات النظر حولها بين الاقتصاديين من جهة. والحقوقيين من جهة أخرى، وكذلك بين الدول الغنية من جهة، والدول النامية من جهة أخرى.
(1)التعريفات القانونية للشركات المتعددة الجنسية :
لايعرف القانون تعريفا جامعا مانعا لهذا النوع من الشركات ، لأنها في حقيقتها كيان اقتصادي فهي ظاهرة اقتصادية وليست ظاهرة قانونية تتمتع بكيان(2) قانوني خاص من أجل ذلك يفضل بعض الفقهاء استخدام ( المجموعة متعددة الجنسية للشركات ) ،
ويعرفها آخر أنها ( مجموعة من شركات مستقلة من الناحية القانونية ومنتمية الى العديد من الدول ، وهي تشكل مشروعا واحد متكاملا من الناحية الأقتصادية أو على الأقل متناسقا وتمارس نشاطا دوليا تحت ادارة الشركة الأم ) .
وقدعرفها أحد الفقهاء بأنها ( شركة تتركب من مجموعة وحدات فرعية ترتبط بالمركز الأصلي بعلاقات قانونية وتخضع لإستراتيجية اقتصادية عامة وتتولى الاستثمار في مناطق جغرافية متعددة )

وعرفها آخر بأنها ( تجمع اقتصادي بين عدة شركات تتمتع بقوميات دول مختلفة وترتبط فيما بينها عن طريق المساهمة في رأس المال بقصد تحقيق هدف اقتصادي معين ).

وقد انتهت اللجنة الحكومية المكلفة بإعداد مسودة ميثاق سلوك دولي للشركات متعددة الجنسيات في إطار منظمة الأمم المتحدة الى وضع تعريف عام لتلك الشركات مؤداه أن الشركة متعددة الجنسية هي ( تلك التي تشتمل على كيانات تعمل في دولتين أو أكثر بصرف النظر عن شكلها القانوني ومجال النشاط الذي تعمل فيه ، وأن تعمل هذه الكيانات في ظل نظام لاتخاذ القرار يسمح بوضع سياسات متجانسة واستراتيجية مشتركة من خلال مركز أو أكثر من مراكز اتخاذ القرار ، وأن ترتبط هذه الكيانات فيما بينها عن طريق الملكية أو غيرها من الروابط الأخرى بحيث يمكن لواحدة منها أو أكثر ممارسة تأثير فعال على انشطة الكيانات الأخرى وبصفة خاصة المساهمة بالمعرفة والموارد والمسؤوليات مع الآخرين.

(2)التعريفات الاقتصادية:-
وأول هذه التعريفات جاء من دافيد ليلينثال David E.Lilienthal حيث عرفها بأنها: «الشركات التي مركزها الرئيسي في دولة ما وتعمل وتعيش في ظل قانون دولة أخرى». هذا التعريف أخذ بالجنسية الواحدة للشركة وبالعمليات الأجنبية، ولم يأخذ بالشركات التي لها أكثر من مركز في أكثر من دولة واحدة، كما هو حال الشركات الأمريكية والإنكليزية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
لم يستقر الادب الاقتصادي على تعريف موحد للشركات متعددة الجنسية فثمة تعريفات كثيرة بقدر عدد الكتاب الذين اسهموا في هذا الأدب ويوجد من هذة التعريفات ماهو بمفهوم واسع واخر مقيد واخر ضيق.
1- فالأستاذ (توجندات) يعرفها بأنها الشركات الصناعية التي تنتج وتبيع منتجاتها في أكثر من دولة واحدة .
وهذا التعريف معيب لانه يقصر صفة تعدد الجنسية على الشركات الصناعية ، فهناك عديد من الشركات الضخمة التي تقوم بالاستثمار في مجال الخدمات مثل السياحة والمؤسسات المالية والاعلان والتسويق والنقل البحري والجوي ، وفي مجال المرافق العامة ، السكك الحديدية مثلا ، وفي مجال الزراعة واستغلال الغابات ، وفي مجالات أخرى عديدة غير صناعية ، وينبغي أن يشمل أي تعريف كل هذه النشاطات الاقتصادية.

ويعرف البروفيسور (جون دننج) الشركات متعددة الجنسية بأنها (مشروع يملك او يسيطر على تسهيلات انتاجية (مصانع ، منشآت ، تعدين ، مكاتب تسويق واعلان)

ويضع الاستاذ (روبرت جيلبين) هذا التعريف ويستخدم مصطلح المؤسسة متعددة الجنسية ليعني أي مؤسسة أعمال تمتد فيها الملكية والادارة والانتاج والتسويق إلى تشريعات وطنية عديدة .
2- ويلجأ بعض الكتاب إلى تقييد التعريف بحدود كمية بحيث يلزم أن يكون للشركة الأصلية التي تقوم بالاستثمار في الخارج حد أدنى من الضخامة.
فيرى الاستاذ (رايمون فرنون) أن الشركة متعددة الجنسية هي (شركة أم تسيطر على تجمع كبير من المؤسسات في قوميات عديدة ، وهي المؤسسة التي تجعل كل تجمع يبدو كما لو أن له مدخلا لمصب مشترك من الموارد المالية والبشرية ، ويبدو حساسا لعناصر استراتيجية مشتركة .
ويمكن وصف المؤسسة متعددة الجنسية بأنها أي مؤسسة ذات فرع أو شركة منتسبة أو شركة تابعة أجنبية واحدة أو أكثر وتنخرط في الاستثمار في اصول انتاجية أو مبيعات أو انتاج أو تشغيل الفروع والتسهيلات الاجنبية . وهذا التعريف يتخلص من قيود الحجم والتضييق في مضمون النشاط ومدى المحتوى الاجنبي ليشمل بذلك كافة المشروعات التي تستثمر مباشرة خارج بلادها الاصلية .
3- أما التعريف الضيق فيتجه إلى استيفاء شروط معينة لاحكام التعريف مثل نمط النشاط ، فهي شركات انتاجية أو حد أدنى من الشركات المنتسبة , وليكن 6 شركات أو حد أدنى من المساهمة الاجنبية في النشاط وليكن 25% من اجمالي الاصول أو المبيعات أو العمالة.
والواقع إن ماهو جوهري في مهمة التعريف هو تحديد مدلول صفة (تعدد الجنسية) التي تتمتع بها تلك الشركات فأغلب الكتاب الغربيون يفتقرون إلى الادراك الكافي للطابع والاساس القومي لهذه الشركات ، وعادة ما يقصدون إلى اضفاء صفة تعدد الجنسية بمعنى أن الشركات قد تخلصت من بعدها القومي واكتسبت قوميات عديدة .
ومن ثم فإن ما يطلق عليه الشركات متعددة الجنسية هي بكل المعاني شركة قومية تحتل مكانها أساسا في اقتصاد ومجتمع الدولة المتقدمة الأم ، ويصدق هذا الحكم خاصة على كل من الملكية والادارة ، فادارة الشركات التابعة واجمالي مجموعة الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه في يدها بكافة القرارات الاساسية وبمهمة التخطيط والحساب والرقابة .

ويوجد تعريف اخر اوردة البعض من الاقتصاديون فقد عرفوها أنها الشركات أو المؤسسات التي تملك جزئياً أو كلياً العائدات والأموال وتسيطر عليها وتديرها في أكثر من دولة واحدة. وميزة هذا التعريف أنه لم يحدد شكلاً قانونياً محدداً للشركات المتعددة الجنسيات التي يمكن أن تكون شركات خاصة أو عامة، أو مؤسسات فردية الملكية، كما أنه لم يميّز بين الاستثمار المباشر للشركات المتعددة الجنسيات في الدول الأخرى والمساهمة في مشاريع استثمارية مع غيرها (إدارة أعمال في دولة أخرى أو استثمار أموالها فيها).
إن لجنة الأشخاص المميزين لدى الأمم المتحدة ذهبت أبعد من التعريف البسيط السابق حتى تتوصل إلى التمييز بين الشركات المتعددة الجنسيات والشركات الغير الوطنية transnational companies، وذلك بناء على طلب الأشخاص الذين يمثلون دول أمريكا الجنوبية المنضمة لمجموعة Andean.
فقد ميّز هؤلاء الأشخاص بين الشركات المتعددة الجنسيات، وهي الشركات التي تؤسس من أكثر من دولة واحدة، وفي أكثر من دولة واحدة عملاً بمجموعة قواعد Andean، والشركات غير الوطنية وهي الشركات التي تقوم بأعمال استثمارية مباشرة أو غير مباشرة في أكثر من دولة واحدة.
هذا الاختلاف في التسمية خلق التباساً لدى الباحثين، وحتى في المنظمات الدولية، حيث تبنى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة ECOSOC تعبير: «غير الوطنية» بينما أصر الاقتصاديون على استخدام تعبير: «المتعددة الجنسيات» للإشارة إلى نوع الشركات نفسه.
وفي عام 1976، وضعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للدول الغربية OECD دليلاً للشركات المتعددة الجنسيات عرفتها فيه بأنها: « تتضمن عادة الشركات أو الشخصيات القانونية المختلفة، سواء أكانت مملوكة للقطاع الخاص أم العام أم المشترك، التي تؤسس في عدة دول.
وترتبط بعضها مع بعض، بحيث تستطيع إحدى هذه الشركات أو أكثر ممارسة تأثير فعال في نشاطا الشركات الأخرى وبخاصة لتقاسم المعرفة والثروات مع غيرها. وقد وضع هذا التعريف من قبل الأمم المتحدة في نظامها المعدّ لتناول أعمال الشركات عبر الوطنية.

أخذت جميع التعريفات السابقة بمعايير اقتصادية أكثر منها قانونية، ولم يجمع المعنيّون على تعريف محدَّد، وبخاصة في الأمم المتحدة حيث كانت وجهات النظر مختلفة دوماً.

أما من وجهة النظر القانونية فقد ورد عدة تعريفات ومن ضمن هذة التعريفات تعريف الاستاذ الدكتور محسن شفيق بالشركة المتعددة الجنسيات «ذلك المشروع الذي يتكون من مجموعة وحدات فرعية ترتبط بالمركز الأصلي بعلاقات قانونية وتخضع لاستراتيجية اقتصادية عامة تتولى الاستثمار في مناطق جغرافية متعددة».

وتعريف آخر لهذه الشركات المتعددة الجنسيات بأنها
( مشروع وطني يملك ويراقب العديد من الفروع الموزعة في العديد من الدول(1) ، هذه الشركات التي تعد وراء العديد من المشروعات الكبرى تقوم بالنشاط في المجال الصناعي)
وهذا التعريف يبعث على القول بأن ظاهرة تعدد الجنسيات يرتبط بالطبيعة الاحتكارية لاقتصاد الدولة التي تتبعها ويتشابه ايضا فى اقتصارها على المجال الاقتصادى كما عرفها(توجندات)

وورد تعريف اخرللشركات متعددة الجنسيات Multi National
(هي الشركات التي تقود فعاليات وأنشطة تتجاوز الحدود الجنسية وقد تنامى دورها فأصبحت تسمى أيضا الشركات متعددة الجنسيات وهي ليست متعددة الجنسيات اذ ان لها جنسية واحدة هي جنسة الوطن الأم إلا أنها كالشركات متعددة الجنسيات تعمل على نطاق عالمي في تحول الراسمالية العالمية من الرأس مالية الجنسية الى رأسمالية ما وراء الحدود الجنسية)
ولقد تميز هذا التعريف بانة اعتمد على توضيح اسمها وعمومية انشطتها والاعتماد لتوضيح جنسيتها في زمن العولمة خاصة ان هذه الشركات تلعب دورا اساسيا في هذا التحول حيث غدت المنظمة المركزية للأنشطة الأقتصادية في الأقتصاد العالمي بتزايد تكامله.

و هذا التعريف هومانوئيد خاصة انة وضح مسئلة التفرقة بين الجنسية والجنسية خاصة ان هذ المسئلة اختلطت على الكثير من الباحثين من القانونيين والاقتصاديين ايضا

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى