استخدام المحامي وسائل الدعاية بين الإباحة والتجريم

د. ريهام فتحي

دكتور القانون الجنائي

حظرت المادة 71 من قانون المحاماة المصري رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019 استخدام المحامي وسائل الدعاية، أو الترغيب أو استخدام الوسطاء أثناء أداء المهنة، ولكن في ظل التطور التكنولوجي الهائل في الوقت الراهن، هل يعد استخدام المحامي للوسائل الالكترونية الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي للدعاية والترويج لعمله يندرج ضمن الحظر الوارد بالقانون؟

يحسن وقبل الإجابة على التساؤل السابق، فأنه من المفيد أن نؤكد على اتجاه البعض بالفعل إلى استخدام وسائل التواصل بغرض الإعلان لنفسه، سواء كان ذلك بشكل مباشر بوضع إعلانات ترويجية ممولة على مواقع Facebook , LinkedIn ,Twitter, Instagram وغيرها من وسائل التواصل، أو كان بشكل غير مباشر عن طريق نشر بعض الأحكام التي تفيد حصول المحامي على حكم قضائي في نوع معين من القضايا أو الوعد بالحصول على البراءة وغيرها من طرق لجذب العملاء.

وبالنظر للعلة التي ابتغاها المشرع من حظر الإعلان، فهي للحفاظ على كرامة المهنة وتقاليدها وكونها ليست تجارة أو حرفة وإنما لكونها رسالة تعتمد في المقام الأول على حسن سمعة المحامي وكفاءته بين أقرانه وفى محيط عمله، وحدد القانون الطريقة التي يسمح بها للمحامي التعريف عن نفسه، وأن ليس له سوى أن يضع على أوراقه أو لافتة مكتبه الاسم و اللقب العلمي ودرجة المحكمة المقبول للمرافعة أمامها دون استخدام أي بيان أو إشارة إلى منصب سبق أن تواله.

والأصل أن يمتد الحظر الوارد بالمادة 71 إلى كافة وسائل الإعلان سواء التقليدية منها أو المستحدثة لعموم النص، لأن العلة مازالت قائمة، وأنه في حال المخالفة يعرض المحامي نفسه للمسائلة التأديبية وفقًا للمادة 98 من قانون المحاماة، وإذا كان المقام لا يتسع لإلقاء الضوء على موقف التشريعات المقارنة، إلا أن المشرع الفرنسي والكثير من التشريعات العربية قد انتهجت قديمًا حظر استخدام المحامي للدعاية، إلا أنه على الجانب الآخر نجد الكثير من التشريعات قد عدلت عن هذا النهج، وشرعت في مواكبة هذا التطور وتنظيم هذا الحق بدلاً من منعه، ومحاولة وضع الضوابط اللازمة التي تضمن الحفاظ على هيبة المهنة، بل والأكثر من ذلك أن بعض التشريعات اتجهت إلى تنظيم الظهور فى وسائل الاعلام ،وذلك عن طريق إحاطة نقيب المحامين علمًا بأية وسيلة خطية متاحة ،برغبة المحامي في الاشتراك في ندوة أو مقابلة ذات طابع قانوني تنظمها إحدى وسائل الإعلام، محددًا زمانها وموضوعها واسم وسيلة الإعلام.

وفى ختام القول، لعل ما نرمى إليه، هو ضرورة مواكبة المشرع المصري إلى المتطلبات الحديثة التي تفرضها الظروف المحيطة بالمهنة والزيادة المطردة في اعداد المحامين وما يجابه المهنة من تحديات، وذلك بألا يتم حرمان المحامي من استخدام الدعاية أو الإعلان بالكلية، وإنما ينبغي تبنى هذا الحق و تنظيمه بما يضمن المساواة وتكافؤ الفرص بين من لديهم باع طويل في تلك المهنة ومن يتلمس الخطى ببداية الطريق، عن طريق تبنى وسيلة أو أكثر يحددها القانون يستطيع المحامي من خلالها تقديم نفسه وما يقدمه من خدمات قانونية بشكل يليق بالمهنة، بما لا يتنافى مع مبادئ المهنة وأخلاقها، مثال ذلك تنظيم حق المحامي في إنشاء موقع إلكتروني خاص بمكتبه يتضمن بياناته الأساسية وأرقامه وعنوان مكتبه وبريده الإلكتروني وما يقدمه من خدمات قانونية، وإخطار النقابة بذلك الموقع ليكون تحت رقابة النقابة الفرعية التابع لها المحامي.

كما نطالب بتفعيل الفقرة الثانية من المادة 71 والمضافة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 ، والتي نصت على أن ” .. ويجوز لقاضى الأمور الوقتية بالمحكمة التابع لها المكتب المخالف بناء على طلب النقابة العامة أو النقابة الفرعية المختصة أن يأمر بإزالة اللافتة أو الأمر بإزالة المخالفة من أوراق المحامي وعدم قبول أوراقه أمام المحاكم ومكاتب الشهر العقاري لحين إزالة أسباب الشكوى”، لإزالة اللافتات والاعلانات المخالفة خاصة بعد أن وصل الأمر إلى وضع الإعلانات بالميادين العامة وأسفل الكباري بطريقة لا تليق بالمهنة، وذلك حتى لا يترك الأمر بدون تنظيم ليكون المستفيد هو المحامي الذى لم يلتزم بالقانون.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى