ومضة قانون (82) ” ميتافيرس والقَانُون الدَّولِيّ “

بقلم: الأستاذ/ أحمد خميس غلوش

يقول الله تعالى فِي القُرآن الكريم ( ويخلُقُ مَا لا تعلَمُون ) النحل ، الآية : 8
وفى المسيحيّة : ” وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُدْرِكُوا أَعْمَالَ اللهِ مِنَ الْبَدَايَةِ إِلَى النِّهَايَةِ ” .
سفر الْجَامِعَة 3 : 11
يُمكن وَصف ( ميتافيرس ) ذلك المستقبل المجهول بالنّسبة لنا حتّى الآن .. بأنّه كوكبٌ يغلّفه الغموض ، فهو بيئةٌ افتراضيّةٌ ، تُتيح للمستخدمين التّفاعل مع بعضهم البعض من خلال الصّور الرّمزيّة ، وباستخدام نظّارات الرّأس الذّكيّة .
وازدادت الغرابة لا سيّما _ بعد إعادة تسمية شركة “فيسبوك” باسم ” ميتا ” بهدف التّركيز على تطوير هذه التّقنيّة ، بل وامتدّت الدّهشة حين أعلنت حكومة دولة ( باربادوس ) وهي جزيرة تقع في المُحيط الأطلسيّ ، عن قيام أوّل سفارةِِ لها في هذا العالم الافتراضيّ .
ومن ثمّ ، يمكن اعتبار هذه الخُطوة تأريخًا نحو إضفاء الشّرعية على ميتافيرس metaverse ، من خلال تبيان الآتي :
أوّلًا : من العجيب أنّ نرى بعد مطالعة الأخبار بالصّحف والمواقع الإلكترونية المختلفة العربية والمصرية وغيرها .. يومي 15 و 16 من نوفمبر الماضي على الإنترنت .. أنّ وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الخارجية في دولة ( بربادوس ) قامت بإبرام اتفاقيّة مع Decentraland ، من بين أكبر وأشهر العوالم الرقمية التي تعمل بالعملات المشفرة، لإنشاء سفارة رقمية ووفقًا لبيان صحفي تم تقديمه إلى CoinDesk، تقوم الحكومة أيضًا بوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقيات مع Somnium Space وSuperWorld ومنصات Metaverse الأخرى.
وبالفعل تستعدّ دولة ( باربادوس ) للإعلان القانونيّ عن أرض عقاريّة رقميّة ذات سيادة من خلال إنشاء سفارة لها في الواقع الافتراضي ، ستُفتَح في يناير المقبل .
وستساعد المشاريع المختلفة في تحديد وشراء الأراضي وتصميم السفارات والقنصليات الافتراضية وتطوير المرافق لتقديم خدمات مثل “التأشيرات الإلكترونية” وإنشاء “ناقل عن بعد” يسمح للمستخدمين بنقل صورهم الرمزية بين العوالم المختلفة. كما جاء بموقع رائج الإلكترونيّ .
وفي مقابلة مع CoinDesk ، صرّح سفير بربادوس في الإمارات العربية المتحدة، إن البلاد تعتزم التوسع بقوة إلى ما بعد هذا الجهد الأولي لبناء الهياكل وشراء الأراضي الرقمية في مجموعة متنوعة من العوالم الافتراضية.
بالإضافة إلى قيادة الجهود الدبلوماسية المتقاربة للبلاد، يعمل السفير أيضًا حاليًا على إنشاء أول سفارة فعلية لباربادوس في الشرق الأوسط وقال إن حكومة ( باربادوس ) التي وافق مجلس وزرائها على سفارة ميتافيرس في أغسطس، تعتبر هذه الخطوة فرصة دبلوماسية فريدة .
حيث صرّح : “هذه طريقة لباربادوس لتوسيع بعثاتها الدبلوماسية إلى ما بعد 18 بعثة لديها حاليًا مع أكثر من 190 دولة حول العالم وهذا يسمح لنا بفتح الباب ، باستخدام دبلوماسية التكنولوجيا والتي تمتد بعد ذلك إلى الدبلوماسية الثقافية في الفن والموسيقى والثقافة”.مع الإعلان عن السفارة، المقرر وجودها في العالم الافتراضي مبدئيًا في يناير، ستصبح باربادوس أول دولة في العالم تعترف بالأرض الرقمية ذات السيادة وقال عابد إن وزارة الخارجية ووزارة العلوم والتكنولوجيا والعديد من الهيئات الحكومية الأخرى قامت بمراجعة الخطط على مدى عدة أشهر، كما احتفظت الدولة بمستشار قانوني، حيث ستضع السفارة عددًا من السوابق الفريدة، كما قال الخبراء حتى الآن إن السفارة ستكون متوافقة مع القانون الدولي وكذلك اتفاقية فيينا .
ثانيًا : هنا نلقى قليلًا من الضّوء حول اتّفاقيّة فيينا للعلاقات الدّبلوماسيّة ؛ فهي اتّفاقيّة دوليّة أنشِئَت بغية تحديد إطار العلاقات الدّبلوماسيّة بين دول العالم المستقلّة، وما في ذلك من امتيازات البعثات الدّبلوماسيّة وذلك لتمكين الدّبلوماسيّين من أداء وظائفهم دون تخوّف _ وبعبارةِِ أخرى .. منحهم الحصانة الدبلوماسيّة، وتعدُّ بنودها العمود الفقريّ الرّئيس للعلاقات الدّوليّة ، في العصر الحديث . وقد دخلت اتفاقية فيينا .. حيّز التّنفيذ بشكلِِ رسميِِّ ، في 23 يناير عام 1980م .
كما تمثِّل أحكامها _ وثيقةََ دوليّةََ تتضمّن 53 مادّة ، نذكر منها .. الآتي :
المادّة رقم 22 :
تنصُّ على أنَّ المباني المخصصة للبعثات الدبلوماسية مثل السفارة والقنصلية، مُصانة ومحمية ولا يُسمَح للبلد المضيفة لها أن تدخلها إلا بعد أخذِ إذن من رئيس البعثة، كما يجبُ على الدولة المضيفة أن تؤمن الحماية اللازمة للبعثة وأبنيتها من أي أذى ومن التطفل وغيره، ولا يجوز للدولة المضيفة أن تقوم بتفتيش المبنى أو التعدي على ما فيه من ممتلكات أو مستندات، كما يشمل ذلك أماكن الإقامة الخاصة للدبلوماسيين.
المادّة رقم 24 :
جميع الوثائق والمحفوظات العائدة إلى البعثة الدبلوماسية مصانة ومحمية ولا يُسمَح للدولة المضيفة أو المستقبلة أن تُصادرها أو تفتحها أو أن تطلع عليها.
المادّة رقم 27 :
تقوم الدولة المضيفة بتأمين الاتصال المجاني بين الدبلوماسيين وبلدانهم الأصلية وأن تحمي تلك الاتصالات بشكل كامل.
المادّة رقم 37 :
تشمل الحماية بمختلف أشكالها أُسَر الدبلوماسيين في البلد المضيف الذي يعيشون فيه، ويتمتعون بنفس الحماية التي يتمتع بها الدبلوماسيون .
ختامًا : هل قريبًا _ بعض الحكومات تتبنّى مثل رؤية دولة ( باربادوس ) ، وكيف ذلك ، وهل سيتمّ التّنظيم وفقًا لقواعد القانون الدّوليّ ؟

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى