المركزية و الطابور

كتبه: أحمد عبد القادر المحامي

– مين أخر واحد في الطابور يا أساتذة – بقولك ياباشا انا وراك هعمل حاجه وهرجع تاني – ونبي ابقي رنلي لما نقرب كلمات لا نسمعها الا في محكمنا أنه الطابور ياسادة وهذا النظام الطابوري مفعل ليس فقط في المحاكم وأنما يمتد ويتشعب في كثيرا من المصالح والمؤسسات الحكومية أو الغير حكومية التي تلقي رواجا في التعامل مع الجمهور وحديثا أستبدل الطابور في مصر بنظام اخر وهو الطابور المميكن وهو انك تاخد رقم وتنتظر رقمك حتي ياتي عليك الدور . في حين ان بعض الدول اصبحت تقوم باعمالك وانت علي سريرك امامك الكمبيوتر الخاص بك او حتي من هاتفك النقال .
– حديثي اليوم لم يختلف كثيرا عن كل حديث أطرحه علي حضرتكم فقد بدائنا سويا بالحديث القانوني وسنستمر فيه مقالي اليوم هو عن الزحام نعم الزحام الناتج عن المركزية في بعض المؤسسات القضائية . اقصد هنا بالمركزية أن يناط لجهة واحدة في مكان واحد بتقديم خدمتها لكافة ربوع الجمهورية والدولة باسرها .
– محكمة النقض :- هذا الكيان العظيم الذي تربينا علي أحكامه وأستقينا منه خبراتنا وكم من احكام لهذة المحكمة العظيمة تعلمنا منها ومازالنا نتعلم منها ونستند إليها أو نميل لها عند كتابة مذكرات الدفاع . هل يعقل ونحن في الالفية الثانية وفي العقد الثاني منه أن يكون لمحكمة النقض مقرا واحد فقط لاغير هذا الكيان العريق يستقبل كافة الطعون بالنقض من كل بقاع الجمهورية لما لا تفك تلك المركزية التي فيها مشقه للطاعن وللمحكمة التي تنظر الطعن فهناك سلبيات مترتبة علي وحدنية مقر النقض .
– فالنسبة للطاعن :- يجب علي كل من يرغب في أيداع طعنا بالنقض أن يقدمه لمحكمة النقض بالقاهرة أي أن الطاعن الذي يرغب بقيد طعنه وهو في أسوان يجب عليه أن يحضر للقاهرة ونقيس علي ذلك كافة محافظات الجمهورية . اليس هذا مشقه وتكبد مصاريف علي الطاعن .
– أما السادة قضاة المحكمة :- تعلمنا من أحكامكم الكثير والكثير أحكامكم منابر نور تضئ لنا طريقنا ولكن أزدحام ساحات محكمة النقض بالطعون الواجب البت فيها لهو من المشقة علي سيادتكم .
– كثيرا ما سمعنا عن طعن ظل سنوات حبيسا بين الطعون منتظرا دوره ليطلع الي النور حتي مات صاحبه قبل الفصل في طعنه كثيرا ما سمعنا عن متهمين قضوا عقوبتهم وبعد قضاء العقوبة قضت محكمة النقض بالغاء الحكم .
– مركزية المصالح الحكومية وأخصها القضائية يجب أن تتغير لماذا نقسوا علي قضاة محكمة النقض بهذا الكم والزخم من الطعون التي يجب أن ينظروها – لماذا نحرم الطاعن من حقه الدستوري
( حق التقاضي ) اليس هناك كثيرا من المتاقضين الذين لم يقدموا طعنوهم نظرا لابتعادهم عن مقر المحكمة ( يعني المحامي اللي في اسوان يركب القطار ياخد يوم سفر ويوم يودع الطعن ويسافر تاني في نفس اليوم مساء ليعود لمحافظة أي أن ايداع الطعن سيكلفه ثلاثة ايام من العمل الشاق ) اليس هذا مشاقة كبيرة وتكبد مصاريف علي المحامي . رفقا بشيوخ المحامين . والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تنشأ مأموريات لمحكمة النقض في كل محافظة مثل مأموريات الاستئناف المنتشرة علي مستوي الجمهورية حتي يكون هناك سرعة في الفصل في الطعون المقدمة . فابدال حالة المركزية لمحكمة النقض وابدالها باللامركزية من شأنها تحقيق العدالة الناجزة التي يربو إليها الكافة رسالة لكل من يهمه الامر هذا هو الداء واليكم الدواء .
1. إنشاء مأموريات أخري لمحكمة النقض في أكثر من محافظة لانهاء حالة المركزية .
2. فتح قنوات اخري لايداع الطعون بالنقض عن طريق الانترنت والمتابعة من خلال الانترنت حتي يكون من السهل علي زملائنا في المحافظات الاخري ايداع طعونهم بسهولة ويسر دون مشقة أو كلل .
– حالة أخري من حالات المركزية التي يتولد عنها الطابور هيئة العلامات التجارية :- لم يختلف الحال كثيرا عنها عن محكمة النقض من حيث المركزية إدارة واحدة علي مستوي الجمهورية تقبل تسجيل العلامات التجارية حتي أن العلامة التجارية تستغرق عام لتسجيلها وعام أخر اذا رفضت العلامة ورغب صاحبها التظلم من قرار رفضها بجانب اعوام اخري للطعن امام المحكمة علي قرار الرفض أي ان في كل الاحوال لن تقل المدة المستغرقة عن تسجيل العلامة عن عام . مما يعيق ولا يتماشي مع سرعة المعاملات التجارية .
– ليس من المنطق في شئ أن يكون صاحب مشروع أو مستثمر يوقف نشاطه لاكثر من عامين او ثلاثة لتسجيل علامته التجارية حتي يستطيع انزال منتجه بالسوق مما يجعل بعض المستثمرين يرفضون الاستثمار في مصر لصعوبة الاجراءات .
– المركزية يا سادة ما عادت لها مكان الان في دول العالم بعد هذا التطور التكنولوجي يجب أعادة النظر في بعض مؤسسات الدولة لتفكيك هذة المركزية وإنهاء حالة الطابور حتي تدور الالة بسهولة ويسر .
– حسنا ما فعلته هيئة الاستثمار من تفكيك مركزيتها فبعد ان كانت مقرا واحد انشأت أكثر من مقرا لها في عدة محافظات مما سهل العمل وأنهي الزحام بجانب التطور الهائل في المنظومة تحية إجلال وتقدير لكل القائمين علي هيئة الاستثمار في هذا التطور المبدع في كل شئ . أتجاه يجب أن تاخذه الدولة لانهاء فكرة الطابور في المؤسسات الحكومية وأنهاء حالة المركزية .
– وإلي لقاء أخر في موضوعات أخري نتسامر معنا لتحلوا الاوقات ونقدم الروشتات القانونية في محاولة مني ومنكم علي ايجاد حلول للمشكلات التي نتعرض لها انتظروا مقالي القادم .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى