أزمة كورونا .. والتكافل الواجب بين المحامين

بقلم: د. حمدي أبو سعيد

تقرر في علم العمران البشري أنَّ الإنسان مدني بطبعه لا يمكن أن يعيش وحيداً بمعزل عن الاخرين، ودون أن يكون عُضواً مُرتبطاً بمجتمع من المجتمعات، والناظر في تاريخ البشرية منذ البداية يرى أنها قامت على فكرة التجمع والتعاون والتآزر فيما بين أفرادها حتى تستمر الحياة على بدائيتها وقساوتها وتمضي، ومن هُنا برزت فكرة التكافل الاجتماعي بين الناس، وقد تعددت النُّظم والشرائع التي حاولت أن تُؤسس لهذه الفكرة فاقتربت منها حيناً وفشلت أحياناً، حتى جاء الإسلام فأقام نظام الحياة في المجتمع الإسلامي النبوي والرَّاشدي القُدوة على أساس التكافل الاجتماعي بين كافة أفراد المجتمع دون تمييز ..
(1)
أهمية التكافل وأثره:
ويظهر أثر التكافل الاجتماعي وأهميته بين النَّاس في أوقات المحن والأزمات العصيبة التي تمر بها المجتمعات، ويُصبح من المناسب جداً أن نتناول هذا الموضوع بإطلالة موجزة في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العالم كله مع انتشار وباء كورونا (كوفيد – 19) عافانا الله وإياكم، وحفظ الله بلادنا وشعبنا وسائر شُعوب العالم من هذا الوباء ومن غيره .. في مثل هذه الظروف الصعبة يتنادى العُقلاء ويتنافس الخيِّرون من أصحاب الضمائر الحيَّة والقلوب الرحيمة لتطبيق وتفعيل نظام التكافل الاجتماعي بين الناس كلٌّ في مجتمعه أو مؤسسته إلى أن يتعافى المجتمع وتمر الأزمة على خير .. وهذه ظاهرة مُتميزة تظهر بوضوح في المجتمعات الحيَّة الناضجة التي تتبارى لتبني هذه القيم وتعتبرها جُزءاً أصيلاً من ثقافتها وقيمها الحضارية الضاربة بالجذور في أعماق التاريخ والحضارة، وسُلوكاً حضاريّاً راقياً يُعبر عن عظمة شخصيتها ..
(2)
ضرورة التكافل بين المحامين
ولما كان الحديث مُوجَّهاً هُنا إلى السادة المحامين، باعتبارهم أولى الناس بالسعي إلى تطبيق نظام التكافل الاجتماعي فيما بينهم، مع ضرورة أن تُبادر النقابة العامة والنقابات الفرعية إلى القيام بهذا تخفيفاً لمعاناة بعض المحامين المتضررين من هذه الأوضاع ، ومعهم أعداد كبيرة من الشباب المتدربين والمبتدئين في ممارسة المهنة؛ وفيهم أصحاب ظروف صعبة، وهنا يُصبح تطبيق نظام التكافل فريضة وضرورة وليس فضيلة ..
والأصل أن تُبادر النقابة العامة والنقابات الفرعية إلى ذلك، فلمَّا كان الوضع بهذه الصعوبة، فإنه ينبغي أن تتضافر كافة الجهود، ويتعاون المحامون مع النقابة ومع زملاءهم غير القادرين .. فينبغي -بل يجب- أن يتجرد ويتعفف القادرون على طلب أي مُساعدة من النقابة، فليس من اللائق –أبداً- في حق قادر أن يمد يده أو لسانه بطلب مساعدة لا تجوز شرعاً ولا عقلاً في حقه، يُحاول أن يقتطعها من حق زميله المحتاج، خاصة وقد رأينا جميعاً كثافة وحجم المطالبات اليومية التي تُطالب النقابة العامة والفرعيات بمساعدة المحامين بأنواع من المساعدات أو إقراضهم بعض المال .. وغير ذلك من المطالبات الكثيرة، وبعض هذه المطالبات ليست حقيقية بل هي مُطالبات تعجيزية بقصد التعجيز والإفشال المتعمَّد وإظهار معالي النقيب والمجلس الجديد المنتخب في صورة العاجز عن تلبية احتياجات المحامين في وقت الأزمة وغيرها من المكايدات المكشوفة .. وهذا حرامٌ شرعاً وعقلاً ويدل على تدني أخلاقي مرفوض لا يليق بمحام درس الشريعة والقانون يُدافع عن الحق وينشد العدل ويسعى إلى تطبيق القانون في ظل محنة صعبة وأزمة عاصفة وجائحة يموت النَّاس فيها واقفين على أقدامهم، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله..
لا بد من التجرد والإيثار والتعاون على البر والتقوى وليس التعاون على الإثم والعدوان؛ والله جلَّ وعلا قد طلبها منَّا في كتابه الكريم؛ فقال سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة: 2] .. فكما نُطالب النقابة بالقيام بمسؤوليتها تجاه زملائنا المحتاجين، ينبغي -بل يجب- أن نقوم بدورنا أيضاً مُتعاونين مع نقابتنا وزملائنا متجردين ومُتعففين عن السؤال الذي لا يليق ..
(3)
مُبادرات وصور إيجابية للتكافل:
ورغم بعض هذه الصور السلبية التي رأيناها على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد ظهرت صور إيجابية عديدة تُمثل بوادر لهذا التكافل الواجب بين المحامين بمبادرات مُقدرة ومشكورة من بعض النقابات الفرعية، حيث كانت البداية من نقابة المحامين بالمنوفية، ثم تتابعت النقابات الفرعية في عدد من المحافظات المصرية بتقديم حزمة من برامجها التكافلية لرعاية المحامين المحتاجين، ورغم هذه الجهود المقدَّرة فإن الأمر يتطلب مزيداً من الجهد والعمل لإبراز الصورة الرائعة المرجُوَّة من التكافل بين المحامين بما يليق بفرسان الكلمة وأصحاب مهنة صاحبة الجلالة “المحاماة”، والتي تصلح نموذجاً للاقتداء بين كافة النقابات المهنية والمؤسسات العامة والخاصة في الدولة ..
ليس أمامنا من حل عمليّ سوى التعاون والتكافل لنتجاوز هذه المحنة، وهذا يتطلب منَّا جميعاً مزيداً من العمل، ومزيداً من الإبداع في تقديم الحلول غير التقليدية لتطبيق نظام التكافل الاجتماعي بين المحامين وغيرهم من أبناء المجتمع ..
(4)
عظمة التشريع الإسلامي في نظام التكافل
ولمَّا كان التكافل الاجتماعي بهذه القيمة والمكانة فقد اهتم به الإسلام وجعله الأساس لبناء المجتمع القدوة، وجعل منه الضمان القوي لتماسك المجتمع، وأنَّه بمثابة أداة فاعلة في مجال رعاية الفقراء والمحتاجين وأصحاب الظروف الطارئة نتيجة الجوائح والحالات القهرية، وتوفير متطلباتهم من الغذاء والكساء والدواء، وقد اعترف الإسلام بالتفاوت بين الناس في الأرزاق؛ حيث قال الله تعالى: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) [النحل: (71)]، ولكنَّه أسس المجتمع على أساس التكافل والرحمة، وأرسى مبدأ العدالة الكاملة في اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) [النسا: (32)] ..
و التكافل الاجتماعي في الإسلام يقوم على بناء فكري مُتكامل، له أساسه من العقيدة، ومن المنظومة الأخلاقية الإسلامية، التي تسعى إلى تحقيق التعاون وترسيخ الأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال التكافل والتراحم فيما بينهم .. وهكذا نرى أن التكافل في الإسلام فريضة وليس مجرد فضيلة، وأنه حق وليس منحة، كما أنه أحد موازين العدالة المجتمعية ..
هذا هو نظام الإسلام وهذه هي شريعته التي سبقت كافة الشرائع والنُّظم في تأسيس المجتمع على أساس التكافل والرَّحمة بين أفراده ..
و نظام التكافل في الإسلام يشمل الإحسان إلى الأهل والأقارب والمبادرة إلى تلبية مطالبهم، والبر بهم والإنفاق عليهم، قال صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)) [رواه الترمذي، برقم: (65354)، وقال حديثُ حسنٌ صحيح]، كما يشمل الجيران وزملاء العمل واليتامى والمساكين وابن السبيل الذي انقطع به الطريق وليس معه مال يُوصله إلى حيث يُريد، ويتدرج من هذه الفئات إلى المجتمع بأسره، ثم إلى الأمة كلها، بحيث تتحقق الرعاية بكل معانيها ..
(5)
تأسيس مجتمع القُدوة النبوي على التكافل والتراحم
ونظام التكافل في الإسلام، يعني التزام القادر من أفراد المجتمع تجاه أفراده, قال الله تعالى في وصف جيل القدوة المبارك من الأنصار الذين أحسنوا استقبال وإكرام إخوانهم المهاجرين: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9] ..
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْل مِن زَاد فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ، قَالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ اَلْمَالِ مَا ذَكَر، حَتُّى رَأَيْنَا أَنَهُ لاحق لأَحَدٍ منا فِي فَضْل)) [صحيح مُسلم؛ برقم: (11313)] ..
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤولية الأمة والدولة والمجتمع عن كل فرد مُحتاج فيها، فيما يُشبه الإنذار والتحذير والوعيد القوي لكافة أفراد المجتمع: ((لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ)) [صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري] ..
وفي مستدرك الحاكم وصححه الذهبي: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَا ءَامَنَ بِي مَنْ باتَ شَبْعانَ وَجارُهُ جائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ)) ..
ومعناه كما قال العلماء: ليس المؤمن الكامل بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم، لإخلاله بما توجب عليه في الشريعة من حق الجوار، والمراد نفي كمال الإيمان وذلك؛ لأنه يدل على قسوة قلبه، وكثرة شُّحه وبُخله وسقوط مروءته ودناءة ورداءة طبعه ..
وقد أرسى الرسول صلى الله عليه وسلم مفهوم التكافل بين أفراد المجتمع الإسلامي الأول وجعله حقيقة يتعاون فيها الناس بعضهم مع بعض وتتكاتف فيها الجهود حتى يتراحم أفراده فيما بينهم، ويحصل كل فرد على حاجاته الضرورية بقدر كفايته وفق ضوابط عادلة، ولا شك أن استعادة هذه المظاهر الإسلامية في حياتنا المعاصرة تُعد مطلباً جوهرياً وسفينة إنقاذ للأوضاع الصعبة في علاقة الناس بعضهم مع بعض، وتأميناً للمجتمع من أي اهتزازات أو اختراقات تُهدد أمنه وسلامة أفراده ..
فما أحوجنا والظروف صعبة، والحال هكذا إلى أن نهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهدي الخلفاء الراشدين، وما رأيناه عبر عصور الحضارة الإسلامية العظيمة من صور ونماذج رائعة في إحياء سنة التكافل الاجتماعي حتى تحيا الأمة على التعاون والتضامن، ومشاركة القادرين من أفرادها لغيرهم من المحتاجين ..
والحضارة الإسلامية زاخرة بهذه الينابيع والصُور التي تُغَذِّي جانب التكافل في المجتمع الإسلامي؛ لأنَّ الإسلام لم يكن لِيَحُثَّ على التكافل والتعاون دون أن يُوجِدَ القنوات التي من خلالها يستمرُّ الدعم ويتأكَّد الاستمرار لهذه الجوانب المهمَّة ..
ومن هذه المنابع المتجدِّدة التي حرص الإسلام عليها، وجعلها كفيلةً ببقاء التكافل والتعاون على البر والتقوى واقعًا عمليًّا في المجتمع: الزكاة، والصدقة، والوقف، والنذور، والكفَّارات، والأضاحي.. وغير ذلك من صور التكافل الاجتماعي وينابيعه المتعددة في الشريعة الإسلامية المعجزة ..
(6)
عود على بدء .. والتكافل الواجب بين المحامين:
وبناء على هذا .. فإني أقترح على النقابة والسادة المحامين، ما يلي:
1 – أهمية تأسيس صندوق للتكافل الاجتماعي، يكون بنظام الاشتراك السنوي عن المحامي وأسرته بنظام الأسهم، أو حسب رغبته، على أن يكون قيمة السهم 100 جنيه عن المحامي وعن كل فرد من أفراد أسرته، فإن احتاج يوماً ما إلى مُساعدة من الصندوق فبها ونعمت، وإن لم يحتاج إلى مساعدة بسبب ستر الله له، فليحمد الله ويشكره، ويعتبر أنَّ الله قد عافاه بصدق تعاونه على البر والتقوى مع زملائه المحتاجين، على أن يلتزم ويتعهد كُلُّ مُحام بأنه لن يطلب مساعدة هو ليس في حاجة إليها .. و على أن يُسمح بفتح الباب لتلقي تبرعات المحامين وأسرهم لهذا الصندوق ..
2 – جعل نظام الاشتراك في العلاج إلزاميّاً لجميع المحامين، مُساعدة من الذي عافاه الله من المرض لأخيه المُبتلى بالمرض شفى الله الجميع وعافاهم .. على أن يُسمح بفتح الباب لتلقي تبرعات المحامين وأسرهم لنظام العلاج .. وبالطبع فإن هذا القرار بعد دراسته وتطبيقه سيكون له أثره الكبير في زيادة موارد العلاج ..
3 – ينبغي بل يجب أن يتعاون المحامون القادرون مع النقابة العامة والنقابات الفرعية، بأن يتعففوا عن الاستفادة من أي خدمة من خدمات التكافل الاجتماعي قد أغناهم الله عن الاحتياج إليها، بل ينبغي أن يُبادروا إلى التبرع إلى صندوق التكافل الاجتماعي المقترح ..
4 – ينبغي بل يجب على أصحاب الحاجات والظروف الطارئة أن يُحسنوا الطلب بكُلِّ أدب، وبدون صُراخ أو ضجيج .. وبعيداً عن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن لا يأخذ الواحد منهم أكثر من حاجته حتى يدع المجال لغيره ممن هم في حاجة مثله أو أشد، وعند تعذر الوفاء بحاجته يأخذ ما يُسير حياته ويدع المحال لأخيه أو زميله الأشد حاجة ..
5 – فتح المجال للسادة المحامين العاملين في الخارج للتبرع لصندوق التكافل الاجتماعي المقترح خاصة والغالبية العظمى منهم مؤيدون ومحبون لمعالي النقيب الفقيه رجائي بك عطية، وأعرف عدداً منهم على استعداد لتلبية الدعوة متى وُجهت إليهم ..
لا مناص من العودة إلى أخلاقيات المهنة وآداب التعامل الراقي بين الزملاء .. لا بد من العودة إلى الزمن الجميل الذي كان فيه التعاون والتكافل وحُسن الخلق واحترام الكبار والشيوخ هو العنوان الأبرز الجميل الذي يحيا المحامون الأوائل في ظله .. ويوم يعود فيه المحامون إلى قيم وآداب وأخلاقيات وعلم وثقافة وتحضر زمن المحاماة الجميل .. يوم تعود المحاماة فيه قوية عزيزة شامخة، نراه قريباً بمشيئة الله تعالى، وقد استبشر الجميع بمعالي النقيب رجائي بك عطية خيراً، والحمد لله رب العالمين .. والله من وراء القصد؛؛؛

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى