ومضة قانون ( 64 ) ” مَحكَمَة الفيسبوك “

بقلم: الأستاذ/ أحمد خميس غلوش

إنّ تحقيق العدالة أمرٌ مقدّس، يحرص المُشتغلون بالقانون دومًا .. علي صعود جبالها الشّمّاء ؛ من أجل الإدراك _ بَيْدَ أنّ القانون هو ذلك الكائن الحيّ المُتعايش مع الأفراد الّذي ينظّم ، ويعيد ترتيب بعض الأمور وتقود صياغاتُه العديدَ من العلَاقات ، وكذا سائر التّعاملات داخل كِيانهم المجتمعيّ .

وثمّة تعاملات وعلاقات يوميّة على كوكب الفيسبوك ووسائل التّواصل المجتمعيّ المتنوّعة ، ولو طالعنا جزءًا من هذه المنشورات ؛ لوجدنا أنّ بعض الّذين يكتبون ويعلّقون على الأحداث الجارية .. أصبحوا في بوستاتهم .. علماءَ ومفكّرين ومثقّفين ورجالَ قانونِِ وسبّاكين ومشايخ وسياسيّينَ وأطبّاء ونجّارين وإعلاميّين وحدّادين وخيراءَ دستوريّين وجزّارين ومهندسين وأساتذة جامعات وطبّاخين ومحلّلين، وغيرهم في كافّة الأمور، بل ويتفاخرون بتقديم استشاراتهم الفيسبوكّيّة للكلّ .

كلّ هذا دون التّبحّر ولو قليلًا ، في جوهر المنشور ومدى تأثيره عليه قانونََا أوّلًا ، ثمّ انعكاسه على المجتمع ثانيًا .
وترجمة ذلك .. إذا قِسنَا أو دلّلنا مثلًا على بعض القضايا والجرائم الّتى يتمّ تداولها الآن على صفحات الفيسبوك ؛ فإنّهم ينصّبون أنفسهم قضاة َويلقون بفتواهم وتعليقاتهم على الضّحايا أو الجانين ، دون علمِِ أنّهم بعملهم هذا سيقعون تحت طائلة العقاب والمساءلة ، ويفعلون أمورًا من شأنها التّأثير على سير الدّعوى أمام الجهات القضائيّة .

فثمّ موادّ قد وُضِعت لذلك في قانون العُقوبات المصريّ رقم 58 لسنة 1937 م ، تحديدًا .. الباب الرّابع عشر منه ، تحت عنوان : ” الجرائم الّتي تقع بواسطة الصّحف وغيرها ” .. كالتّالي :
قالت المادّة (187) :
يعاقب بنفس العقوبات كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أموراً من شأنها التأثير في القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام أية جهة من جهات القضاء في البلاد أو في رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بتحقيق أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو في ذلك التحقيق أو أموراً من شأنها منع شخص من الإفضاء بمعلومات لأولي الأمر أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده.
ونادت المادّة (188) :
يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الغير, إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
بينما المادّة ( 189) :
يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى في الدعاوى المدنية أو الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية.
واستكملت المادّة (190) :
في غير الدعاوى التي تقع في حكم المادة السابقة يجوز للمحاكم نظراً لنوع وقائع الدعوى أن تحظر في سبيل المحافظة على النظام العام أو الآداب نشر المرافعات القضائية أو الأحكام كلها أو بعضها بإحدى الطرق المبينة في المادة 171، ومن يخالف ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وأضافت المادّة (191) :
يعاقب بنفس العقوبات كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى في المداولات السرية بالمحاكم أو نشر بغير أمانة وبسوء قصد ما جرى في الجلسات العلنية بالمحاكم.
ثُمّ جاءت المادّة (193) :
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها:
(أ) أخباراً بشأن تحقيق جنائي قائم إذا كانت سلطة التحقيق قد قررت إجراءه في غيبة الخصوم أو كانت قد حظرت إذاعة شيء منه مراعاة للنظام العام أو للآداب أو لظهور الحقيقة.
(ب) أو أخباراً بشأن التحقيقات أو المرافعات في دعاوى الطلاق أو التفريق أو الزنا.
أخيرَا : رسالة إلى محكمة الفيسبوك .. لا تسرعوا في نصب المِشنقة !
حفظ الله الوطن .

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى