وداعا للخط الرديء في التحقيقات

 

بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي المحامي

أعلنت النيابة العامة، بدء كتابة التحقيقات في كل القضايا إلكترونيا على مستوى الجمهورية، بدلا من النظام اليدوي المعمول به حاليا.

يحقق هذا القرار عدد من الفوائد نحو مزيد من تحقيق العدالة الناجزة، عندما تبدأ في الاطلاع على تحقيقات النيابة في المحاضر الخاصة بعملك، تصطدم في أغلب الأحوال برداءة الخط المسطر به المحضر، فتبدأ المعاناة في فك طلاسمه، وقد تعجز عن قراءة بعض الكلمات التي قد تساعدك في الحصول على البراءة أو تضيع حقوق المجني عليه . غالبا ما تكون رداءة الخط مقترنة بالأخطاء الإملائية.

من الطريف، في إحدى القضايا التي توليتها، في مرحلة الاستئناف، أن التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة بسؤال الشهود كان هو الأساس الذي بنت عليه المحكمة حكمها، وبدأت في قراءة ملف القضية لأبحث عن الثغرات، وانقب عن عوار الإجراءات، وكانت المفاجأة، أن الخط الذي سطر به التحقيق عبارة عن طلاسم بصعب قراءتها.

ولم أستطع تمييز كلمة واحدة من التحقيق، سوى كلمة، من وعن، فطلبت من المحكمة الاستئنافية إعادة التحقيق لعدم القدرة على قراءة التحقيق، وفوجئت برئيس الدائرة وقد استجاب لطلبي، فبادر محامي الخصم بطلب، وهو استدعاء السكرتير لقراءة خطه الذي سطر به التحقيق، إلا أن المحكمة لم تستجب لطلبه باستدعاء صاحب هذا الخط الرديء، لأنه قد سبق استدعائه في إحدى المرات ولكنه لم يستطع قراءة خطه وأعادت المحكمة التحقيق وقضى فيها لصالح موكلي.

قد يستغل البعض من معدومي الضمير رداءة الخط الذي تحتمل كلماته أكثر من مني لتطويع القضية لصالحة بحسب أن الأحكام تبني على الجزم واليقين وليس على الشك والتخمين.

أحسنت النيابة العامة صنعًا بهذا التوجه الذي يحسم مسألة وضوح التحقيقات، ويوفر القدرة على نسخ المحضر بسهولة والاحتفاظ به، على الحاسب الآلي بعض طباعته، لتضمن عدم التلاعب فيه أو التعرض للإتلاف، كما أن ذلك يوفر الوقت بسرعة التعامل مع الحاسوب.

وتبقى إشكالية الأخطاء الإملائية، التي كانت تستتر في رداءة الخط، مما يتطلب مراجعة ذلك بتدريب السكرتارية وتعليمهم أصول قواعد الإملاء وليس في هذا عيب، بل تطوير وارتقاء بمستوى السكرتارية.

إن هذا التوجه المحمود الذي ستنتهجه النيابة العامة، يجب أن يمتد لمحاضر جمع الاستدلالات التي يتم تحريرها بمعرفة أقسام ومراكز الشرطة، لتحقيق خطوات غير مسبوقة نحو المزيد من تحقيق العدالة الناجزة.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى