نظريه اليقين الجنائي من البراءة حتى الإدانه

بقلم: محمد رفعت العبد

لا شك ان ارتكاب الظلم جرم عظيم بل ان المشاركه فيه اثم بل والادهي ان الصمت عليه وعن ادانته ذنب عظيم … وقد قال الله تعالي علي لسان رسوله الكريم “ياعبادي ان حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بين الناس محرما فلا تظالمو”
ما اروع ما قررته محكمتنا الدستوريه العليا من ان افتراض البراءه في الانسان لا يتمخض عن قرينه قانونيه وانما يؤسس علي الفطره التي جبل الانسان عليها فقد ولد حرا مبرأ من الخطيئه او المعصيه ويفترض علي امتداد مراحل حياته ان اصل البراءه مازال كامنا فيه مصاحبا له فيما يأتيه من افعال الي ان تنقض محكمه الموضوع بقضاء جازما لا رجعه فيه هذا الافتراض ….. ومن هنا وان كانت القوانين التي تنظم شئون العداله الجنائيه في غالبيه الدول قد افترضت ان اصل البراءه في الانسان عموما والمتهم خصوصا هو مجرد قرينه الا اننا نعتقد ان هذا الاصل ليس قرينه قانونيه كما استقرت عليها التشريعات بل يقين ولا ينبغي ان يزول الا بيقين مثله او اكبر منه ولعل محكمه النقض المصريه قد انتهجت هذا الرأي ضمنيا واعتبرته مبدأ قضائيا تسير علي منواله المحاكم الجنائيه حينما قررت في غالب احكامها ان احكام الادانه يجب حتما ان تبني علي يقين ….. كما ان المشرع الجنائي نفسه تناقض مع نفسه حينما كفل للمتهم حقوقا ما اكثرها تؤكد نظريه اليقين واهمها حق المتهم في الصمت وان عبء اثبات الدعوي الجنائيه علي النيابه العامه وان الشك يفسر لصالح المتهم دائما وغيرها من الحقوق ولعل القاعده العامه من احكام القضاء المصري قد سطرت احكاما عمليه تؤكد فيها علي ان البراءه ليست قرينه قانونيه فقط ولكنها الاصل واليقين وان كان اتجاه ضمنيا فنجد ذلك في ان جل الاحكام الجنائيه استقرت علي انه لا يجوز للمحكمة أن تتخذ من غياب المتهم أثناء المحاكمة قرينة كافية للحكم عليه دون وجود دليل اذا ما قضت بالادانه بل انها اهدرت اهم واقوي قرينه عمليه وهي تحريات المباحث اذا لم يعضدها دليل وقررت انها مجرد اقوال لا تعبر الا عن رأي مجريها واعتقد ان محكمه النقض قد نقضت غالب الاحكام التي استندت في ادانه المتهم الي قرينه فقط دون وجود دليل يقيني في اوراق الدعوي وكأنها تصرخ عاليا يا رجال القانون البراءه ليست قرينه لانها لو كانت قرينه فمن الممكن ان تزول البراءه كقرينه اذا كانت هناك قرينه مثلها في الاوراق او قرينه اكبر منها.
اخيرا اري اننا نحتاج الي تعديل تشريعي يحض ويؤكد علي يقين البراءه فكم من برئ ادين بتلفيق مدع واختم قولي بكلام رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه “ادرؤوا الحدود بالشبهات عن المسلمين ما استطعتم فأن كان له مخرج فخلو سبيله فان للامام ان يخطئ في العفو من ان يخطئ في العقوبه “رواه الترميذي.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى