من منظور آخر.. قراءة في حكم منع النساء دون الأربعين من الفنادق

بقلم الأستاذ / حسام شبل همام المحامي 

قرأنا على وسائل التواصل الاجتماعي أخبار شهادات من نساء منعن من الإقامة في فنادق في مصر لأنهن كن بمفردهن، بحجة أنها تعليمات أمنية لكن الأمر تحول إلى جدل عقب حكم لمحكمة القضاء الإداري ، فاعتقد البعض أنه يمس حريات المرأة في المجتمع المصري.

المتابع للصفحة الرسمية لموقع نقابة المحامين على فيسبوك ، يرى تداعيات حكم محكمة القضاء الإداري التي قضت فيه المحكمة مساء أمس بعدم قبول الدعوى المقامة من زميلان محاميان، لوقف تنفيذ وإلغاء التعليمات الأمنية والتنبيهات الصادرة من وزارة الداخلية للفنادق والبنسيونات وجميع المنشآت ذات الصلة وبالأخص فنادق النجمة الواحدة والثلاث نجمات بعدم السماح للسيدات المصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة، بتسجيل الوصول بمفردهن والإقامة دون أزواجهن أو أقاربهم من الذكور.

يرجع السبب وراء تلك الدعوى إلى أن عدد من عضوات المركز المصري لحقوق المرأة، تعرضن في أغسطس 2021، للمنع من الإقامة في بعض الفنادق بالمحافظات، دون مرافق، حيث أخبرهن القائمون على تلك الفنادق أن إدارات المباحث الجنائية بتلك المحافظات أصدرت تعليمات أمنية تحظر بموجبها إقامة السيدات المصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي تقل أعمارهن عن 40 سنة، في تلك الفنادق دون أزواجهن أو أقاربهم من الذكور.
رأت الدعوى أن تلك التعليمات تتضمن ‎تمييز واضح ومخالفة للدستور والقانون، بالنظر إلى حق النساء دون سن الأربعين في النزول في الفنادق بدون محرم.

وطالبت الدعوى  المقامة من المحاميين، رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ووزارة السياحة بإصدار تعليمات للفنادق بكافة أشكالها ودرجاتها بقبول إقامة النساء المصريات بدون أي تمييز عن الذكور و إلغاء كافة العراقيل.

استندت الدعوى في رفض تلك القرارات الى مواد الدستور ومنها المادة 11 وبها تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع المجالات دون تمييز بسبب الجنس أو لأى سبب آخر وأن الدولة تلتزم بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف  و المادة 53 وبها حظر التمييز بأشكاله وأن التمييز جريمة يعاقب عليها القانون  وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز ثم المادة 62 وبها حرية التنقل  والإقامة.

الأن قد يصبح القارئ لهذا الموضوع في حيرة من أمره ، ويتسائل .. هل هناك تعليمات بشأن إقامة السيدات في الفنادق ؟ وما سبب بيان الداخلية ؟ وما الذي يؤكده حكم محكمة القضاء الإداري .

عزيزي القارئ.. الحفاظ على أمن واستقرار البلاد مهمة كبيرة تتولاها الدولة المصرية بكافة مؤسساتها ، وتستدعي قرارات هي في ظاهرها قد يعتبرها البعض تمييز بين الرجل والمرأة ، لكن في باطنها مهمة قومية وترتيبات لمنع الجرائم .. ألم تسمع في الفقه الإسلامي عن أن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».

لقد تولينا الدفاع عن المرأة في العديد من المحاضرات والمبادرات التي تتصل وحقوقها سواء الدستورية والقانونية أو العائلية وغيرها من الحقوق ، لكن حق الوطن هو أكبر من حق أي إنسان.. وآن الآوان للدفاع عنه في منصتنا القانونية عبر النقابة العامة للمحامين قلعة الحريات في مصر .

هذه التعليمات التي أصدرتها وزارة الداخلية المصرية وأقرتها الآن المحكمة في حكمها إنما هي حفاظ على استقرار البلاد ، وليست تمييزا ضد أحد ، وليست انتقاصًا من حقوق أحد دستورا أو قانونًا .

سؤال أخير .. ماهي ضوابط الاستمتاع بالحريات والحقوق؟ وهل من حق كل إنسان أن يمارس حرياته بالشكل الذي يريده من دون مراعاة لحقوق الآخرين؟ وما الحكم لو أساء إنسان ممارسة حق من حقوقه، وتجاوز القيم والأخلاق الضابطة للسلوك العام تحت ستار الحرية؟

هذا السؤال لك سيدي القارئ إذا استطعت الإجابة عليه ستفهم المغزى من موضوع مقالنا اليوم.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى