مصر الكبيرة !

بقلم: أحمد سلام

إنه التاريخ إذا تكلم كي يستقيم الإعوجاج في زمن صار فيه من الصعب أن تلزم الصمت ليس تعرية لعاق جاوز المدى، بل للتذكير أن قدر الكبار دوام تجرؤ الصغار لنقص يلازم وافتقار إلى شموخ الكبار الذي يجعل الترفع أسلوب حياة لم تعد تحتمل ملاحقة كل من عقر، يكفي هنا أن القافلة تسير مهما طال المسير وسيظل الصغير مهما وقف أمام المرآة متعملقا في موضع الضئيل أمام نفسه وإن جلس العمر يحصي سبائك الذهب إنما معدن البشر في الأخلاق وإن توارت لنقص لايفارق فمن لديه نقصا يعرف السبب .
قدر مصر أن يستشهد ذات يوم رئيسها ويطلق صغار العرب الرصاص ابتهاجا لرحيل الرئيس السادات رغم أنه الأوحد الذي لقن إسرائيل درس العمر في حرب أكتوبر المجيدة وعندما سعي للسلام أفسح مكانا لاشاوس فلسطين كي يتفاوضوا تحت مظلة مصرية لاسترداد أرض عربية افترستها إسرائيل جهارا نهارا في حماية القوي العظمي التي تدير العالم من موقع القوة حيث لامكان للضعفاء.
توحدت معظم الدول العربية ضد مصر وقاطعتها بعد زيارة الرئيس السادات للقدس وظهر مايعرف بدول الصمود والتصدي ضد مصر.
قدر مصر أن تساعد دول الخليج في التحول من مرحلة البادية إلي مرحلة المدنية من خلال معلميها وأبنائها خلال نصف قرن مضي كانت فيه تلك الدول نسيا منسيا .
حتي أوائل الستينيات كانت كسوة الكعبة مصرية تذهب إلي الأراضي الحجازية في المحمل في موكب يؤرخ لزمن من المستحيل أن ينساه أحد .
حتي وقت قريب كانت هناك أيضا التكية المصرية التي أنشأها محمد علي لإطعام كل من في الأراضي الحجازية من خبرات مصر التي كانت ترسل الخبز لإطعام الفقراء وتدعم كيانات أقل من مسمي الدولة فقط من باب البر وليس الخيلاء.
مصر في الخليج داعمة لامارات ترعاها الدول الاستعمارية وعندما استقلت وجدت مصر الكبيرة تقودها نحو الخطو علي الأرض كمن يتعلم المسير بعد مفارقة الحبو.
في أثناء التواجد المصري في اليمن أوائل الستينيات كانت السعودية ترسل اجولة بالدولارات لدعم القبائل ضد الجيش المصري .
التجرؤ علي مصر من السعودية والعراق وسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية قوبل بالتسامح لأنها مصر الكبيرة .
عندما تم غزو الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990 كانت مصر في صف الكويت ضد العراق وقد خرج شعب الكويت وبالطبع الأسرة الحاكمة هاربين إلي خارج الكويت وكانت مصر ملاذا وسندا حتي عادت الكويت من جديد حرة مستقلة.
التطاول علي مصر دوما من الكويت وتقف الدولة الكويتية في موضع المتفرج أمام شتائم الصغار في الاعلام أو مجلس الأمة.
… القرار الأخير بمنع المصريين ضمن جنسيات أخري من دخول الكويت تحت مسمي تداعيات فيروس كورونا لم يمتد إلي الأمريكان رغم أن الإصابات في ازدياد يومياً وانحسار المرض في مصر.
الكويت التي ذهب الجيش المصري لتحريرها علامة استفهام والمبتغي نقطة نظام تتمثل في منع المصريين من السفر إليها والعكس .
مصر الكبيرة تحملت وتتحمل وقد ضاق شعبها من التصرفات الكويتية الرسمية والشعبية .

مسافة السكة نحو الكويت مستقبلاً مستحيل .!
مصر لن تعاير ..المعاملة بالمثل ..كفي عند هذا الحد .. إنها مصر الكبيرة التي ضاقت من سوء فعال الصغار .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى