ما هو دور نقابة المحامين المصرية في الدفاع عن اللاجئين؟

إعداد: أنس محمد عبد الرحمن محامي وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص للاجئين

 

إن الإنسان لا يكون إنسانا إلا بحقوقه فإن امتلكها كان كامل الإنسانية، وإن أُنقص من إحداها كان في ذلك إنقاص من إنسانيته؛ ولهذا تعززت حماية حقوق الإنسان في مواجهة الانتهاكات التي عانتها الشعوب من الأنظمة المستبدة ومواجهة ما أفرزته الحروب من آلام وويلات ودمار، بمواثيق وآليات لصيانة وحماية هذه الحقوق والحريات.

يعتبر اللجوء  ظاهرة قديمة يرتبط علميا بالظلم والاضطهاد والقهر ، فقد شهد العالم منذ القدم التدفقات الكبيرة للاجئين بحثا عن ملاذ آمن يحميهم من الخطر الذي كان يحيط بهم نتيجة للصراعات والحروب .

وهكذا اقترن وجود هذه الظاهرة بالشعور بالخوف والهرب والفرار إلى مكان أمن يضمنون فيه الحفاظ على حياتهم والعيش بسلام وأمان وكما هو معلوم أن العنف والقوة والتشدد كانت هي القانون السائد لدى الجماعات البدائية ، فالجريمة كانت عقوبتها الثأر من الجاني إرضاء للانتقام الفردي الأعمى ، فالحياة لدى تلك الجماعات مرت بسلسلة طويلة من الجرائم وإراقة الدماء ، وكان الدين هو الوسيلة الوحيدة الممكنة للتدخل من أجل التخفيف من قسوة هذه القوانين .

وقد ظهرت حالات اللجوء الأولى لدى الإنسان الضعيف عندما أعتصم بالجبال والمغارات وأعالي الأشجار سواء ضد أخطار الطبيعة أو ضد هجمات الحيوانات المفترسة، كما عرف الهروب إلى خارج جماعته باعتباره وسيلة للنجاة من بطش الأقوى وانتقامه منه، وقد نشأ في داخل كل جماعة مكان معين أعتبره الناس بحسب عقائدهم ذا حرمة خاصة بحيث لا يجوز انتهاك حرمته من فبل أي شخص، مما فسح المجال أمام الإنسان كي يجد لنفسه ملاذا يأوي إليه ليحميه ضد انتقام خصومه وغلوهم.

وعرفت مصر اللجوء منذ عهود الفراعنة، وذلك بإيوائهم اللاجئين وتوفير الحماية لهم، وتشهد بذلك البرديات والنقوش التي وضعت تخليدا لذكرى الاعتراف لبعض المعابد المصرية الموجودة على جدران معابد “إيزيس، وحورس، وتوت، ونفروا هيرون”، بامتياز منح الملجأ للمستضعفين ومرتكبي الجرائم غير العمدية والمدينين لغير الخزانة العامة، وفضلا عن ذلك فإن هناك أثارا أخرى مماثلة تدل على قيام نظام الملجأ الديني عند الفراعنة في القرون الأخيرة قبل الميلاد، والتي سجلت حق اللجوء للضعفاء مع ضمان عدم المساس بهم، أو طردهم بالقوة.

وكانت مصر كذلك ملجأ لأنبياء الله (عليهم السلام) من الاضطهاد، إذا لجأ (أبو الأنبياء) سيدنا |إبراهيم عليه السلام إلى مصر ليستظل بأمنها، بعد الاضطهاد الذي تعرض له على يد أبناء قومه.

ويشهد العالم أعلى مستويات التشريد على الإطلاق فى الوقت الذي تتسع فيه النزاعات الدولية والصراعات المحلية والإقليمية وفى ظل الحديث عن التحولات العربية وتزداد مأساة الأفراد ليصبحوا بلا أرض ولا عنوان.

ومع حلول نهاية عام 2018، شُرد 70.8 مليون شخص من أوطانهم في جميع أنحاء العالم بسبب الصراع والاضطهاد. ويوجد بين أولئك المشردين ما يقرب من 30 مليون لاجئ، أكثر من نصفهم دون سن الـ 18.  ويوجد كذلك ملايين ممن هم بلا جنسية، ويُراد بهم من حرموا من الحصول على الجنسية والحقوق الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية والعمل وحرية التنقل.

وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة (فبراير 2020) إلى العدد الإجمالي للاجئين وطالبي اللجوء الذين يقعون تحت ولاية المفوضية من مختلف جنسيات 58 دولة لجوء في مصر: 256.632 (منهم 129.642 من دولة سوريا ،48.343 من دولة السودان، 19.382 من دولة جنوب السودان، 18.615 من دولة إريتريا، 9.158 من دولة اليمن و6.805 من دولة العراق، و6.752 من دولة الصومال، 1.657 من دول أخرى.

أولا: ماهية اللاجئين

يقصد باللاجئين الأشخاص الذين اضطروا إلى الفرار من المكان الذي يقيمون فيه داخل دولتهم إلى خارج حدود إقليمها، وذلك خوفا من الاضطهاد، لأسباب سياسية أو دينية أو عسكرية أو اجتماعية أو عرقية أو لأسباب أخرى

يعرف اللاجئ طبقا لاتفاقية 1951 بشأن اللاجئين وبرتوكول 1967 على أنه كل شخص ” يوجد خارج دولة جنسيته بسبب تخوف مبرر من التعرض للاضطهاد لأسباب ترجع إلى عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه لعضوية فئة اجتماعية معينه أو آرائه السياسية، وأصبح بسبب ذلك التخوف يفتقر إلى القدرة على أن يستظل بحماية دولته أو لم تعد لديه الرغبة في ذلك “.

وتعد اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية عام 1969  حجر الزاوية في حماية اللاجئين الأفريقيين ، فنجد إنها أعطت تحديداً وتعريفاً للاجئين أوسع وأشمل من التعريف الوارد في اتفاقية جنيف 1951 ، وهكذا فقد أضافت طائفة كبيرة أخرى من الأشخاص إلى تعريفها للاجئين ، وذلك عندما نصت على أن مصطلح لاجئ سينطبق لذلك على أي شخص ، يجد نفسه مضطراً ، بسبب عدوان ، أو احتلال خارجي ، أو سيطرة أجنبية ، أو بسبب أحداث تهدد بشكل خطير الأمن العام في جزء من البلد الأصل أو في  أراضيه كلها ، أو البلد الذي يحمل جنسيته ، إلى أن يترك محل إقامته العادية ليبحث عن ملاذ له في مكان أخر خارج بلده الأصل أو البلد الذي يحمل جنسيته، ومن بين الاتفاقيات الدولية الإقليمية ذات الصلة، هناك أيضا الاتفاقية الخاصة بتنظيم أوضاع اللاجئين في الدول العربية 1994.

فقد عرفت الاتفاقية العربية اللاجئ بأنه ((كل شخص يوجد خارج بلد جنسيته ، أو خارج مقر  إقامته الاعتيادية في حالة كونه عديم الجنسية ويخشى لأسباب معقولة أن يضطهد من أجل عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية ، أن يستظل بحماية ذلك البلد أو أن يعود إليه)) واللاجئ أيضاً حسب هذه الاتفاقية هو ((كل شخص يلتجئ مضطراً إلى بلد غير بلده الأصلي أو مقر إقامته الاعتيادية بسبب العدوان المسلط على ذلك البلد أو احتلاله أو السيطرة الأجنبية عليه أو لوقوع كوارث طبيعية أو حوادث جسيمة تترتب عليها إخلال كبير بالنظام العام في كل البلاد أو في جزء منها)).

إلا إنه وللأسف الشديد لا تزال هذه الاتفاقية غير نافذة لعدم التصديق عليها من قبل الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، إذ نصت م/ 17 منها على ما يلي ((… وتصبح هذه الاتفاقية نافذة بعد مرور ثلاثين يوماً من إيداع وثائق تصديق أو انضمام ثلث الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية)).

ولعل السبب الرئيسي في عدم دخول هذه الاتفاقية حيز النفاذ حتى ألان هو عدم انضمام معظم الدول العربية إلى اتفاقية 1951 والبروتوكول الملحق بها لسنة 1967.

ثانيا: ما هو دور نقابة المحامين للدفاع عن اللاجئين؟

لا شك أن لنقابة المحامين دور وطني في مناصرة قضايا الوطن، ودور إنساني في مناصرة كل قضايا حقوق الإنسان بوصفها المدافع الأول عن الحقوق والحريات على نحو ما ينبغي أن يكون لا على نحو ما هو كائن.

أولا: دور نقابة المحامين في حماية اللاجئين في مصر

1-إنشاء لجنة وطنية إنسانية للدفاع عن اللاجئين.

2-العمل على إصدار قانون وطني للاجئين.

3-تسهيل كافة الإجراءات القانونية لتمكين اللاجئين من الوصول للعدالة.

4-التعاون المشترك بين نقابة المحامين والأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة.

ثانيا : دور نقابة المحامين في الدفاع عن اللاجئين في الوطن العربي .

1-تشجيع جميع الدول العربية الغير المنضمة لاتفاقية 1951 على الانضمام إلى الاتفاقية

2- تفعيل الاتفاقية العربية الخاصة بتنظيم الأوضاع في الدول العربية عام 1994 .

3-إنشاء لجنة عربية موحدة مختصة بشئون اللاجئين في اتحاد المحامين العرب.

4-حث جميع نقابات المحامين العربية على إنشاء لجنة إنسانية للدفاع عن اللاجئين.

5-الشراكة والتكامل الفعال مع المنظمات الدولية للأمم المتحدة وخاصة منظمة الأمم المتحدة لشئون اللاجئين والجامعة العربية وكافة المنظمات الأجنبية المختصة لتقديم الخدمات للاجئين

6-العمل إلى تشريع قانون دولي خاص موحد للاجئين ينظم أوضاعهم القانونية.

7-تفعيل كافة الإعلانات الخاصة بحماية حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق المواطن العربي بصفة خاصة.

8-المطالبة بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى