كورونا والقانون

كتب: أحمد الضبع عثمان

يشكل القانون أهمية كبرى فى كل مكان فى العالم فهو الذى يحفظ حقوق الناس وأموالهم وحرياتهم وينظم العلاقة فيما بينهم … ومما لا شك فيه أن الوضع الحالي في ظل وجود هذا الفيروس والوباء المنتشر (كورونا) في مصرنا وجميع بلاد العالم يشكل خطراً كبيراً علي المراكز القانونية المحفوظة للأشخاص ويضر بمصالحهم ولكن فقهاء القانون والمشرعين قد وضعوا مسبقاً حلول للمشاكل القانونية تحت عناوين منها نظرية الظروف الطارئة وحالات القوة القاهرة وهي تلك الأوضاع التي نعيشها الآن وسأحاول جاهداً أن ألقي الضوء علي أهم المواضيع التي تشغل فكر الأشخاص في الوقت الراهن من الناحية القانونية وسيكون الحديث عن الأجور والمرتبات في القطاع الخاص في ظل أحكام قانون العمل الحالي {القانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٣ } وأيضا وضع الإيجارات وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين
الموضوع
يثار تساؤلاً هاماً حول الوضع القانوني لكلاً من العمال والموظفين بكلا القطاعين العام والخاص من حقوقهم وواجباتهم …؟؟
بدايةً ليس هناك إشكالية في وضع العاملين بالقطاع العام
❇ لقد أتخذت الحكومة المصرية عدة قرارات لمواجهة هذا الفيروس منها علي سبيل المثال تأجيل جلسات المحاكم وإغلاق المدارس والجامعات والسماح لموظفين القطاع العام بالعمل من منازلهم اذا كانت طبيعة عملهم تسمح بذلك وغيرها من القرارات الهامة للحفاظ علي صحة وأمن المجتمع المصرى بحَظر اي تجمعات.
لكن….. هذه القرارات لم تتطرق إلي إلزام الشركات الخاصة بالتوقف عن العمل أو منح العامل إجازة إجبارية …وقيام الأشخاص العاملين بالقطاع الخاص بعملهم يُحدث صداماً بين القرارات الصادرة عن الحكومة مثل حظر التجوال و حظر التجمعات فماذا يفعل العامل…يَمتنع عن العمل فيخسر عمله ومصدر رزقه ام أنه يعرض نفسه للمساءلة القانونية…؟!
❇مما تقدم يظهر لنا سؤالاً ..ألا وهو ما هى حقوق والتزامات كلاً من العامل ورب العمل فى ظل هذا الوباء المنتشر (كورونا)…؟؟
تقول فى ذلك المادة رقم (٥٤) من القانون رقم (١٢) لسنة (٢٠٠٣) من قانون العمل الحالي والتي تنص على أن ” للعامل الذى يَثبت مرضه أو إصابته لهُ الحق في إجارة مرضية تحددها الجهة الطبية المختصة ويستحق العامل خلالها تعويضاً عن الأجور وفقا لما يحددهُ قانون التأمين الاجتماعي ”
وإذا انتقلنا لقانون التأمين الإجتماعي لوجدناهُ يهدف إلى حماية الأفراد والهيئات من الأخطار ( المادية ) المحتمل حدوثها مستقبلاً وتسبب خسائِر يمكن قياسها من الناحية المادية وهنا يُمكن تعويض المستأمن عن هذه الخسائر بمقابل يدفعه من قسط لشركة التأمين
إذن فهذا القانون قاصرة تغطيتهُ على الخسائر المادية فقط وبالتالى فهذا لا يُغطى حالة تعطيل الأعمال بسبب الأوبئة والكوارث الطبيعيه فالوضع يظهر بوضوح أن شركات التأمين على الحياة والممتلكات تعتبر الأمراض الوبائية من الأمراض المستثناة فى جميع شركات التأمين حتى لا تتكبد هذه الشركات تكاليف علاج كبيرة =فهل لصاحب العمل أن يلزم العامل بإجازة بدون مرتب ف الوضع الراهن…؟
فى الحقيقة أن صاحب العمل يمنحه القانون أن يُخفّض راتب العامل لديهِ ولكن بشكلً مؤقت ومشروط ذلك بأن يكون هذا العامل غير قادر علي القيام بمهام وظيفتِه وذلك بسبب حدوث قوة قاهرة تمنعه من ذلك .
هذا ما لم يتم الإتفاق على خلاف ذلك فى العقد المبرم مع الموظف ورب العمل .
وبلا شك أن( فيروس كورونا ) يعتبر من حالات القوة القاهرة لأنه حَدث يستحيل دفعه أو توقعه ولا يمكن التنبؤ به مستقبلاً ويخرج عن السيطرة.
ولكن في جميع الأحوال لا يحِق لصاحب العمل أن يُخفّض أكثر من النصف هذا من الناحية القانونية وأيضا من الناحية الإنسانية فمن غير المقبول أن يخفض صاحب العمل مرتبات موظفيه إلى الأقل من النصف فى ظل هذه الأزمات .
⏺هل يحق لصاحب العمل أن يلزم موظفيه على العمل فى منزلهم …؟؟
نعم يحق له ذلك ومن الجدير بالذكر أن الحكومة المصرية صرحت بذلك للعاملين بالقطاع العام متى كانت طبيعة العمل تسمح بذلك.
❇ هل المبدأ القانونى( العقد شريعة المتعاقدين ) يجد صداه فى الوضع الراهن ” كورونا” ..؟!
فى البدايه نشير إلى أن قاعدة العقد شريعة المتعاقدين مفادها انه لا يجوز لأحد أطراف العقد أن يتحلل من إلتزامه أو يقوم بإلغاء أو تعديل العقد بطريقة منفردة .

وكما أنه ليس للقاضى أن يتدخل بتعديل العقد أو إلغاءه بدون رضاء المتعاقدين .

إلا أنه إذا وقع أمراً جعل من الصعب تحقيق إلتزام أحد الأطراف لسبب خارج عن إرادته ولا يستطيع دفعهُ أو توقعهِ فإن ذلك يشكل قوة قاهرة تمنعه من الوفاء بإلتزامه وفى هذه الحالة يجوز للقضاء إعفاءه من إلتزامه وإمهاله وقتاً كافياً لتدارك ذلك بعد زوال الظرف الطارئ ولا شك أن فيروس( كورونا ) يمثل ظرفاً طارئ وقوة قاهرة وفى ظل وجودها فإن الأطراف يعَامَلون حسب نظرية الظروف( الإستثنائية)

📌ما هو الرابط بين عقود الإيجار والمرتبات والأجور وكورونا…؟؟

يعتمد الأشخاص علي الراتب والأجر لتسير حياتهم إعتماد كاملاً وإذا كان ذلك فإن إنقاص أو إنعدام هذا الراتب يؤدى بطريقة غير مباشرة إلي إخلال الملتزم بإلتزاماته العقدية الأخرى ممل يجعله مسؤولاً أمام القانون ..لكن يمكنه دفع هذه المسئولية عنه بحالة القوة القاهرة التي لا يمكن دفعها ولا التنبؤ بها ولا شك أن فيروس كورونا يعتبر من حالات القوة القاهرة.

لمحة إنسانية

هى توصيات إنسانية قبل القانونية فى هذا الوضع الراهن لمواجهة هذا الوباء المنتشر .

علي أصحاب العمل والمسؤلين في الشركات أن ينظر قبل أن يتخذ قراراً ما أبعاد هذا القرار ومدى تأثيره علي الطبقات الاجتماعية و واجباً على أرباب العمل مراعاة العمال والموظفين لديهم وخصوصاً إذا كانوا هولاء العمال قد سطروا معك قصة نجاح شركتك حتي تمر هذه الأزمة المؤقتة بسلام .
ومن الناحية القانونية علي المشرع إعادة صياغة القوانين بما يتماشى مع العصر الحالي ويحقق مصلحة الأفراد ويحفظ حقوقهم وأموالهم.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى