“كورونا” وآثاره على بند القوي القاهرة فى كافة العقود المدنية والتجارية

بقلم: عبد الحميد حسام الدين دياب المحامي

بمناسبة مكوث معظم الأفراد و الأناس في منازلهم فقد آن الأوان للتطرق في الحديث عن واحد من أهم البنود الموجودة فى العقد و هو بند القوة القاهرة خصوصاً فى ظل الظروف التي يمر بها أغلب بلاد العالم حالياً من اجتياح فيروس الكورونا و إصابة اغلب الشعوب به وآثاره التي من الممكن أن تؤثر سلباً علي الاتفاقيات و التعاقدات المدنية و التجارية..

فبند القوى القاهرة هو البند الذي يعفى أحد أو كل اطراف العقد من تنفيذ التزاماتهم العقديه فى حاله حدوث حاله من حالات القوى القاهرة والتى تجعل هناك استحاله فى تنفيذ العقد مثل الزلازل والبراكين والفيضانات وانتشار الأمراض و الأوبئة والنزاعات المسلحة والنزاعات العمالية و تغير القوانين وغيرهم

بالتالى من أجل تطبيق ذلك البند يجب توافر إحدي هذه الحالات:
١- هناك استحالة فى تنفيذ العقد بعد توافر ذلك
٢- ان ذلك الحدث خارج عن سيطرة الطرفين
٣- أنه لا يمكن التنبؤ به و تجنبه أو درؤه

كمان تقدر تحدد ما إذا كان عدم تنفيذ الغير لالتزاماتهم، مثل مقاولي الباطن أو الموردين الفرعيين، يمثل ظرفاً من ظروف القوة القاهرة، أم لا.

وفى الفترة الاخيرة تطورت قائمة أحداث القوة القاهرة التي تدرج فى العقود الدولية بحيث أصبحت تشمل، بالإضافة إلى الحوادث التقليدية للكوارث الطبيعية والحروب، العوائق التى تحد من قدرة الأطراف على الوفاء بالتزاماتهم بسبب التدخل المتزايد من جانب الحكومات أو الهيئات التابعة لها فى أنشطة الأعمال (التراخيص ، الاعتمادات ، الامتيازات ، اللوائح ).
الاضطرابات ذات الطبيعة الاجتماعية (الإضرابات ، وإيقاف العمل فى وجه العمال ) وقد اتسع مفهوم القوة القاهرة ليشمل أى حدث يمنع الطرف المتعاقد من الأداء فى الوقت المحدد، ويكون خارج نطاق سيطرته، ومن ثم يتضمن، فى أكثر الأحوال تطرفاً، الصعوبات فى الحصول على المواد الخام أو نقلها، أو فى التلف الطارئ لمعدات الإنتاج أو فى عمليات الإنتاج.
ونتيجة لهذا التطور في مفهوم القوة القاهرة، أصبحت بنودها تتداخل مع بنود الصعوبات المرهقة من ناحيتين رئيستين :

الأولي : أن أحداث القوة القاهرة لا تؤدي إلى الاستحالة المطلقة وإنما إلى الاستحالة النسبية التي لا يُشترط فيها الاستحالة الفعلية للتنفيذ وإنما مجرد أن التنفيذ يصبح مرهقاً أو غير مجد من الناحية العملية رغم كونه مازال ممكناً.

الثانية: تشابه الأثر الذي يترتب في الحالتين فبعد أن كان بند القوة القاهرة بصياغته التقليدية القديمة يترتب عليه تلقائياً إما الإعفاء من الأداء، وهو ما يعني ضمناً الإعفاء من التعويض عن عدم الأداء، أو إنهاء العقد، أصبح الآن يسمح بإعادة التفاوض حول العقد وتحديثه بما لا يخل بتوازن التزامات أطرافه، وفي حالة فشل ذلك، يمكن تسوية النزاع بأية طريقة يحددها الطرفان في البند كحل أخير.

بالتالى ممكن نجد هناك منازعه دائما بين محامى الطرفين فى صياغتهم لبند القوى القاهرة ونطاقها والأحداث اللى تشملها مثلاً فى عقد البيع الدولى يمكن أن نتبين أن المشترى يقوم بتحديد نطاق القوى القاهرة والأحداث التي من الممكن أن تعفى البائع من تسليم البضاعه وعلى الناحيه الأخري ممكن نجد أن البائع يحاول أن يوسع من نطاق تلك الحالات والآثار المترتبه عليها لتخفيف مسئوليته فى حاله عدم تنفيذ التزاماته.

كما أنه ليس من الضروري توقف وانهاء العقد نتيجه القوى القاهرة بل يمكن النص على استكمال الالتزام بالعقد فى حالة انتهاء تلك الظروف الطارئة اما لو اتصفت تلك الظروف بصفه الدوام ففى تلك الحالة يتوقف العقد ويمكن اللجوء إلي التحكيم أو المفاوضات لتعديل العقد.

و إذ انه من الضروري أن نوضح اجابات بعض الاسئلة الشائعة و التي من الممكن أن يتم إثارتها أثناء صياغة بند القوى القاهرة:
ما الوضع بالنسبة إلى المبالغ المدفوعة إلى البائع وهل يجب ردها إلى المشتري؟
وما الوضع بالنسبة إلى المصروفات التي تكبدها البائع. وهل يجب ردها إليه؟
وما الوضع بالنسبة إلى الخسائر هل تقع على الطرف الذي تكبدها؟
وينبغي على الأطراف إرساء إطار تعاقدي صحيح ينظم الخيارات التالية المتاحة في حالة القوة القاهرة:

(1) التدبير الانتصافي؛ ويشمل ذلك: تنفيذ الالتزامات، التعويضات، الغرامات، الفائدة.
(2) التمديد؛ تمديد تنفيذ التزام معين أو تمديد العقد كله.
(3) إنهاء العقد؛ مدة القوة القاهرة وأثر الإنهاء، رد الشيء لأصله.
(4) إعادة التفاوض.

وينبغي على من يقوم بصياغة العقد أن يضع في اعتباره ما يلي:
أن تعبير “أو أية أسباب أخرى تخرج عن نطاق سيطرتنا” لا يقتصر على الأحداث “من ذات النوع” .
أن تعبير “تطبق البنود المعتادة للقوة القاهرة” قد حُكم ببطلانه لافتقاده إلى اليقين ، كما أن عبء الإثبات يقع على الطرف الذي يرتكن إلى بند القوة القاهرة.
و أن الطرف الذي يسعى إلى إعفائه من المسئولية عليه أن يثبت أن التنفيذ أصبح مستحيلاً، من الناحية الفعلية أو القانونية، وليس مجرد أكثر صعوبة أو غير مربح…
و إذ انه لا يسعني إلا أن أشكركم علي سعة صدركم في قراءة تلك السطور التي أرجو أن تكون قد عادت عليكم ببعض النفع و الفائدة علي زملائي المحامين…

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى