عقوبة الإعدام

 

بقلم: أ. مراد مجدي

هل يأتي زمان وتنتهي فيه الجريمة من عالمنا؟، إنه سؤال يسأله دائما جانبنا الملائكي فكلنا نتمنى أن تنتهي سلبيات دنيانا، لكن الجريمة لن تنتهي وستظل قائمة حتى نهاية الدنيا؛ لذلك وجد القانون والتشريعات، التي ظلت في تطور مستمر ومواكبة لكل قضايا العصور المختلفة ولكن تظل عقوبة الاعدام الاكثر جدلا في المجتمع الدولي قانونا وإنسانيا والمزج بين الإنسانية والقانون لا يضفي الإيجابية في كل الأحوال ولنا في عقوبة الإعدام خير دليل.

الثابت في الدستور المصري أن الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع والمصدر الثاني للقانون بعد التشريع، وهذا يؤكد أن من قتل يقتل وهو حد من حدود الله، وبصريح نص قانون العقوبات المصري في:

– المادة (230): كل من قتل نفسا مع سبق الإصرار على ذلك أو الترصد يعاقب بالإعدام.

– المادة (233): من قتل أحدا عمدا بجواهر يتسبب عنها الموت عاجلا أو أجلا يعد قاتلا بالسم أيا كانت كيفية استعمال تلك الجواهر ويعاقب بالإعدام.

– المادة (234): من قتل نفسا من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة     أو المؤقتة، ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترن بها أو تلتها جناية أخرى، وأما إذا كان القصد منها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وتكون العقوبة الإعدام إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة (234) تنفيذا لغرض إرهابي.

– المادة (235): المشاركون في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام يعاقبون بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.

حسن فعل المشرع المصري حين نص بالمادة (294) على أن كل من شهد زورا لمتهم في جناية أو عليه يعاقب بالحبس والمادة (295)، ومع ذلك إذا ترتب على هذه الشهادة الحكم على المتهم يعاقب من شهد زورا بالإشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، أما إذا كانت العقوبة المحكوم بها على المتهم هي الإعدام ونفذت عليه يحكم بالإعدام أيضا على من شهد عليه زورا.

هذا وحده أكبر دليل على الإنسانية ورضاء الشعور العام لدى المجتمع الإنساني، لكن المجتمع القانوني لم يجتمع على عقوبة الإعدام فلنبدأ بالدولة التي استقينا منها قانوننا وهي فرنسا وقد استمدت فرنسا وغيرها من الدول القانون من القانون الروماني القديم.

ففي فرنسا كانت عقوبة الإعدام سارية حتى صدر قانون بتاريخ 1/10/1981 بإلغاء عقوبة الإعدام وبالفعل لم يعاقب أحد بالإعدام قط إلا أن الأمر لم يتوقف عند ذلك، بل نص الدستور الفرنسي صراحة على إلغاء عقوبة الاعدام فبراير عام 2007 حيث نصت المادة 66-1 من الدستور على أنه: “لا يجوز الحكم على أي شخص بعقوبة الإعدام”، حيث اعتمد البرلمان الفرنسي مشروع قانون دستوري في 19 من فبراير/شباط عام 2007 ينص على ما يلي: “لا يجوز الحكم بالإعدام على أي فرد”.

عندما أصدرت فرنسا القانون الذي ألغى عقوبة الإعدام كان عام 1981 وذلك قبل إعلان المجتمع الدولي الأوروبي رسميا إلغاء عقوبة الإعدام في 3 مايو 2002 حيث نص البروتوكول رقم 13 الملحق باتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية والمتصلة بإلغاء عقوبة الإعدام في كافة الظروف في المادة الأولى: (أن عقوبة الاعدام ملغاه، ولا يجوز الحكم على أي إنسان بهذه العقوبة ولا تنفيذها به”.

يرى المجتمع الدولي القانوني والمعارض لعقوبة الإعدام أن الحق في الحياة هو حق لا يملك أحد حرمان المتهم منه مهما كانت جريمته حتى وأن ارتكب جريمة قتل، أي منطق يقول أنه لا يجوز حرمان أي متهم من حقه في الحياة رغم أن الجاني نفسه قد حرم أحد الأشخاص حقه في الحياة، ألا يعد هذا تعديا على العدالة.

أين العدل في أن ينعم القاتل بحياته حتى وإن كانت بين جدران السجون مدى الحياة، قد يكون بسبب طرق الإعدام في القرون القديمة هو أحد الأسباب لمحاولة إلغائها ولكن قد نختلف على طريقة الإعدام ولكن لا جدال حول وجودها.

من طرق الإعدام قديما (الخزوقة – الدفن حيا – الصلب – التعفن – الزواج الجمهوري وهي إلقاء رجل وامرأة بعد ربطهما معا في النهر ليغرقا).

من يوقع عليه عقوبة الإعدام بالطبع لا يحقق ذلك الردع الخاص وإنما يتوافر في العقوبات المقيدة للحرية من حبس وسجن والغرامات كذلك، إنما يتحقق الردع العام بسبب الإعدام عندما يرى الأفراد بشكل مستمر تنفيذ عقوبة الإعدام سيترسخ في عقلهم ووجدانهم خطورة ارتكاب الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أما إذا تأكد لدى القاتل أنه لن توقع عليه عقوبة الإعدام مهما ارتكب من جرائم سيتجرأ على ارتكاب الجرائم باستمرار وسيفقد القانون هويته من حيث تنظيم علاقات البشر ببعضهم وسيزداد معدل الجريمة بالتأكيد.

البحث عن حق القاتل في الحياة انتصارا لحقوق الإنسان هو عبث بل يجب البحث عن المجتمع و تطبيق العدل فيه، يجب أن يتأكد الأفراد مهما اختلفوا في أشخاصهم وصفاتهم ومراكزهم القانونية أن سيد العالم هو القانون وليس المجرم لذلك أؤيد تماما وجود عقوبة الإعدام لتنفيذها على كل من سلب حق الحياة من الأبرياء.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى