شيخ المحامين الأستاذ رأفت نوار يكتب: كورونا الحبس الاحتياطي

 

يقول شيخ المحامين، الأستاذ رأفت نوار، إن المغالاة فى الحبس الاحتياطي دون مبرر مقبول هي جريمة فى حق سدنة العدالة، فهو لم يُشَرَع ليكون عقوبة، وهو ليس إجراءً من إجراءات التحقيق يستهدف البحث عن دليل، لكنه مجرد ضمانة من ضمانات التحقيق تستهدف المحافظة على الدليل فى مرحلة جمع الأدلة، فكما استوجب المشرع ضمانات لصالح المتهم، استوجب أيضا ضمانات لصالح التحقيق، منها؛ الحبس الإحتياطي لسلامة التحقيق فى مرحلة جمع الأدلة كما قلنا.

فإذا ما انتهت التحقيقات واستقامة الأدلة فى جانب المتهم وكان له محل إقامة معروف، وجب الإفراج عنه إعمالا للقاعدة الأصيلة التى تقرر أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما، فإذا انتفت العلة، انتفى المعلول.

وكم يتمسك المحامون بذالك دون أن يستجيب لهم إحدا من خدمة العدالة، فرضت علينا العزلة الإضطرارية بسبب الوباء حبسا احتياطيا قاسيا داخل منازلنا، فجال خاطرى فى الحبس الاحتياطي الذى يتعرض له المتهمون المناكيد، فامتدت أناملى لتسجل هذا النقد الموضوعى عن الحبس الاحتياطي دون مقتضى.

يعد الأستاذ رأفت نوار أحد شيوخ المحاماة، وله باع طويل في خدمة المهنة والمحامين، كما يحق لنا أن نقول إنه آمن بالمحاماة وأعطي الكثير من أجلها وشخص في كتاب له علل المحاماة التي عايشها وعين لها دواءها.

وصدر الكتاب نهاية العام الماضي بعنوان «من منصة الدفاع.. يوميات محامٍ»، تناول فيه الشيخ مسيرته مع القضاء الواقف وفي مساعدة العدالة لإجلاء الحقيقة وعلي منصات القضاء، ومشاهداته للواقع أثناء عمله، وتجربته الطويلة، في العمل. فهو يؤرخ للمهنة من أعظم المهن في التاريخ قديما وحديثا ويعيد إلينا روائع مرافعات بعض القضايا التي تناولها، بالإضافة إلي جهده في المحاماة.

كما تناول الكتاب قضايا ترافع فيها الأستاذ رأفت، بالإضافة إلي تشخيص علل المحاماة وتحديد علاجاتها، كما ينتقي ألفاظه بحرفية رائعة ورشاقة يحسد عليها الأستاذ رأفت.

ويروي الأستاذ رأفت أحد المواقف التي مرت عليه أثناء مرافعته: كانت آخر مواجهة مع كبير الأطباء الشرعيين أنني قمت بإخراج نموذج اللفافة من جيبي وقدمتها للمحكمة الموقرة، وقلت لها هذا نموذج طبق الأصل من اللفافة موضوع القضية، وطلبت منها أن نقدمها لكبير الأطباء الشرعيين ليقوم ببلعها أمام الجميع، وناولته إياها، فصرخ الرجل قائلا: استحالة يا فندم، أن ابتلع لفافة بهذا الحجم الكبير، فسألته وهل يمكن يا دكتور حشر هذه اللفافة في فم إنسان لتصل إلي بلعومة فكان رده قاطعا، استحالة طبعا فسألته السؤال الأخير: وهل يا فندم يمكن حشر هذه اللفافة في بلعوم إنسان ميت؟ فقال طبعا في هذه الحالة ممكن، لأن الجثمان بعد الوفاة تموت فيه الحركات الإرادية، فقلنا وهنا قطعت جهيزة قول كل خطيب.

وقد لاقت ردود الأفعال علي إصدار الكتاب القيم، حالة من الترحيب والابتهاج به، وقال الكاتب الصحفي الكبير فتحي الشيخ: سنوات عديدة وأنا أتحدث مع المحامي الكبير رأفت نوار شيخ المحامين لإصدار هذا الكتاب، وعندما رأيت الكتاب مجسما أمامي كانت سعادتي كبيرة، وعندما تصفحت الكتاب سعدت أيضا بالمقدمة للدكتور جمال العطيفي، وبأسلوب رائع وسهل يتميز به الكتاب يجعلك مشدودا من أول صفحة لآخر الكتاب دون ملل أو كلل، بالحكاوي والتواريخ والتسلسل والانسياب الجميل المصاحب لأبواب الكتاب، كما ذكرني الكتاب بالزمن الجميل وشاعر الربابة في الأرياف وحكاوي عنترة بن شداد، وأبوزيد الهلالي. كتاب لا تستطيع تركه إلا بعد قراءته كاملا.

كما تناول الكتاب تجربة الأستاذ رأفت وخبرته وحكمته وحنكته وتاريخه السياسي والوطني في العصر الحديث، ويحتوي الكتاب علي البداية الصادمة له، بالإضافة إلي تدريبه لنفسه، وتسلحه بالمحاماة، إلي أن جاءت القضايا وراء بعضها، كما تضمن الكتاب عنوان تحت “التاريخ لا يباع ولا يشتري، والحب القاتل، وزنا المحارم، وبأي ذنب قتلت، والشقيقان والزوجة، ويوم القبض علي الإسكندرية، ولا يمكن أن يكون الحمل ذئبا، خالد سعيد، ولا يد للخير تنتصر، وأنابيب سياسية”.

كما حوي الكتاب في فصوله “المحاماة رسالة وليست مهنة، روائع من مرافعات الخالدين، استقلال القضاء، مأساة قصور العدالة” في تسلسل مبني علي محامٍ أعطي حياته كلها للمحاماة والمهنة ليرسم بقلمه ملحمة تاريخية تؤكد أن مصر بها الكثير من المخلصين.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى