سلسلة شرح جريمة الرشوة والجرائم الملحقة بها {حلقة 1}.. ( الرشوة )

كتبه :- ياسر الحسنين القواس .

– أتحدث فى هذا البحث الكامل عن سلسة من الحلقات ، بحيث سأطرح الحديث تفصيلاً بحلقة كل شهر ، يشرفنا المتابعة … إن كل جريمة من الجرائم يمكن التحدث عنها من حيث الشرح ، من عدة أوجه ، فليست نظرة الكاتب واحدة دائماً ، لكن المفهوم والمقصود والأساسيات دائماً واحداً ، ونأتى إلى الدفوع فى القضايا الجنائية ، أؤكد لها اليوم ، ليست الدفوع وإن كثرت ، هى الوسيلة لحل لغز القضية الجنائية ، ولكن كما تحدثت سابقاً أن كل قضية لها دفوعها الخاصة ، بحيث لاتفرض عليها دفوع تغاير ظروف الواقع والحقيقة ، وتهدم العدالة القانونية ، وبالتالى الأخيرة ، صاحبة السمو تهلك ، وهى العدالة القضائية ، فلا قيام لعدلاً بدون نص ، ولا قيام لتشريع بدون عدلاً …. _____
– فجريمة الرشوة تقوم على فكرة الإتجار بالوظيفة العامة ، واستغلال للمنفعة الخاصة للموظف العام ، ذلك أن هذا الأخير إنما يتقاضى أجراً مقابل أداء أعمال وظيفته ، لذلك ليس له الحق فى أن يتقتضى من الأفراد مقابلا للقيام بها ، فأن هو أخذ أو قبل أو طلب هذا المقابل فأنه يكون قد أخل بواجب النزاهة واستغل هذه الوظيفة لتحقيق منفعة خاصة … بل إن الرشوة تعد من أخطر جرائم الإخلال بواجبات الوظيفة العامة بحسب أنها من الجرائم الماسة بنزاهة الوظيفة أكثر من كونها جريمة موظف عام ، ومن شأن ذلك أن يجعل الوظيفة العامة وواجباتها ومصالح الناس محلاً لمساومات مما يؤدى إلى إختلال ميزان العدل والتشكيك فى أعمال موظفي الدولة وحيادهم ونزاهتهم ، وهو مايؤثر في النهاية فى مصلحة الدولة فى حسن الإدارة ، فالقوانين واللوائح المنظمة ﻷعمال الوظيفة العامة تفرض على شاغلها أداء هذه الأعمال غير منتظر مكافأة سوى المرتب الذى تقرره له ، فإن تطلع إلى ماوراء ذلك فتلقى مقابلا من صاحب المصلحة فى أداء هذه الأعمال أو الامتناع عنها فقد ارتكب الرشوة .
– علة التجريم :- الحق المعتدى عليه بارتكاب الرشوة هو نزاهة الوظيفة العامة وهو حق أساسى لكل مجتمع ، فالإتجار فى أعمال الوظيفة العامة يهبط بها إلى مستوى ويجردها من سموها بإعتبارها خدمات تؤديها الدولة إلى أفراد الشعب ، ويسلب الدولة وعمالها الإحترام الذى يجب أن يحظوا به فى نظر المواطنين وتعنى الرشوة التفرقة الظالمة بين المواطنين ،….. فمن يدفع المقابل تؤدى لمصلحته الأعمال الوظيفية ومن لايستطيع أو لايريد ذلك تهدر مصالحه ، وهذا السلوك من جانب الموظف المرتشى يضعف من ثقة الناس فى نزاهة الدولة وموظفيها ، وبالتالى يقلل من قدرة الدولة على النهوض بالمهام المنوطة بها فى المجتمع ، وبالإضافة إلى ذلك فالرشوة تهدر أحكام القانون حين تضع الشروط لانتفاع الأفراد بالخدمات العامة.
– ثم أتحدث عن الرشوة بمعناها الدقيق :- هى إتجار الموظف أو استغلاله لوظيفته على النحو المبين بالقانون ، وتتطلب هذه الجريمة لقيامها توافر أركان وهى :- الأول صفة فى المرتشى كموظف عام مختص ، والثانى هو الركن المادى الذى يتحقق به فى نظر القانون معنى الإتجار بالوظيفة أو إستغلالها ، أما الركن الثالث فهو الركن المعنوى وهو القصد الجنائى ، ثم الركن الرابع وهو سبب الرشوة … وقد قضت محكمة النقض :-
” لما كان الشارع قد تغيا من النصوص فى الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات الخاص بالرشوة تجريم الإتجار بالوظيفة العامة وإن مقتضى فكرة الرشوة تواجد طرفين هما المرتشى والراشى وهو صاحب المصلحة ولاتتم قانوناً إلا بإيجاب من الراشى وقبول من جانب المرتشى وتعتبر الجريمة في هذا الصدد مشروعاً إجراميا واحد فاعلها هو المرتشى أما الراشى فهو ليس إلا شريكاً فيها يستمد إجرامه من الفعل الذى يساهم فيه ” [الطعن رقم 30639 ق72 بتاريخ 23/4/2003 ] ، ” لما كان مفاد نص المادتين 103، 104 من قانون العقوبات أنه إذا توافر إتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل فإن جريمة الرشوة تكون قد وقعت يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصرا ﻷداء العمل أو لاحقاً عليه مادام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الإتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة من البداية ” [الطعن رقم 30639 ق72 بتاريخ 23/4/2003] ، ” المستفاد من نص المادة 103 من قانون العقوبات ، أن جريمة الرشوة تتحقق فى جانب الموظف ومن فى حكمه متى قبل أو طلب أو أخذ وعداً أو عطية ﻷداء عمل من أعمال الوظيفة ولو كان حقاً ، وكان نص الشارع فى المادة 104 من القانون سالف الذكر التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالاخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقيد يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو إمتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص فإذا تقاضى الموظف جعلا عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء ” [الطعن رقم 19027 لسنة 88ق جلسة 9/10/2019].. رابط لتحميل الحلقة بالكامل بصيغة PDF :
https://drive.google.com/file/d/1715MlcN1HP1ozYnncCokbKSJ9umMtXhf/view?usp=drivesdk

وللحديث بقية …

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى