حق الدفاع الشرعي في القانون الجنائي

بقلم: الأستاذ/ محمد صابر صالح

ورد حق الدفاع الشرعي في القانون المصري بالمواد من 245 إلى 251 من قانون العقوبات، باعتباره أحد أسباب الإباحة، حيث ذكر شروطه، وقيوده، وأثره، والحكم عند تجاوز حدوده.

والدفاع الشرعي هو حق يتيح للشخص استخدام القوة اللازمة والمناسبة لدرأ خطر حال، وغير مشروع، يهدد النفس أو المال بنحو قد يستحيل معه لجوء هذا الشخص إلى السلطات العامة لطلب حمايتها من ذلك الخطر.

وبذلك يكون الدفاع الشرعي استثناءً على القاعدة القانونية التي تحظر على الفرد أن يقيم العدالة بنفسه دون اللجوء إلى السلطات المختصة.

والأصل أن الدفاع الشرعي أمر مطلق يستفيد منه أي شخص، كما أنه أمر عام يتيح للمدافع عن نفسه أن يرتكب أية جريمة سواء تعلّقت بالنفس أو بالمال أو بغيرهما؛ كالقتل أو الضرب أو الجرح أو غير ذلك من الجرائم دفاعًا عن نفسه.

ونظرا لخطورة ” الإباحة ” في حق الدفاع الشرعي، أي إباحة الأفعال المجرمة في الأحوال العادية، وخشية من الانحراف في استخدام هذا الحق، أتجه التشريع إلى وضع ضوابط لهذا الاستخدام، تتمثل في شروط خاصة في الفعل المكون للاعتداء، وشروط أخرى لفعل الدفاع، وبعض القيود على استخدام حق الدفاع الشرعي حتى وأن توافرت أسبابه وشروطه.

أولا: شروط الاعتداء

1- وجود خطر غير مشروع يهدد بارتكاب جريمة، أو يعتقد منه ذلك لسبب معقول، ولابد وأن يتمثل هذا الخطر في فعل إيجابي ومستمر.

2- أن تكون الجريمة المتوقعة من الجرائم الواقعة على النفس أو على المال بالنسبة للشخص المدافع أو على الغير.

3- أن يكون الخطر حال ولا يمكن الانتظار في دفعه بالالتجاء إلي السلطات العامة.

ثانيا: شروط فعل الدفاع

1- أن يكون الفعل لازما لدفع الاعتداء، بمعنى اضطرار ارتكاب شخص المدافع لهذا الفعل دون غيره.

2- وأن يكون فعل الدفاع متناسبا مع الاعتداء غير مغال أو متعسفا فيه.

ثالثا: قيود استعمال حق الدفاع الشرعي

هناك قيدان يبطلان الحق في الدفاع الشرعي على الرغم من تحقق شروطه بمعنى أن سلوك المدافع حينئذ يكون غير مشروع.

القيد الأول:

يتعلق بحظر مقاومة مأموري الضبط القضائي أثناء تأديتهم لواجبات وظائفهم مع توافر حسن النية، ولو تخطى هذا المأمور حدود وظيفته ، والمقصود برجال الضبطية القضائية أعضاء النيابة العامة والشرطة والقوات المسلحة ممن يستخدمون القوة الجبرية في ممارسة اختصاصاتهم، ويشترط هنا أن يكون العمل الذي يقوم به مأمور الضبط القضائي داخلا في اختصاص وظيفته، وأن يكون مأمور الضبط حسن النية، أما إذا كان مأمور الضبط القضائي سيئ النية واستدل على ذلك بوضوح عدم مشروعية فعله، وكان هذا الفعل مخالف لواجبات وظيفته، فيحق للمعتدى عليه منعه باستخدام حق الدفاع الشرعي.

القيد الثاني:

حظر القتل العمد في إطار الدفاع الشرعي إلا في حالتين:

الأولى: القتل دفاعا عن النفس سواء ضد القتل أو الإصابة، أو إتيان المرأة كرها أو هتك عرض إنسان بالقوة أو اختطاف إنسان.

الثانية: القتل دفاعا عن المال في جرائم الحريق العمد – السرقات – دخول منزل مسكون ليلا – الإتلاف العمدي.

▪آثار الدفاع الشرعي

ويترتب على توافر وتحقيق شروط كلا من فعلي الاعتداء والدفاع، بالإضافة إلى انتفاء القيود، أن أصبح فعل المدافع مباحا وغير معاقب عليه قانونا، هذا وأن تخلف أيا من تلك الشروط يخرج الفعل من دائرة الدفاع الشرعي ليدخل في دائرة التجريم.

▪تجاوز حدود الدفاع الشرعي

وهو استعمال قدر من القوة يزيد ولا يتناسب على ما كان كافيا لمنع الضرر، أي أن استخدام القوة في الدفاع الشرعي لا يتناسب إما مع الضرر الواقع على المعتدى عليه، ولا مع الوسيلة المستخدمة في التعدي، وهنا يجب أن نفرق بين نوعين من التجاوز.

النوع الأول: التجاوز حسن النية في استعمال حق الدفاع الشرعي

أي التجاوز غير العمدي الذي لا يقصد منه إحداث ضرر أشد مما يستلزمه الدفاع، وفي هذه الحالة يكون للقاضي سلطة تخفيف العقوبة والنزول بها من عقوبة الجناية إلى الجنحة.

النوع الثاني: التجاوز العمدي في استعمال حق الدفاع الشرعي

وهو الذي يقصد المدافع منه تخطى حدود التناسب في الدفاع بصورة عمدية، وفى هذه الحالة يسأل عن ارتكابه لجريمة عمدية، ويكون للقاضي الحق في أن يخفف العقوبة إذا ألتمس له ظرفا مخففا.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى