حجية الحكم الجنائي

بقلم/ عمر محمود عبد الصمد

هل يكون للحكم الجنائي حجية مطلقة على الحكم التأديبي إذا كان قد صدر بالبراءة ويُقيده، فيلزم أن يتحلل الموظف العام من أي ذنب إداري طالما حُكم له جنائيا بالبراءة؟!

وما الحال إذا ما صدر الحكم الجنائي بالادانة؟ اتناول في هذا المقال مدى ارتباط الحكم الجنائي على الموظف العام بالقضاء التأديبي وأثر هذا الحكم سواء أكان بالادانة أو البراءة على سلطات التأديب.

ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال هو اللبس الذي رأيته لدى بعض القانونيين عند الحديث عن حجية الحكم الجنائي على الموظف سواء أكان بالبراءة أو الادانة على المحاكم التأديبية. فإلى أي مدى يعتبر ما وصلت إليه المحكمة الجنائية حجة على المحكمة التأديبية؟

طبقا للمادة السابعة من قانون مجلس الدولة رقم47 لسنة 1972 تتكون المحاكم التأديبية من: المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الادارة العليا ومن يعادلهم. المحاكم التأديبية للعاملين من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم.

وتقام الدعوى التأديبية من النيابة الادارية بايداع أوراق التحقيق وقرار الاحالة قلم كتاب المحكمة التأديبية المختصة.

وطبقا للمادة 40 من قانون مجلس الدولة للمحكمة التأديبية التصدي لوقائع لم ترد بقرار الاحالة والحكم فيها، ولها أيضا طبقا للمادة 41 أن تقيم الدعوى على عاملين من غير من قدموا للمحاكمة أمامها اذا قامت لديها أسباب جدية بوقوع مخالفة منهم وفي هذه الحالة يجب إعطائهم أجلا مناسبا لتحضير دفاعهم اذا طلبوا ذلك وتحال الدعوى برمتها إلى دائرة أخرى لنظرها. ويتولى أعضاء النيابة الادارية الادعاء أمام المحاكم التأديبية، ويُطعن على أحكامها أمام المحكمة الادارية العليا.

وينحصر اختصاص المحاكم التأديبية في تأديب العاملين ممن حددهم قانون مجلس الدولة في المادة 15 وذلك في حال ارتكابهم جريمة تأديبية أومخالفة مالية أو إدارية تستوجب التأديب، فيُعتبر اختصاصها تأديبيا خالصا وتنفرد بهذا الاختصاص.

وتقول المحكمة الادارية العليا في ذلك: “وبذلك فقد أصبحت المحكمة التأديبية هي صاحبة الولاية العامة في تأديب العاملين بالقطاع العام سواء بالنسبة للدعوى المبتدأة أو بالنسبة للطعون في الجزاءات التي توقعها السلطات التأديبية”.

وتؤكد المحكمة الادارية العليا على ذلك بقولها: وجدير بالذكر أنه اذا قضت المحكمة التأديبية في أمر يخرج عن اختصاصها كان قرارها مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم وينحدر بذلك إلى مرتبة الفعل المادي فلا تكون للحكم حجية بالمعنى القانوني الصحيح ولا يتحصن بفوات ميعاد الطعن فيه، ويجوز إهداره، وتنظر الدعوى التأديبية من جديد أمام المحكمة التأديبية المختصة”.

وتُوقع المحاكم التأديبية الجزاءات المنصوص عليها في القوانين المنظمة لشئون من تجري محاكمتهم والجزاءات الموضحة حصرا بالمادتين 19 و21 من قانون مجلس الدولة ومنها: -العزل من الوظيفة –تنزيل المرتب -خفض المرتب -الانذار. ويجوز للمحكمة التأديبية طبقا للمادة 39 من قانون مجلس الدولة اذا رأت أن الوقائع تكون جريمة جنائية أن تحيلها إلى النيابة العامة للتصرف فيها.

وبعد أن عرضت في لمحة سريعة تشكيل واختصاص المحاكم التأديببية، وقبل أن اتحدث عن مدى الحجية التي تكون للحكم الجنائي على الموظف بالبراءة أو الادانة على المحاكم التأديبية; سأبين أولا تعريف كلا من الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية والفرق بينهما.

الجريمة التأديبية والتي تختص المحاكم التأديبية بنظرها _كما ذكرت سابقا _ يمكن تعريفها بأنها: كل سلوك أو قول أو عمل أو امتناع عن عمل يصدر من الموظف العام وكان من شأن ذلك أن يمثل إخلالا بواجبات الوظيفة العام أو يعد مساسا بالاحترام السائد لها.

ويتضح أيضا معنى الجريمة التأديبية من خلال ما ذكرته المحكمة الادرية العليا بقولها أن: “سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية العامة أو أوامر الرؤساء في حدود القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها بنفسه إذا كان ذلك منوطا به، وأن يؤديها بدقة وأمانه إنما يرتب ذنبا إداريا يسوغ تأديبه، فتتجه إرادة الإدارة لتوقيع جزاء عليه بحسب الأشكال والأوضاع المقررة قانونا وفي حدود النصاب المقرر.”

والجريمة الجنائية يمكن تعريفها بأنها: كل قول أو فعل إيجابي أو سلبي يجرمه القانون ويرتب عقوبة على إتيانه وفقا لمبدأ الشرعية الجنائية. ويعرفها الأستاذ الدكتور أسامة عبدالله قايد في كتابه شرح قانون العقوبات القسم العام بقوله: “فالجريمة في قانون العقوبات هي الفعل أو الامتناع الذي نص القانون على عقوبة مقررة له، ولا يعد الفعل أو الامتناع معاقبا عليه إلا اذا نص الشارع على ذلك.”

ومن خلال التعريفات السابقة للجريمتين التأديبية والجنائية يظهر أن: الأولى يستقل بارتكابها الموظف العام (كما حددته المادة 15 من قانون مجلس الدولة) ويكون فعله ذلك مخالفا لواجبات وتقاليد وهيبة الوظيفة العامة ويشمل ذلك مخالفة القوانين أو اللوائح أو القرارات وأوامر الرؤساء، وهي تشكل عدوانا على الوظيفة العامة.

أما الجريمة الجنائية فقد تقع من أي شخص وتمثل خرقا لقانون العقوبات أو القوانين المكملة له، وارتكابها يُعتبر انتهاكا لحق المجتمع وأمنه، وقد تكون العقوبة المقررة لتلك الجريمة سالبة للحرية أو تصل للإعدام. في حين أن العقوبات التأديبية لا تمس الحرية أو السلامة الجسدية.

وتختلف الجهات التي تتولى التحقيق وإصدار الأحكام على حسب نوع الجريمة تأديبية كانت أم جنائية فالأولى تختص بها النيابة الادارية وتحققها وتحيلها للمحكمة التأديبية، بينما في الثانية تتولى ذلك النيابة العامة وتحيلها للمحاكم الجنائية.

وقد استقرت المحكمة الادارية العليا على أنه: “لا تطابق بين نطاق الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية….” وتؤكد المحكمة الادارية العليا أيضا على الفارق بين الجريمتين بقولها أن: “الجريمة التأديبية هي كل تصرف إيجابي أو سلبي يصدر من الموظف العام يكون من شأنه الإخلال بواجبات الوظيفة أو ما تقتضيه من سلوكيات وظيفية أو شخصية وهي بذلك تختلف عن الجريمة الجنائية التي تقوم على إتيان الشخص لفعل إيجابي أو سلبي ضار بالأمن والنظام العام في المجتمع أو ما يقتضيه الصالح العام، كما أن النظم الجنائية تحكمها قاعدة لا جريمة إلا بنص التي استقر الفقة والقضاء الاداري على أنه لا مجال لإعمالها في شأن الجرائم التأديبية لاستحالة تصنيف هذه الجرائم.”

ومع ذلك فقد يلاحظ أن الفعل ربما يُرتب مسئولية تأديبية وجنائية بل ومدنية في ذات الوقت، لأن الموظف العام هو أيضا مواطن اذ يرتكب جريمة تشكل مخالفة أو جرما تأديبيا فقد يشكل ذلك جرما جنائيا في نفس الوقت، أو عندما يرتكب الموظف العام جريمة جنائية فيستتبع ذلك أثراً مباشراً على وظيفته بقوة القانون. فينبغي النظر هنا وتحديد مدى أثر فعل الموظف الذي قد يشكل جريمة تأديبية أو جنائية وتأثير ذلك على الأخرى وبحث العلاقة بين الجريمة الجنائية والتأديبية.

ونحن بصدد العلاقة بين الجريمة الجنائية والتأديبية، فيمكن أن يقوم أحد فروض ثلاثة:

أولهما: أن يكون ما نسب إلى الموظف من خطأ يمثل جريمة جنائية فقط ولا علاقة له بوضعه الوظيفي كما لو ارتكب الموظف جريمة لا تشين مركزه الوظيفي; كإغفال التبليغ عن مواليد أو وفيات أو ارتكاب مخالفة مرور أو مجاوزة حق التأديب الشرعي، ومثل هذا الفرض لا يثير ثمة صعوبة، لأن هذه الجريمة التأديبية لا علاقة لها البتة بمركزه الوظيفي ولا تجرح هيبة أو كرامة الوظيفة العامة فلا يسأل الموظف نهائيا من الناحية التأديبية في هذا الشأن.

ثانيهما: أن يكون الخطأ المنسوب للموظف يمثل جريمة تأديبية فقط; كعدم إنجاز ما أسند إليه من عمل أو التأخير عن مواعيد العمل أو عدم التعاون مع الزملاء بالعمل، وهذا الفرض أيضا لا صعوبة فيه، فليس هناك أية مسئولية جنائية مترتبة على هذه الأفعال، وإن كانت تمثل مخالفة أو ذنبا إداريا فالمسئولية الجنائية منتفية تماما ولا توجد أية جريمة جنائية.

ثالثهما: أن يكون ما نسب إلى الموظف يمثل الجريمتين معا (الجنائية والتأديبية); كسرقة الأموال العامة أو إفشاء أسرار الدولة أو التزوير أو غير ذلك من الجرائم المخلة بالشرف حتى التي قد يرتكبها الموظف خارج أعمال وظيفته.

وباستقراء أحكام القضاء الاداري المصري نجد أنه قد أخذ باستقلال كل من الجريمة الجنائية والجريمة التاديبية، فالمحاكمة التأديبية لها مجالها الخاص لاختلاف طبيعتها عن المحاكمة الجنائية: الأولى قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته وخروجه علی مقتضياتها فهي متعددة الصور ونطاقها غير محدود وهي بهذه المثابة تعتبر ذات كيان مستقل عن الاتهام الجنائي الذي يستند إلى جرائم وعقوبات محددة، ومن ثم فإن الفعل الواحد كما يشكل جريمة من جرائم القانون العام يمكن أن يتمخض في ذات الوقت عنه مخالفات تأديبية وذنوب إدارية يرتب القانون الإداري الجزاء عليها.

وبذلك يتضح مما سبق أنه لا مشكلة في الفرضين الأول والثاني وليس هناك أي أثر أو رابطة بين الجريمتين، والفرض الثالث هو مايثير التساؤل حال كون الفعل الذي ارتكبه الموظف العام يمثل الجريمتين معا (الجنائية والتأديبية) وتنظره المحكمتين الجنائية والتأديبية كل في نطاق اختصاصه، فما أثر ذلك على عمل كل محكمة منهما، وما أثر صدور الحكم الجنائي على عمل المحكمة التأديبية؟

تنص المادة 39 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أنه “إذا رأت المحكمة أن الواقعة التى وردت بأمر الإحالة أو غيرها من الوقائع التى تضمنها التحقيق تكون جريمة جنائية أحالتها إلى النيابة العامة للتصرف فيها وفصلت فى الدعوى التأديبية .ومع ذلك إذا كان الحكم فى دعوى تأديبية تتوقف على نتيجة الفصل فى دعوى جنائية وجب وقف الأولى حتى يتم الفصل فى الثانية…”

ويتضح من خلال استقراء المادة 39 أنه في حالة أن الفعل الصادر من الموظف العام والذي يشكل جريمة تأديبية ومنظور أمام المحكمة التأديبية وقد رأت المحكمة أن الوقائع تكون جريمة جنائية فتقوم باحالتها إلى النيابة العامة التي تقوم بدورها باحالتها للمحكمة الجنائية إذا ما رأت ذلك. وقد تقوم المحكمة التأديبية بوقف نظر الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية.

والسؤال الذي يتبادر للأذهان الآن هو حالة صدور الحكم الجنائي سلفا فما أثر ذلك على عمل المحكمة التأديبية؟

يكون للحكم الجنائي بالادانة حجيته المطلقة أمام سلطات التأديب: وذلك حالة صدور الحكم بالادانة بتوقيع عقوبة جناية أو بعقوبة مقيده للحرية في جريمة مخله بالشرف.

ففي هذه الحالة يكون فصل الموظف أو العامل واجبا بقوة القانون فيكون العزل من الوظيفية العامة عقوبة تبعية حتى لو لم ينص عليها الحكم الجنائي، ففي هذه الحالة ليس هناك سلطة للمحكمة التأديبية في تبرئة المتهم من الفصل كعقوبة التأديبية، بل لها أن توقع عليه عقوبات تأديبية أخرى إضافية إن رأت ذلك.

يكون للحكم الجنائي بالبراءة حجيته المطلقة أمام سلطات التأديب: وذلك حالة صدور الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لانتفاء الواقعة تماما. فإذا أدين موظف تأديبيا للرشوة أو لإفشاء الأسرار أو التعدي بالضرب على رؤسائه وصدر الحكم الجنائي بعد ذلك بتبرئته مما أسند إليه لأن الوقائع المسندة إليه لم تحدث من الأساس أو لأن الفاعل شخص آخر أو لأنه كان في حالة من حالات الإباحة، فلابد هنا من احترام الحجية المطلقة للحكم الجنائي، ويحظر على المحكمة التأديبية إدانة المتهم في حالة أن كان الحكم الجنائي قد صدر سلفا ببراءة المتهم وحسم في حيثياته أن البراءة قائمة على عدم حدوث الواقعة أو أن آخرا فعلها.

لا يكون للحكم الجنائي بالبراءة حجيته المطلقة أمام سلطات التأديب: وذلك حالة صدور الحكم الجنائي الصادر بالبراءة بخلاف حالة عدم ثبوت الواقعة ولكن لعدم وجود دليل أو لبطلان الاجراءات أو لأن الواقعة غير معاقب عليها قانونا.

وذلك ما قضت به محكمة القضاء الإداري وتقول في ذلك “أن تبرئة المدعي إزاء الظروف التي أوحت بهذه التبرئة وفي ضوء الوقائع التي قام عليها الاتهام اصلا- لا تنأی به بصفة جازمة من كل شبهة ولا تقشع عن مملكه ظلال الريبة، وإذا كانت تبرئته واجبة لعدم قيام أي دليل آخر يؤيد الاتهام – كما قالت المحكمة.

ولأن العقوبة لايؤخذ فيها بالظن بل يؤول الشك في ثبوت التهمة إذا قام لصالح المتهم دائما – فإن الأمر ليس كذا في علاقة الموظف أو المستخدم بالجهة الادارية حيث يجب أن تسود الثقة في استقامته والاطمئنان إلى نزاهته وأمانته ونقاء سيرته لارتباط ذلك بحسن أداء الوظيفة فإذا تسرب الشك في شئ من ذلك بناء على سلوك اتخذه الموظف أو المستخدم وضع به نفسه موضع الريبة فإن هذا المسلك الذي لا يكفي لادانته جنائيا ينهض مبررا بذاته لمؤاخذته إداريا”

ويقول في ذلك الأستاذ العميد سليمان الطماوي في كتابة قضاء التأديب ” المحكمة الادارية العليا رفضت أن تطبق فكرة ” القدر المتيقن”، التي طبقتها محكمة النقض الجنائية.

وانما الذي أثار الشك في موقف المحكمة الادارية العليا هو مسلكها بخصوص بعض الأفعال التي تسند إلى العاملين ، ولا تثبت قبلهم على سبيل اليقين، ومع ذلك يعاقب الموظف تأديبيا، وتقر المحكمة العقاب.

وحقيقة الأمر أن الموظف لا يعاقب بسبب ارتكاب تلك الأفعال، بل بسبب ما تلقيه عليه من ظلال ، لأن الموظف ملزم بأن يبتعد عن مواطن الشبهات: فمن لا يثبت قبله تعاطي المخدرات أو ارتكاب الفحشاء ، ويخالط أقواما من ذوي السيرة السيئة ، يعاقب تأديبيا لأنه لم ينأ بنفسه عن مواطن الريبة والشك”

ويوضح الدكتور محمود نجيب حسني في كتابه شرح قانون العقوبات القسم العام حجية الحكم الجنائي بقوله ” أما من حيث حجية الحكم الجنائي بالقاعدة أنه ليس هناك حجية للحكم الجنائي أمام المحكمة التأديبية أو القضاء الاداري وأن كان من المصلحة أن تكون للحكم الجنائي البات حجية الشئ المحكوم فيه أمام القضاء التأديب أو الاداری دفعا للتناقض بين الأحكام، ومراعاة لما تملكه المحاكم الجنائية من وسائل للكشف عن الحقيقة، وأن تقتصر هذه الحجية على الوقائع التي أثبتها الحكم دون أن يكون له حجية فيما انتهى إليه من تكييف لهذه الوقائع. ” فيجب قصر حجية الحكم الجنائي على الوقائع التي وصل إليها دونما يمتد ذلك إلى تكييفيها.

وبذلك يتبين أنه اذا ما حوكم الموظف عن فعله جنائيا وتأديبيا فإن الحكم الجنائي لا يكون له في العموم حجية مطلقة على سلطات التأديب حتى لو كان الحكم بالبراءة لأن المحكمة قد لا تعاقب الموظف على ارتكابه الفعل الذي برأته منه المحكمة الجنائية وإنما قد تعاقبه لأنه وضع نفسة موضع الشك والريبة الذي تهتز معه وتُخدش كرامة الوظيفة العمومية.

وفي الختام فقد عرضت في بداية المقال تشكيل المحكمة التأديبية واختصاصها في تأديب الموظفين وسلطاتها في توقيع الجزاءات التأديبية على الموظفين العموميين، وأردفت ذلك بالتعريف والتفرقة والعلاقة بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية وأنه قد تلتقي المسئولية الجنائية مع المسئولية التأديبية على نفس الفعل; في حالة أن شكل الفعل مخالفة تأديبية وجريمة جنائية في نفس الوقت.

وأخيرا يكون للحكم الجنائي أثره على الموظف ووظيفته حالة صدور الحكم بالادانة بتوقيع عقوبة جناية أو بعقوبة مقيده للحرية في جريمة مخله بالشرف، و يكون للحكم الجنائي أيضا بالادانة أو البراءة حجية على القضاء التأديبي وذلك فيما انتهى إليه من وقائع بصفة جازمة ولا تمتد هذه الحجية في حالة الشك في ثبوت الوقائع وإن كان هذا الشك يكفي جنائيا للقضاء بالبراءة، فلا يعول على ذلك بالكلية بالنسبة للقضاء التأديبي لأنه وإن كان الموظف لم يرتكب جريمة من الناحية الجنائية فقد يشكل ما فعله جرما يستحق العقاب عليه تأديبيا.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى