حتى أنت يا بوتين!

كتب: الأستاذ أحمد محمود سلام

 

بدأ رسمياً الخميس 25يونيو الإستفتاء علي تعديلات دستورية تسمح ببقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الحكم حتي عام 2036 بما يسمح بالترشح مرتين عقب انتهاء فترة الحكم الحالية عام2024من منطلق أن مدة فترة الحكم ست سنوات!.

فعلها الرئيس بوتين البالغ حالياً من العمر 67عاما، وأغلق باب التحايل علي الدستور الذي جعله يتنقل من منصب رئيس الجمهورية لمنصب رئيس الوزراء كي يمكن له البقاء لفترتين وقد حدث ذلك مع ميدييف الذي فارق منصبه كرئيس للوزراء مؤخرا.

اصرار بوتين علي احترام الدستور إنتهي بعد 21عاما في السلطة وهو بذلك يدشن مرحلة الديكتاتور الذي يتشبث بكرسي الحكم حتي الرمق الأخير وهنا يستبعد الإنقلاب بما يعني أن بوتين باق حال إقرار التعديلات الدستورية مدي الحياة أسوة بالرئيس السوفييتي بريجنيف.

المشهد في روسيا يسمح لبوتين القوي أن يفعل ما يشاء لأنه وعلي أرض الواقع قاد ثورة منحت القوة للوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي القديم والأوضاع مستتبة بما يعني أن التعديلات الدستورية سوف تنتهي إلي المبتغي منها .

عشية الإستفتاء على التعديلات الدستورية الروسية بيوم واحد أقيم عرض عسكري مهيب في ذكري مرور 75عاما علي انتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية ولتلك دلالة مفادها أن روسيا في وضع أقوي دولة عظمي بما يسمح بمعاودة الموروث القديم باستمرار الرئيس في الحكم مدي الحياة وفق ماحدث منذ عهد الرئيس ستالين ومن توالوا علي الحكم بعده.

الأصوات المعارضة للاستفتاء علي التعديلات الدستورية خافتة وتناولت الأمر بما يشبه التندر علي شاكلة أنه لا يوجد بديل مناسب يخلف بوتين في الحكم.

التساؤل هل نجاح الرئيس أي رئيس في قيادة بلاده يمنحه حق تغييب الدستور من خلال استفتاء مريب علي إجراء تعديلات إجبارية ليظل في الحكم مدي الحياة؟!.

وهنا لاتقل لي أن هناك مصطلحا مسماه الديمقراطية لأنها كلمة فضفاضة توظف حسب الطلب وهنا وبحسب التوظيف الروسي للكلمة فإن الرئيس بوتين مستمر حتي عام 2036في حكم روسيا من خلال إطار دستوري ديمقراطي بعد إنتهاء الإستفتاء بالطبع علي نتيجة تقبل التمديد .

بوتين بعد واحد وعشرون عاماً ليس له نائب لرئيس الجمهورية واليقين أن الدستور الروسي ينظم تداول السلطة.

التساؤل الذي لايستطيع أن يجيب عنه الرئيس بوتين مفاده هل وضع الموت في الإعتبار ولدينا حالة مماثلة في مصر حدثت في عهد الرئيس الراحل أنور السادات حيث خرجت أصوات من مجلس الشعب تدعو لبقائه في الحكم لمدد أخري وبالاحري مدي الحياة حيث نص دستور مصر وقتها وهو دستور 1971علي بقاء رئيس الجمهورية لفترتي حكم أي مدتان بما يعني 12عاما وقد تولي الرئيس السادات الحكم بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر الناصر عام 1970 وهو مايعني تركه الحكم دستوريا بعد فترتين في عام1982.

وقد تم الإستفتاء على تعديل يسمح ببقاءه من خلال عبارة لمدد أخري بدلا من مدتبن وكان ذلك عام1980 فإذا به يرحل جراء اغتياله في ساحة العرض العسكري يوم السادس من اكتوبر عام1981 دون أن يكمل فترة حكمه الثانية ليستفيد خلفه الرئيس مبارك من تلك التعديلات ويظل في الحكم ثلاثون عاما إلي أن ثار الشعب ضده ليتخلي عن الحكم رغما عنه 11فبراير2011 ولو لم تحدث ضده ثورة لظل في الحكم حتي مطلع العام الحالي الذي لقي فيه ربه أو كان قد ترك الحكم الوريث جمال حسني مبارك.

أعود إلي الرئيس بوتين الذي يبتعث نهج الإتحاد السوفييتي القديم ليظل في الحكم مدي الحياة من خلال تعديل دستوري هو من دعي اليه ولايجرؤ أن يراجعه أحد.

الأمر في العالم الثالث معتاد ولكن عقب عدول بوتين عن احترامه للدستور بعد واحد وعشرين عاماً في السلطة لاسبيل إلا القول حتي انت يابوتين!

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى