جرائم القتل ” الجزء السادس “

كتبه :- ياسر الحسنين القواس

” أتحدث اليوم تكملة للجزء الخامس السابق نشره ، فيرجى متابعة المقال السابق بعنوان جرائم القتل ” الجزء الخامس ” ، قبل قراءة هذا الجزء ، وكمقدمة لحديثى :-

– لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر نية القتل فى حق الطاعن بقوله :- ومن حيث إنه عن نية القتل وهو أمر خفى يضمره الجانى فى نفسه ، وتكشف عنه أمارات ودلائل خارجية قوامه إنتواء إزهاق الروح فهو ثابت من حشو السلاح النارى المضبوط بالمقذوف الذى يستخدم فى إطلاقه وتصويبه تجاه جسد المجنى عليها وإطلاقه فى مقتل منها وعدم تركه لها إلا بعد أن غلب على ظنه هلاكها أثر سقوطها على الأرض مضرجة بدمائها / الطعن رقم 402 لسنة 64 جلسة 1/4/1996 س 1447 ص 419 ق 60 ، فقصد القتل أمراً خفيا لايدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره في نفسه ومن ثم فإن إستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، والترصد هو تربص الجانى للمجنى عليه فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالإعتداء عليه دون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد بغيرإستخفاء/ الطعن رقم 1013 – لسنة 69ق – تاريخ الجلسة 6/3/2004 . والترصد ظرف عينى مشدد وصفته لاصقة بذات الفعل المادى المكون للجريمة ويكفى توافره فى حق المتهم تربصه للمجنى عليه وترقبه فترة من الزمن طالت أم قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى الإعتداء عليه ودون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد فى مكان خاص بالجانى نفسه ”
– أتحدث اليوم عن القسم الثانى إستكمالا للمقال السابق …

” إثبات الترصد ”
______
– الترصد واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات بما في ذلك الإعتراف وشهادة الشهود ، ويقع عبئ إثبات الترصد على النيابة العامة ” سلطة إتهام” ، وتقدير هذه الأدلة وإستظهار توافر ظرف الترصد يخضع لتقدير السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، ويثبت فى الأذهان والعقيدة أيضاً أن يتحقق توافر ظرف الترصد بأفعال الإنتظار والمكوث والتربص دون أفعال أخرى تغاير من توافر ظرف الترصد { لما كان ذلك ، وكان ماأورده الحكم تدليلا على توافر ظرف الترصد غير سائغ ذلك أن الطاعن وقت الحادث كان متواجداً أصلاً بغرفة نوم والده وبجواره فى مخدعه وما أن غط الأخير في نومه حتى تسلل المتهم من جواره فى خفة وإعتدى بعصاه على رأس والده ثلاث ضربات حتى فارق الحياة ومن ثم فإن مابدر منه من أفعال تغاير فعل الإنتظار والمكوث والتربص اللازم لقيام ظرف الترصد ، الطعن رقم 28565 لسنة 86ق جلسة 6/5/2017 } ، كما يجب أن يكون الهدف أو الغاية من تواجد الجانى فى هذا المكان هو إزهاق روح المجنى عليه ، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لايتنافر عقلاً مع ذلك الإستنتاج / الطعن رقم 3223 لسنة 82 ق جلسة 8/5/2014 ،فإثبات توافر الترصد من إطلاقات قاضى الموضوع ، فلا تعقيب عليه من قبل محكمة النقض ، إلا أن تكون الأسباب التي بنى عليها حكمه لاتتفق مع العقل والمنطق وتتناقض مع ما إنتهى إليه / نقض 6/12/1928 مجموعة القواعد القانونية ج1 ق 43 ص 67 ، كما أنه ولئن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص قصد القتل وظرفى سبق الإصرار والترصد من وقائع الدعوى والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره في نفسه ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون هذا الإستخلاص سائغا وأن يكون دليلاً فيما إنتهت إليه قائماً فى أوراق الدعوى ( الطعن رقم 21244 لسنة 71 ق جلسة 14/6/2009 )
______
– ومن التطبيقات العملية لأحكام محكمة النقض المصرية على توافر الترصد :-

1- مثال لتسبيب سائغ فى تحقق ظرف الإصرار والترصد :- ” لما كان من المقرر أن البحث فى توافر ظرفى سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضى الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لايتنافر عقلاً مع ذلك الإستنتاج ، وكان الحكم قد بين توافر ظرف سبق الإصرار بقوله ” وحيث أنه عن سبق الإصرار بالنسبة للمجنى عليه الأولى ………. فثابت فى حقه من توافر الباعث على القتل وهو الضغينة التى يحملها المتهم لوالد المجنى عليهما منذ أن شهد عليه فى واقعة سرقة أحد أولاده وقد أعمل فكره فى هدوء وروية فى تدبير خطته التى رسمها لتنفيذ جريمته بإستدراج المجنى عليها إلى مسكنه وقتلها ، ودلل على ثبوت ظرف الترصد من قيام المتهم بتربص خطوات المجنى عليها بالطريق الذى تسلكه عادة أمام منزله فولدت لديه رغبة الإنتقام من أبيها وما أن ظفر بها حتى إستدرجها إلى مسكنه مغريا إياها بقطعة حلوى بعثت فى نفسها الأمان والإطمئنان حتى أنفذ ما إنتواه بالنسبة لها ” ..، فإن ماأورده الحكم – فيما سلف – يتحقق به ظرف سبق الإصرار والترصد على النحو المعروف قانوناً
{ نقض جنائى 7/2/1990 الطعن رقم 22443 لسنة 59ق } .
[١٠:٣٩ م، ٢٠٢١/١٢/٢] Ibrahim arab: 2- لما كان يكفى لتحققه مجرد تربص الجانى للمجنى عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالإعتداء عليه إذ كان ذلك وكان الثابت من أقوال شهود الإثبات الأول والرابع والخامس أن المتهم كان يتربص للمجنى عليهما خلف كومة من الحطب فى حقل مجاور للطريق الذى يعلم بمرورهما منه حال عودتهما من حقلهما وعند مشاهدته لهما خرج من مخبئه شاهرا سلاحه النارى وباغتهما بإطلاق النار عليهما من ذلك السلاح وهو ما تستخلص منه المحكمة توافر ظرف الترصد فى حق المتهم كماهو معرف به في القانون .
{ الطعن رقم 59033 لسنة 75 ق جلسة 15 / 5 / 2008 }

3-وحيث أنه عما أثاره المدافع عن المتهم بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس فمردود بأن من المقرر أن حق الدفاع الشرعى لم يشرع إلا لرد الإعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الإعتداء وبين الإستمرار فيه وأن قيام حالة الدفاع الشرعى مشروط بأن يكون قد وقع فعل إيجابي من المجنى عليه يخشى منه المتهم وقوع جريمة ضده وأن يكون المتهم قد إعتقد بوجود خطر حال على نفسه ويكون فعله لرد هذا الخطر هو الوسيلة الوحيدة لرده كما أنه من المقرر أن حالة الدفاع الشرعى لاتتوافر متى ثبت التدبير للجريمة بتوافر سبق الإصرار أو التحيل لإرتكابها إذ بذلك ينتفى حتما موجب الدفاع الشرعى الذى يفترض ردا حالاً لعدوان حال دون الإعداد وأعمال الخطة لنفاذه .
– لما كان ذلك وكان الثابت من ماديات الدعوى أن المتهم بعد أن أعد عدته للإنتقام من المجنى عليهما لوقوفهما حائلا ضد رغبته فى فرض سطوته على أفراد العائلة التى ينتمى هو وهما إليها وإعتقاده مناصرتهما لعمه وعمهما …..ضده ، إنتظرهما فى المكان الذي أيقن عودتهما منه حاملا سلاحه المحشو بالذخيرة وما أن رآهما حتى فاجأ المتقدم منهما فى السير وهو المجنى عليه …. بإطلاق عيار نارى عليه أصابه فى عنقه فسقط على الأرض فاقداً الوعى ولم يحرك ساكناً فأعتقد المتهم أنه لقى مصرعه وفى هذا الوقت كان المجنى عليه ….. قد وصل إلى ذات المكان متجها الى إلى حيث يرقد شقيقه ليتفحصه ويستبين أمره فعاجله المتهم بإطلاق عيار نارى عليه فسقط بدوره على الأرض ثم جثا على ركبتيه محاولا النهوض إقترب منه المتهم وأطلق عليه عيارين ناريين أخريين من ذات السلاح فخر صريعا ، ووفقاً ﻷقوال شاهدى الواقعة ……و. … بتحقيقات النيابة العامة والتى تطمئن إليها المحكمة فإن أيا من المجنى عليهما لم يكن يحمل سلاحاً من أى نوع كما لم يشرع أحدهما أو كلاهما فى الإعتداء على المتهم بأى طريقة الأمر الذي يقطع بأن المتهم لم يكن فى حالة دفاع عن النفس ويكون الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى لديه على غير أساس متعينا رفضه
{ الطعن رقم 59033 لسنة 75ق جلسة 15 / 5 / 2008 }
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد إستخلص قيام ظرف الترصد مماثبت لديه من أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر بعد أن أعملا فكرهما وبيتا النية وعقدا العزم على قتل المجنى عليه وصمما على إنفاذ قصدهما بقتله وأعدا سلاحاً نارى وذخيرة وبلطة توجها إلى المكان الذي أيقنا تواجد المجنى عليه فيه حتى إذا ماظفر به أطلق عليه الطاعن عياراً ناري وضربه المحكوم عليه الآخر بالبلطة فى أماكن متفرقة من جسده ثم عاود الطاعن إطلاق النار عليه مرة ثانية وهو إستخلاص سائغ ويتوافر به قيام هذا الظرف الذى يكفى لتحققه مجرد تربص الجانى للمجنى عليه مدة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومه إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأته بالإعتداء عليه دون أن يؤثر فى ذلك أن يكون الترصد بغير إستخفاء ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لامحل له .
{ الطعن رقم 53603 لسنة 75 ق جلسة 11/6/2006}
__ وللحديث بقية إن شاء الله

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى