المَبادئ التى أقرتها الأمم المتحدةِ لحِمَايَةِ المُسْتَهْلِكِ

بقلم/ الدكتور فرج الخلفاوي

نتيجة لتحرير التجارة الخارجية أصبحت الأسواق تعتمد في نشاطها التِّجاري على السلع والمنتجات المستوردة أكثر من المحلیة، خاصة وأن المستهلك یفضلها على هذه الأخیرة لاعتبارها ذات نوعیة وجودة عالیة، وهذا ما یجعله عرضة للوقوع في تلاعب ومناورات المهنیین؛ لأن هدفهم الوحید هو تحقیق أكبر ربح ممكن على حسابه، وهذا ما دفع التشريعات لتحقیق حمایة مباشرة وخاصة بالمستهلك بهدف تحقیق التوازن بینه وبین المهني، والحفاظ على أمنه وسلامته وهذا من خلال المواقف التي اتخذتها؛ حیث كرست فیها اهتماما كبيرا بالمستهلك من خلال النصوص القانونیة والتنظیمیة التي تبنتها قصد تفعیل هذه الحمایة من السلع المغشوشة والمقلدة كونها أكثر أضرارا بالمستهلك في حیاته وأمواله؛ وذلك لنقص درايته ومعرفته بمزايا وخصائص هذه السلع في ظل التغيرات التي يشهدها السوق والاقتصاد العالمي خاصة في عصر العولمة. وترجع فكرة حمایة المستهلك من المنتجات المغشوشة والمقلدة إلى الأخطار التي تسببها هذه الأخیرة على كل مقتنٍ لهذه السلع.
ويقصد بحماية المستهلك بوجه عام: حفظ حقوقه وضمان حصوله على تلك الحقوق قبل المهني في كافَّة المجالات، سواء كانوا تجارا أو صناعا أو مقدمي خدمات أو شركات في اطار التعامل التسويقي الذي تكون محله سلعة أو خدمة.
ويمكن حصر حماية المستهلك بصفة عامة في أربعة مجالات، هي حماية الأمن الجسدي له وصحته وسلامته، وحماية مصالحه الاقتصاديَّة، وحماية إرادته التعاقدية، وحماية فكره وثقافته.
وتكمن أهمية توفير الحماية للمستهلك في أنه هو الطرف الضعيف في التعاقد بينما المهنيون في مركز القوة، فالمستهلك هو الشخص الضعيف اقتصاديا، كما أنه قليل الخبرة بالنظر إلى المهني أو المحترف، وأيضًا لأنه في المعاملات الإلكترونيَّة يكون التعاقد عن بعد ولا يكون المنتج محل التعاقد بين يدى المستهلك؛ لذلك وجب على القانون أن يتعرض لحمايته في المعاملات الإلكترونيَّة لاستخراج الآليات اللازمة لإعادة التوازن في العلاقات الاستهلاكيَّة بما يرفع الضرر والخطر على المستهلك، ولأن المعاملات الإلكترونيَّة في الغالب ما تكون معاملات دولية تتم عن طريق شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) لا تعرف الحدود؛ ومن ثم فهي تمتد لتشمل كافَّة أرجاء المعمورة مما يستدعي توحيد النظام القانوني الدولي بهدف التنسيق بين المراكز القانونيَّة للمتعاقدين واتساع نطاق الحماية القانونيَّة للمستهلك.
وقد حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 248/39 الصادر في 16 أبريل 1985عدة مبادئ عامة عالمية لحقوق المستهلك حماية للمستهلك، وقد أوصت دول العالم بالأخذ بها عند إقرار أي تشريعات تهدف إلى حماية المستهلك وهي كالآتي:
1- الحق في السلامة :
التأكيد على هذا الحق يهدف إلى الدفاع عن المستهلكين ضد الإصابات الناجمة عن المنتجات ويقتضي ألا تتسبب المنتجات بأي ضرر على مستخدميها إذا كان هذا الاستخدام يتم على النحو المنصوص عليه.
2- الحق في الحصول على المعلومات:
هذا الحق ينص على وجوب أن توفر الشركات للمستهلكين ما يلزمهم من المعلومات المناسبة الكافية لاتخاذ قرارات شراء مدروسة و ذكية. و لذا يجب أن تكون معلومات المنتج المقدمة من قبل المصنعين كاملة وصادقة و هدف تحقيق الحماية من المعلومات المضللة في مجالات التمويل والإعلان.
3- الحق في الإختيار:
الحق في الاختيار الحر بين عروض المنتجات ينص على حق المستهلك في تنوع الخيارات المتاحة أمامه من شركات مختلفة ليختار ما يناسبه من بينها.
4- حق الاستماع إلى آرائه :
هذا الحق يمنح المستهلكين القدرة على رفع الشكاوى والمخاوف حول منتج ما من أجل معالجتها بكفاءة و مرونة.
5- الحق في إشباع الاحتياجات الأساسية :
هذا الحق يقتضي ضرورة أن يكون للناس حق الحصول على السلع الأساسية والخدمات الأساسية وما يكفيهم من الغذاء والكساء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم المرافق العامة والمياه والصرف الصحي.
6- الحق في التعويض :
الحق في التعويض يوفر للمستهلكين لتلقي تسوية عادلة عن المطالبات المشروعة، بما في ذلك التعويض عن التظليل أو السلع الرديئة أو الخدمات غير المرضية.
7- الحق في توعية المستهلك :
الحق في تثقيف المستهلك ينص على أن يكون للمستهلك الحق في اكتساب المعارف والمهارات المطلوبة لممارسة الاختيارات الواعية بين السلع والخدمات، وأن يكون مُدركاً لحقوق المُستهلك الأساسية ومسؤولياته وكيفية استخدامها.
8- الحق في بيئة صحية :
يدعو الحق الأخير لحق العيش والعمل في مكان عمل أو منزل خال من المخاطر للأجيال الحالية والمستقبلية.
وتهدف هذه المبادئ إلى مراعاة الظروف الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة للمستهلكين بما يكفل لهم حياة كريمة ومراعاة مصالح واحتياجات المستهلكين في جميع الدول وحقهم في الحصول على منتجات وخدمات آمنة وغير ضارة وتسهيل إنشاء جمعيات حماية المستهلكين، وكذلك أحقية المستهلك في التقاضي والحصول على التعويضات العادلة في حالة استغلاله أو الإضرار به.
وقد التزم المشرع المصري في المادة (2 ) من قانون حماية المستهلك المصري رقم 181 لسنة 2018 بالمبادئ الثمانية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1985.
ویقصد بحمایة المستهلك بالمنظور الحديث : رعاية المستهلك ومساعدته في الحصول على كل مايلزمه من مواد وخدمات لتلبیة احتياجاته الشخصية، ولتحقيق الاستقرار المعيشي بأسعار معقولة وتحت كل الظروف تدفع هذه الحماية الأضرار والأخطار التي من شأنها المساس بمصالحه وأمنه، وعليه يرتبط مفهوم حمایة المستهلك بضمان حقوقه في مجال العملية الاستهلاكية بوجه عام بإيجاد وسائل وأساليب مناسبة لتحقيق التوازن التعاقدي بين المستهلك والمهني.

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى