المواطنة ولاء وإنتماء للوطن وحقوق وواجبات

كتبه : ياسر الحسنين القواس المحامي

– المواطنة : وهى علاقة بين الفرد حامل جنسية الدولة ، كما يحددها قانون ودستور تلك الدولة ، وما يتضمنه وينص عليه من واجبات وحقوق ، ومايتضمنه دستورتلك الدولة من مبادىء تحقق المساواة بين أفراد المجتمع دون تمييز .

فالمواطنون سواء أمام قانون تلك الدولة، وكذلك فهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ، فلاتمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى والوضع الإجتماعى أو الإنتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر .

كما يتضح للجميع فى العصر الحديث وأهمية مبدأ المواطنة فى ظل التطور السياسى على اعتبار أن المواطنة ركن أصيل من أركان التحول الديمقراطي للصورة السياسية داخل المجتمع الواحد والإصلاح السياسى ، كون الهدف من عملية الإصلاح السياسى هو تحقيق فائدة للطرفين ” الوطن والمواطن “.

وبتحقيق قيم ومبادئ وصور المواطنة كاملة داخل المجتمع الواحد ، بحيث يتحقق الصالح العام للجميع ، على اعتبار أنه لاتتم عملية الإصلاح السياسي داخل الدولة الواحدة من غير ترسيخ وتعزيز لمفاهيم وصور المواطنة التى يقوم على أساسها إلحاق كافة الحقوق للمواطنين ، باعتبارهم مشاركين فى كيان الدولة والوطن .

فتأصيل وترسيخ مبادىء المواطنة داخل الدولة الواحدة ، يحقق الممارسة الديمقراطية باعتبار ” لاديمقراطية بدون نص … ولا ديمقراطية بدون مواطنة ” فالمواطن هو الوطن .. والوطن هو المواطن ، فممارسة حقوق المواطنة لاتتم إلا من خلال تطبيق نهج ديمقراطى سواء أكانت هذه الحقوق سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية أوثقافية .

فهى الركن الأساسى الأصيل لأى عملية تطوير ديمقراطى داخل الدولة الواحدة .. فالمواطنة والديمقراطية هما عمود البناء الذى يؤسس عليه المجتمع … ثم أتحدث عن المواطنة فى الدولة المصرية وماتعنيه من ترسيخ للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( كحق العمل وحق التعليم وحق الرعاية الصحية ….) ، وكذلك حقوق سياسية التى تضمن حق كل فرد كمواطن ناشط وفعال داخل المجتمع ، فى بناء النظام السياسى بمشاركته كناخب الإدلاء بصوته فى العملية الانتخابية ، أو مشاركته كمرشح ضمن المرشحين .. فعلى المستوى الدستورى المصرى الحالى.

فى دستور 2014 ، نجد أن هناك إقرار بحقوق المواطنة جميعا ، بصرف النظر عن الإختلاف في الدين أو العرق أو اللون أو الوضع الإجتماعى … فالمواطنة كما وردت فى دستور 2014 بجميع المفاهيم وكافة الصور فى عدة مواضع منها :-

1- وردت المواطنة فى مقدمة دستور جمهورية مصر العربية الحالى لعام 2014 والمعدل بإستفتاء إبريل 2019 فى بعض العبارات التى تؤسس لمبدأ المواطنة داخل المجتمع المصري .. وبين أفراد المجتمع . ” وفى العصر الحديث ، إستنارت العقول ، وبلغت الإنسانية رشدها ، وتقدمت أمم وشعوب على طريق العلم ، رافعة رايات الحرية والمساواة ” ، ” وجاهدنا – نحن المصريين – للحاق بركب التقدم ، وقدمنا الشهداء والتضحيات ، فى العديد من الهبات والانتفاضات والثورات ، حتى انتصر جيشنا الوطنى للإرادة الشعبية الجارفة فى ثورة 25 يناير – 30 يونية “، التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية ، واستعادت للوطن إرادته المستقلة ” ، ” لنبنى عالما إنسانيا جديدا تسوده الحقيقة والعدل ” ، ” وتصان فيه الحريات وحقوق الإنسان ” ،” نحن نؤمن أننا قادرون أن نستلهم الماضى وأن نستنهض الحاضر ، وأن نشق الطريق إلى المستقبل . قادرون أن ننهض بالوطن وينهض بنا .. نحن نؤمن بأن لكل مواطن الحق في العيش على أرض هذا الوطن فى أمن وأمان ، وأن لكل مواطن حقا فى يومه وفى غده ” ، ” نحن نؤمن بالديمقراطية طريقا ومستقبلا أسلوب حياة ، وبالتعددية السياسية ، وبالتداول السلمى للسلطة ، ونؤكد على حق الشعب فى صنع مستقبله ، هو – وحده – مصدر السلطات ،الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية حق لكل مواطن ” ، ” نحن الآن – نكتب دستورا يفتح أمامنا طريق المستقبل ، ويتسق مع الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ” ، ” نكتب دستورا يصون حريتنا ، ويحمى الوطن من كل مايهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية ” ، ” نكتب دستورا يحقق المساواة بيننا فى الحقوق والواجبات دون أى تمييز ”

2- الموضع الثانى للمواطنة في مواد الدستور الحالى لجمهورية مصر العربية الصادر عام 2014 والمعدل باستفتاء إبريل عام 2019 ، أكد فى مواده الأولى والرابعة من الباب الأول .. بأن جمهورية مصر العربية ، نظامها جمهورى ديمقراطى ، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون ، وأن السيادة للشعب وحده ، يمارسها ويحميها ، وهو مصدر السلطات ، ويصون وحدته الوطنية التى تقوم على مبادىء المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، كما أكد الدستور الحالى على سيادة القانون كأساس للحكم في الدولة، كما أكد على إستقلال القضاء وحصانته وحيدته كضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات ، وأنه لاجريمة ولاعقوبة إلا بحكم قضائي ، وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وأن التقاضى حق مصون ومكفول للكافة ( مواد 94 ، و95 ، و 96 من الباب الرابع من الدستور المصرى الحالى )، كما تحدثت فى المادة الخامسة بأن النظام السياسى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية ، وقد أكد الدستور المصرى الحالى على الحق للمواطنين فى تكوين أحزاب سياسية مع حظر مباشرة أى نشاط سياسى ، أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى ، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى ، أو ممارسة نشاط معاد لمبادىء الديمقراطية ، أو سرى ، أو ذى طابع عسكرى أوشبه عسكرى ( مادة 74 من الباب الثالث بالدستور المصرى الحالى )، كما أكد الدستور الحالى على حق التعليم لكل مواطن وبين أهدافه ، ومن بينها بناء الشخصية المصرية.. وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير ، وتنمية المواهب .. وتشجيع الإبتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية ، وإرساء مفاهيم المواطنة وعدم التمييز ، كما حرص على التأكيد على كفالة الدولة توفير التعليم الجامعى المجانى ، وفقا لمعايير الجودة العالمية ( مادة 19 من الفصل الأول من الباب الثانى ) كما أكد فى مواده على التزام الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز ( مواد 4،9) ، كما أكد الدستور المصرى الحالى على حرية البحث العلمى ، وتلتزم الدولة برعاية الباحثين والمخترعين .

وحرية الإبداع الفنى والأدبى وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب ، ورعاية المبدعين حماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك ( مواد 66، 67 من الباب الثالث من الدستور المصرى الحالى ) ، كما أكد الدستور الحالى لجمهورية مصر العربية على أن المواطنون لدى القانون سواء ، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ، لاتمييز بينهم بسبب الدين ، أو العقيدة ، أو الجنس ، أو الأصل ، أو العرق ، أو اللون ، أو اللغة ، أو الإعاقة ، أو المستوى الاجتماعي ، أو الإنتماء السياسى أو الجغرافى ، أو لأى سبب آخر… كما أكد على أن التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون ، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز ( مادة 53 من الباب الثالث من الدستور المصرى الحالى ).

كما أكد الدستور المصرى الحالى على أن لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول ، أو بالكتابة ، أو بالتصوير ، أوغيرذلك من وسائل التعبير والنشر.

وكذلك حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقى والمرئى والمسموع والإلكتروني ، وحق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ، ووسائط الإعلام الرقمى ( المادة 65 ، المادة 70 من الباب الثالث بالدستور المصرى الحالى ) .

كما تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم والآمن الصحى ، بما يحافظ على الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية ( مادة 78 من الباب الثالث بالدستور المصرى الحالى ) ، كما أكد الدستور المصرى الحالى على أن مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى .

وعلى حق كل مواطن فى الإنتخابات والترشح وابدأ الرأى فى الإستفتاء ( مادة 87 من الباب الثالث بالدستور المصرى الحالى ) ، كما نص الدستور المصرى الحالى على دور مجلس النواب فى( المادة 101 من الفصل الأول من الباب الخامس ) : – يتولى مجلس النواب سلطة التشريع ، وإقرار السياسة العامة للدولة ، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، والموازنة العامة للدولة ، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية .

كما أكد الدستور الحالى على أن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ، ورئيس السلطة التنفيذية ، يرعى مصالح الشعب ويحافظ على إستقلال الوطن ووحدة أراضيه وسلامتها ( مادة 139 من الفصل الثانى من الباب الخامس بالدستور الحالى) ، وعن المحاماة مهنة ورسالة الفرسان النبلاء الأحرار ، كيان حر مستقل يدافع عن أبناء المجتمع المصرى جميعا دون إستثناء أو تمييز بأى سبب .. نقابة عظيمة عريقة وأبنائها أحرار.

تستلزم مهنة ورسالة المحاماة فراسة ونزاهة وأمانة وقيم وأخلاق ومبادىء حميدة طيبة .. فقد أكد الدستور المصرى الحالى لجمهورية مصر العربية على إستقلال المحاماة وأنها مهنة حرة ، تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة، وسيادة القانون ، وكفالة حق الدفاع ، ويمارسها المحامى مستقلا ، ويتمتع المحامون جميعا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التى تقررت لهم فى القانون ( مواد 98 من الباب الرابع ، والمادة 198 من الفصل السادس من الباب الخامس بالدستور المصرى الحالى )..

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى