الــــدفع بـــالتـــجريــــد

بلقم الدكتور/ وليد محمد وهبه

حق التجريد هو حق الكفيل الذي يطالبه الدائن بأداء الدين، في إلزام الدائن بالتنفيذ على أموال المدين أولاً إذا هو بين له أن أموال المدين القابلة للحجز تفي بأداء الدين بتمامه، (م788) فالدفع بالتجريد إذن حق منحه القانون للكفيل يستطيع بمقتضاه أن يقف إجراءات التنفيذ على أمواله إلى أن يتم التنفيذ على أموال المدين أولاً ويتضح عدم كفايتها لوفاء الدين.

كما يستطيع بمقتضى حقه في الدفع بعدم جواز الرجوع عليه قبل الرجوع على المدين أن يدفع دعوى المطالبة الموجهة إليه على انفراد قبل مطالبة المدين المشرع إذن فرق بين مجرد مطالبة الكفيل قضائيًا وبين التنفيذ على أمواله، ذلك أنه خول الكفيل دفعًا خاصًا بكل من هاتين الحالتين.

فجعل الدفع بالتجريد مقصورًا على حالة التنفيذ على أموال الكفيل وجعل الدفع بحق الرجوع على المدين أولاً عند المطالبة القضائية فلا يجوز للكفيل أن يدفع بالتجريد بمجرد رفع الدعوى عليه لاستصدار حكم ضده بالدين ولا يكون هذا الدفع مقبولاً منه إلا إذا اتخذت إجراءات التنفيذ على أمواله وكان الغرض من الدفع وقف تلك الإجراءات.

وإذا تعدد المدينون ولو كانوا متضامنين فيما بينهم، وكفلهم جميعًا نفس الكفيل جاز له الدفع بتجريدهم جميعًا، أما إذا كفل بعضهم دون البعض فيكون له الدفع بتجريد من كفلهم دون الآخرين.

مزاياه: ومزية الدفع بالتجريد أنه

أولاً: قصد الكفيل في أن يكون التزامه احتياطيًا أي أنه لا تجوز مطالبته ولا التنفيذ عليه إلا بعد مطالبة المدين الأصلي المكفول والتنفيذ على أمواله.

وثانيًا: أن العدالة تبرر ذلك لأنه يؤدي إلى الاقتصاد في الإجراءات والنفقات لأن الدائن إذا نفذ على أموال الكفيل فلهذا الأخير أن يرجع على المدين بكل ما دفعه عنه ولهذا كان من الأفضل أن نختصر الإجراءات بإلزام الدائن بالبدء بالتنفيذ على أموال المدين خاصة وأن الدائن لن يضار بالبدء بالتنفيذ على أموال المدين إذ كل ما يهم الدائن هو أن يحصل على دينه وسيان عنده أن يأتي ذلك نتيجة للتنفيذ على أموال المدين أو الكفيل.

كيف يستفيد الكفيل من الدفع بالتجريد؟

الأصل أن للدائن الحق في التنفيذ على أموال الكفيل بمجرد ثبوت الحق له في مطالبته واستصدار حكم بإلزامه بالدين وقد عرفنا أن الدفع بالتجريد منحة أعطاها القانون للكفيل بمقتضاها لا يستطيع الدائن التنفيذ على أموال الكفيل حتى يجرد المدين من أمواله وعلى ذلك فيجب على الكفيل أن يتمسك بالتجريد ولا يجوز للقاضي أن يحكم بتجريد المدين ما لم يطلب منه الكفيل ذلك والمادة (788) فقرة (2) تقطع بذلك إذ تنص على أنه (لا يجوز له (أي الدائن) أن ينفذ على أموال الكفيل إلا بعد تجريده المدين من أمواله ويجب على الكفيل في هذه الحالة أن يتمسك بهذا الحق)

متى يستطيع الكفيل الدفع بالتجريد؟

إذا كان التزام الكفيل واردًا في سند عرفي وجب استصدار حكم ضده بإلزامه بالدين حتى يمكن التنفيذ على أمواله وفي هذه الحالة إذا رفعت الدعوى على الكفيل وحده أو على المدين والكفيل معًا وهذا هو الغالب لأن الدعوى إذا رفعت على الكفيل وحده كان له أن يدفع بعدم إمكان مقاضاته إلا بعد رجوع الدائن على المدين، كان له الحق في أن يتمسك بالدفع بالتجريد في أية حالة كانت عليها الدعوى بيد أنه يجب عليه أن يتمسك بالدفع بالتجريد قبل صدور الحكم النهائي وإلا اعتبر أنه تنازل عن حقه في الدفع بالتجريد وإذا صدر الحكم بإلزامه بالدين فإنه لا يعلق تنفيذ الحكم على تجريد المدين من أمواله فالدفع إذن بالتجريد لا يمنع من الاستمرار في الدعوى المرفوعة على الكفيل ولا يمنع من الحكم عليه وإلزامه بالدين كل ما في الأمر أن هذا الحكم لا يمكن تنفيذه على أموال الكفيل حتى يجرد المدين من أمواله وهذا لا يمنع الدائن من اتخاذ الإجراءات التحفظية في مواجهة الكفيل.

أما إذا كان التزام الكفيل بمقتضى سند رسمي فلا يحتاج الدائن في هذه الحالة إلى استصدار حكم بإلزام الكفيل بالدين لأن التنفيذ إنما يكون بمقتضى ذات السند المثبت لالتزامه وللكفيل هنا أن يتمسك بحقه في الدفع بالتجريد بمجرد إعلانه بالسند أو عند إجراء التنفيذ على أمواله وذلك عن طريق الاستشكال في هذا التنفيذ.

وإن كان هذا لا يمنع من أن يبد دفعه بالتجريد أمام قاضى الموضوع ذلك بطلب يقدم لكى يقضى بالتنفيذ على المدين الأصلي وإرجاء التنفيذ على الكفيل

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى