الغش يفسد كل شيء

 

بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي

من القواعد واجبة التطبيق في القانون، قاعدة “الغش يبطل التصرفات” حتى ولو لم يجرمها نص خاص.

يجوز إثبات الغش بكافة طرق الإثبات ومنها البينة والقرائن، ولمحكمة الموضوع سلطة استخلاص عناصره، وتقدير ما يثبت به وما لا يثبت به متى أقامت قضائها على أسباب سائغة.

إن تلك القاعدة الأصولية تعد قاعدة قانونية سليمة، تقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية، في محاربة الغش والخديعة والاحتيال وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموما لصيانة مصلحة الأفراد والجماعات.

تطبيقا لهذه القاعدة، يبطل الحكم إذا ثبت أنه صدر عن إجراءات تنطوي على غش بقصد منع المدعي عليه من العلم بالدعوي وإبداء دفاعه فيها، رغم استيائها ظاهريا أوامر القانون.

ومن المقرر في قضاء محكمة النقض، أنه من القواعد الأساسية الحاكمة للقانون المصري، ولكل الشرائع، أن الغش يفسد كل شيء، ولا يجوز أن يفيد منه فاعله، منعا للفساد ودعما لحسن النية والشرف وتنزيها لساحات المحاكم، أن تتخذ سبيلا للانحراف.

نصت المادة ١٠٠ من قانون الإثبات على أنه (يترك للقاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون) والقرينة هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم.

والغش يفتح باب المواعيد في الأحكام النهائية للطعن بالتماس إعادة النظر، كما يفتح باب الاستئناف حتى ولو بعد انتهاء المدة القانونية للاستئناف. هذه القاعدة تصون الحقوق تحمي حسن النية وتنحاز إلى العدل، ولكن يجب إضافة مادة تشريعية واضحة للتجريم في حالات ثبوت الغش بكافة أشكاله طالما تيقنت منه المحكمة.

أسوق مثالا للتوضيح، لو أن أحد المحضرين المكلفين بالإعلان قام بالتواطؤ مع أحد الخصوم بإتمام الإعلان شكلا، دون علم المعلن إليه وتعمد تغيير العنوان بما يضمن عدم وصول علم المعلن إليه بهذا الإجراء، وتمت الإجراءات القانونية التي بنيت على الغش وصدر حكم نهائي، ثم اكتشف الصادر ضده الحكم هذا الكيد والتحايل.

لا شك أنه سيقوم باتخاذ كافة الإجراءات التي تثبت وقوع الغش وبالتالي بطلان الإجراءات، إذا ما نجح هذا الشخص الذي وقع ضحية للتلاعب والتحايل والغش، فإنه سيستطيع استعادة حقوقه.

يبقى السؤال المهم؛ ماذا عن المسئولية القانونية تجاه كل من خطط ودبر وحاك المؤامرة من أجل سلب الحقوق؟ في أغلب الأحوال، لا توجد نصوص قاطعة لمعاقبة هذا السلوك المشين وفي كل جل الحالات يكتفي الضحية باستعادة حقه، ولا يفكر في التعامل مع وقائع الغش التي ارتكبت ضده.

تضمن قانون العقوبات نصوصا عقابية ضد أغلب صور الغش والتحايل على القانون، لكن ما اقترحه، هو نص واضح لمعاقبة كل من يثبت انه قد تحصل على حكم أو سلب حق الغير عن طريق الغش حتى ولو لم يندرج ضمن الجرائم التي نظمها قانون العقوبات، لأن الغش الذي يفسد كل شيء لا يجب أن يترك فاعله دون عقاب واضح.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى