الضوابط القانونية لإصدار الأمر بتوقيع الكشف على المتوفي أو تشريحه

بقلم/ أ / محمد جمال عبد المقصود

 

قبل أن نتطرق للحديث تفصيليا في ذلك الأمر فعلينا أن نوضح أولا أن النيابة العامة هي النائبة عن المجتمع و الممثلة له و تتولى دائما تمثيل المصالح العامة و السعي وراء تحقيق موجبات القانون والحفاظ علي حقوق الأشخاص، و حديثنا اليوم نوضح من خلاله الضوابط القانونية الواردة بالتعليمات العامة للنيابات في الباب الثاني عشر و الخاص بالطب الشرعي و الكشوف الطبية، فقد وضحت لنا تلك التعليمات الضوابط الخاصة بتوقيع الكشف الطبي على المتوفي، أو إصدر الأمر بتشريح الجثث و أيضا وضحت لنا المسئوليات التي تقع علي الطبيب الشرعي الذي تندبه النيابة لتوقيع الكشف في حالة وفاة الأشخاص في ظروف غامضة، فقد ألزمت النيابة العامة الطبيب بإخطارها في حالة الانتهاء من الأمر المكلف به للبداية في التحقيق في حالة أن توافر في الأمر جريمة أو شبهة جنائية.

فقد جاءت المادة ( 442 ) من تلك التعليمات لتوضح لنا أنه ( لا يجوز تشريح الجثث المشتبه في وفاتهم عن طريق وجود أمر يمثل شبهة جنائية او التصريح بدفن تلك الجثث إلا بعد صدور إذنا صريحا من النيابة المختصة بذلك ).

– و علي ضوء هذا فقد تضمنت التعليمات الزاما علي النيابة بندب الطبيب الشرعي المختص بإجراء العملية التشريحية و لا يندب احدا خلافه إلا في حالة واحدة و هي ( أن يتعذر ندبه )، و في تلك الحالة يقوم مفتش الصحة او طبيب المستشفى بذلك العمل بدلا منه باستثناء حالة واحدة لا يجوز فيها ندب طبيب المستشفى للقيام بذلك العمل،  إلا و هي أن تكون الوفاة قد وقعت بالمستشفى ذاتها، و مشتبه في أن تكون نتيجة اهمال طبي سواء كان إهمال في العلاج أو خطأ في إجراء العملية ففي تلك الحالة يكون الندب لمفتش الصحة أو طبيب أقرب مستشفى أخرى.

وعلي ضوء ما سبق ففي جميع الأحوال محظورا علي الطبيب الذي كان يتولى علاج المتوفي أو أجرى له عملية أن ينتدب لأجراء العملية التشريحية.

ففي كلا الحالتين نجد ان مفتش الصحة و الطبيب يقوما مقام الطبيب الشرعي المختص بالتشريح في حالة أن تم ندبهم لتعذر قيامه بذلك.

و حال ندب الطبيب الشرعي لإجراء العملية التشريعية فعلي السيد عضو النيابة مصدر القرار أن يشفع أمر الندب الصادر منه بتصريح الدفن الخاص بالجثة، و ذلك حتي لا يتأخر الدفن و علي الطبيب الشرعي فور انتهائه من إجراء العملية التشريحية أن يعد تقريره في اسرع وقت ممكن بالإضافة إلى إرساله إخطارا بنتيجته للنيابة لحين الانتهاء من كتابة التقرير التفصيلي.

فمن الحالات التي يجب أن يتم اجراء التشريح فيها حال تواجد شبهة جنائية في الوفاة او إقرار أهل المتوفي وادعائهم من وجود شبهة جنائية و تدخل الغير في حدوث الوفاة، و ذلك على سبيل المثال :-

1 – الأشخاص الذين يدخلون مستشفيات خاصة أو عمومية لإسعافهم أو للعلاج أو لإجراء جراحة و يتوفون أثناء تواجدهم و يستوي في ذلك طول مدة بقائهم بالمستشفى أو قصرها، وذلك للتأكد من عدم وجود إهمال في العلاج أو خطأ طبي في إجراء العملية الجراحية.

2 – تصدع المنازل و تهدمها على المتوفي.

3 – السقوط من علو في حوادث القضاء و القدر.

4 – لدغ الثعابين و العقارب و عقر الكلاب للوقوق على وجود اهمال من صاحب الحيوان من عدمه.

5 – الحوادث العمدية و الغير عمدية.

6 – حالات الغرق.

و بصفة عامة متى كان التحقيق و الكشف الظاهري لم يكشفا عن وجود شبهة جنائية وأثبت الكشف الظاهري عن سبب الوفاة و نفي وجود ثمة شبهة جنائية فلا محال لإجراء عملية التشريح  حال ذلك.

و حال دفن الجثة و لم يمر علي دفنها اكثر من خمسة ايام في فصل الصيف و عشرة أيام في فصل الشتاء و استلزم الأمر إخراج الجثة حيث انه لم يتم اجراء العملية التشريحية لها من قبل، و ظهر بعد دفنها ما يفيد من وجود شبهة جنائية و استلزم الأمر غجراء العملية التشريحية لها لبيان الأسباب التي ادت الي الوفاة و لم يكن يمر علي فيجب اولا استطلاع رأي السيد المحامي العام المختص للنظر في امر ندب الطبيب الشرعي لإخراج الجثة و اجراء العملية التشريحية لها، و حال مرور أكثر من المدة المنوه عنها عالية، و هي ( خمسة أيام في فصل الصيف و عشرة أيام في فصل الشتاء )، فيتم أولا استطلاع رأي الطبيب الشرعي لبيان عما اذا كان هناك الإمكانية لإجراء العملية التشريحية، و الوصول للهدف المطلوب من ذلك أم أن مرور الوقت قد محي الآثار التي ممكن من خلالها الوصول إلى الغاية من التشريح، و يتم استطلاع رأيه بإرسال ملف القضية له مشروعا بمذكرة مبين بها ظروف الواقعة و الأسباب التي دعت إلى إخراج الجثو و اجراء العملية التشريحية حتي يستثني له اصدار رأيه في الأمر، و حال صدور قرار الطب الشرعي بإمكانية إخراج الجثة فعلي السيد عضو النيابة حضور عملية إلاخراج بنفسه أو تكليف غيره من مأمور الضبط بذلك الأمر بالإضافة لحضور بعض من أهلية المتوفي، و ضور من قام بدفنه و بداية و قبل أي شئ يتم فتح محضرا و إثبات كافة الأمور الخاصة بالجثة و حالتها، ومناظرة الجثة بعد إخراجها و عرضها عليهم للتعرف عليها .

فيما يخص إجراء الصفة التشريحية ليلا أو الانتقال لمعاينة مسرح الجريمة:-

فلا يجوز إجراء الصفة التشريحية ليلا أو توقيع الكشف الطبي إلا إذا كانت الوفاة غير مؤكدة أو بيان أشياء جوهرية مفيدة بالتحقيق كوقت حدوث الوفاة او غير ذلك من الظروف إلا انه علي النيابة بيان الأسباب التي دعت إلى القيام بالكشف ليلا في الأمر الصادر بالندب، أما فيما يخص الانتفال لمسرح الجريمة فلا يجوز أن يتم ذلك ليلا و علي النيابة العامة اتخاذ ما يلزم من الإجراءات ووضع الحراسة اللازمة لبقاء الحال كما كان عليه لصباح اليوم التالي.

في النهاية فالنيابة العامة هي صاحب القرار ولها السلطة التقديرية في وجوب إجراء العملية التشريحية من عدمه، وذلك قبل دفن الجثمان وبعد توقيع الكشف الظاهري للطبيب للوقوف علي سبب الوفاة، و ظروف الحادث و للطبيب الشرعي أيضا دوره الكبير في بيان مدى إمكانية تحديد أسباب الوفاة و الوقوق علي وجود شبهة جنائية من عدمه فكلاهما مكملا للآخر للوصول إلى الحقيقة و التيسير علي القانون، لأخذ مجراه الصحيح و القصاص للمتوفي حال وفاته نتيجة جريمة اقترفت في حقه أودت بحياته دون ذنب أو رحمة.

أشرف زهران

صحفي مصري، حاصل على بكالريوس إعلام، ومحرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين، ومكتب النقيب،
زر الذهاب إلى الأعلى