السُّلْطَة الْمُقَيَّدَة والسُّلْطَة التَّقْدِيرِيَّة لِلْإدَارَة

 

الأستاذ/ زكريا فام رياض

تقوم الإدارة بوظيفتها في حدود القانون وطبقاً لمبدأ المشروعية.

وتطبيق القانون يتم أحيانا بطريقة ألية، لا مجال فيها للتقدير. ويسمى اختصاص الإدارة في هذه الحالة بالسلطة المقيدة.

وأحيانا يتم بطريقة مرنة، تقوم على الملاءمة. وفى هذه الحالة يسمى اختصاص الإدارة بالسلطة التقديرية.

فبنسبة للحالة الأولى يتحدد قيام السلطة المقيدة بوجود قاعدة قانونية آمرة تلزم الإدارة باتخاذ قرار معين كلما توافرت شروط معينة.

فحريتها معدومة وما عليها إلا أن تتحقق من قيام الشروط القانونية لتتخذ القرار الذي فرضه القانون.

وعليه فإن تقييد سلطة الإدارة يعد بمثابة ضمان لحريات الأفراد ومراكزهم القانونية.

وبالنسبة للحالة الثانية فإن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية عندما يترك القانون لها الحرية في مباشرة نشاطها دون أن يفرض عليها إجراء إلزامي معين نص عليه القانون.

وفي هذه الحالة يترك القانون للإدارة حرية اختيار العمل وتقدير الوقت المناسب للقيام به، دون أن تملى عليها مقدما مسلك محدد يتعين عليها اتباعه.

ولا جدال في أن إعطاء الإدارة حرية التقدير يعمل على غرس روح الأبتكار والنشاط إلا أن إطلاق هذه الحرية إلى حد كبير قد يؤدى إلى تجاوز الإدارة لحدود سلطتها الأمر الذى يؤدى إلى الافتئات على حقوق الأفراد وحرياتهم.

لذلك كانت الرقابة القضائية على هاتين السلطتين، وأن كان مدى هذه الرقابة يختلف في حالة السلطة التقديرية، عنه في حالة السلطة المقيدة.

ففي الحالة الأولى تسمى رقابة ملاءمة، بينما في الحالة الثانية تسمى رقابة مشروعية.

فرقابة الملاءمة يقف القاضي عند حد الانحراف بالسلطة فإذا ما ثبت له أن الإدارة قد انحرفت في استعمال سلطتها التقديرية حكم بعدم مشروعية عملها.

وبناء على ذلك فإن الانحراف بالسلطة لا يكون إلا حيث للإدارة سلطة تقديرية.

” د . أَحْمَد حَافَظ نَجْم، مَقَالٌ بِعِنْوَان السُّلْطَة التَّقْدِيرِيَّة لِلْإِدَارَة ودعاوى الِانْحِرَاف بالسلطة، مَجَلَّة الْعُلُوم الإدَارِيَّة، ص 58 وَمَا بعدها”.

أما إذا كانت الإدارة مقيدة فلا يتصور انحراف في استعمال سلطتها، ولكن يتصور تجاوز لحدودها فتكون هناك مخالفة للقانون.

وعليه يوجد الانحراف من الناحية القانونية إذا أساء الموظف استعمال سلطته فقصد بها هدفا مجانيا للمصلحة العامة.

كأن يقصد مثلا تحقيق نفع خاص أو محاباة شخص بذاته أو الانتقام من خصمه، ففي مثل هذه الحالات يمكن القول بأن جهة الإدارة قد انحرفت عن الأهداف التي قامت من أجلها، والتي تتمثل في تحقيق المنفعة العامة والصالح العام للأفراد.

وبالإضافة إلى هذه الصورة من صور الانحراف بالسلطة فهناك حالة أخرى، وهي عندما يهدف الموظف إلى مراعاة المصلحة العامة فعلآ.

ولكنه يخدم هدفا غير الهدف الذي حدده القانون، فإنه يكون هناك انحراف بالسلطة لأن الأمر ينطوي على مخالفة للهدف المقصود بذاته، وبمعنى آخر مخالفة لقاعدة تخصيص الأهداف.

وأخيرآ فإنه إذا كانت الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية أو سلطة مقيدة في تصرف ما، فإنها في ممارستها لهاتين السلطتين لا تكون بمنجاة عن رقابة القضاء.

“دُكْتُور عَبْدُ الرَّزَّاقِ السنهوري، الِانْحِرَاف فِي اسْتِعْمَال السُّلْطَةَ التَّشْريعِيَّةَ، مَجَلَّة مَجْلِس الدَّوْلَة، السَّنَةِ الثَّالِثَةِ يَنايِر 1952، ص 65 ” .

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى