السوابق القضائية والمبادىء المستقر عليها

بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه المحامي

 

أثارت اشكالية قانونية هامة منذ صدور قانون الخدمة المدنيه الجديد وتأخر اصدار لائحته التنفيذيه وما لحقه من تشريع مجموعات من القوانين التى لم يصدر فى شأنهم لوائح تنفيذيه ولا كتب دوريه ولا نشرات تنظيم عمل.

وهذه الاشكاليه ليست بجديده فغالبيه القوانين نكتشف فيها مجموعه من المواد التى نقول عليها انها غير مفعله على الرغم من ان الحقيقه انها غير منظمه او غير مهىء اجراءا سير العمل بها.

وهذا يدخلنا فى ازمه قانونيه وهى اذا ما عرض امر وكان متعلق بتطبيق تلك المواد الغير مفعله فما الحل؟؟ او اذا اثيرت اشكاليه وكانت غير مطروح حلا لها فى القانون الجديد فما الحل؟

الحقيقه إن اثارة هذا الامر جعلنى ابحث فى هذا الموضوع فأكتشفت ان هناك مواد فى قوانين المرافعات والاجراءات الجنائيه و قانون الخدمه المدنيه غير منظمه للكثير من الامور الاجرائيه التى نقابلها.

ومن الملاحظ اننى لا اتحدث عن الامور المعتاده او الدوريه وانما اتحدث عن الامور المستحدثه او الامور المعقده او التى تشابكت فيها العلاقات القانونيه والتى يجب ان يتستخلص لها حل قانونى غير تقليدي.

والحقيقه اننى اكتشفت امرا هاما اننا دائما ما نلجاء للمبادىء القاضائيه المستقر عليها فى احكام محكمه النقض او المحكمه الاداريه العليا.

مما آثار تساؤل اخر ماذا اذا طرح نزاع ليس له حل فى القانون الجديد وكان له حل فى القانون القديم ؟؟؟

فكان اجتهاد لبعض الهيئات والمؤسسات انها تعمل القانون القديم تحقيقا لمبداء العداله القانونيه وان كان فى واقع الامر انه حلا قد جانبه الصواب.

حيث ان العداله القانونيه لا تطلب تطبيق مبادىء قانونيه محدده وانما مبادىء العداله العامه والحقوق الطبيعيه محفوظه فى الدساتير والمواثيق والاعراف.

وانه لمن كبر الخطأ اعمال قاعده قانونيه ملغيه حيث سوف يرد عليها بقاعده ان القانون اللاحق يجب ما سبقه وتنتفى صحه تطبيقها بناء على قاعده التنازع التى تقضى بان القانون اللاحق اولى بالتطبيق على القانون السابق.

كما ان نشأه الحقوق لا تحتفظ بسريان القواعد القانونيه عليها الا حينما تثار اشكاليه بشأنها يعنى لا يجوك الاحتجاج بأستقرار وضع قانونى بموجب قوانين ألغيت وان المنازعه نشأت اصلا فى ظل سريان القانون الجديد فهنا القانون الجديد هو الاولى بالتطبيق.

خاصه ونه من غير المعقول ان يتم اهدار حقوق مستقره ولا يمكن المساس باوضاع انتهت فى استتبابها بتطبيق القانون الملغى ويلتزم سير العمل بها بما لا يضر الوضع الجديد.

ولا يترتب عليها تغير فى الحقوق والمراكز المستقره الا اذا كانت من المسائل الجنائيه التى يمكن ان يؤخذ فيها مبدأ القانون الاصلح للمتهم.

وانه لتطبيق هذه القواعد يجب تطبيق المبادىء القانونيه المستقره فى احاكم القضاء والسوابق القضائيه التى صدرت فى ذات المسأله لايجاد حل مناسب للمسأله التى ليس لها حل فى القانون الجديد.

ولكن يثار تساؤل اخر ماذا لو كانت هذه المبادىء القضائيه استندت فى احكامها على القانون الملغى ؟؟ خاصه وان هذا النزاع أثير لاول مره فى ظل القانون الجديد ولم يكتسب حق فى ظل القانون القديم ؟

هنا وجب التنويه اننا جميعا نذكر المبادىء القضائيه السابقه من عشرات السنين ولاكثر من خمسون عاما لماذا لحقيق مبادىء العداله العامه وقواعد العداله الاجتماعيه العامه المستقر عليها فى احكام القضاء وهذا ليس له علاقه بما اذا كان الحكم يطبق قانون ملغى من عدمه.

حيث ان الاصل فى القوانين هو تحقيق العداله الاجتماعيه والتوازن فى الحقوق بين اطراف المجتمع الواحد وتطبيق المبادىء العامه المستقر عليها فى احكام القضاء والاخذ بالسوابق القضائيه هو من مفترضات تحقيق العداله الاجتماعيه حتى لا يجور التشريع على اصحاب الحقوق فيقضى بعدم دستوريته بناء على المبادىء العامه للعدالة.

وإن اخذنا بهذه المادىء تيسيرا للحالات التى تتضرر وتوضيحا لنقص فى التشريع ليتلافاها المشرع لكونه بشر يخطأ ويصيب وبالتالى فيجوز الاخذ بامبادىء القانونيه المستقره والسوابق الضائيه فى حدود الاإلتزام بالقواعد العامه لععداله فى توزيع الحقوق تحقيقا للعداله القانونيه المنصوص عليها فى الدستور.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى