السلطات الاستثنائية لمأموري الضبط القضائي

بقلم : محمد بدر الديب

 

الدعوى الجنائية كي ترفع أمام القضاء تمر بمراحل، وتبدأ هذه المراحل بالتحقيق الإبتدائي، ويسبق التحقيق الإبتدائي مرحلة جمع الاستدلالات، وهي ليست من مراحل الدعوي الجنائية، بل هي مرحلة سابقة عليها، ومرحلة جمع الاستدلال من سلطات مأموري الضبط القضائي، فضلاً علي أن هناك بعض السلطات الإستثنائية لمأموري الضبط القضائي في حالة التلبس والندب للتحقيق، وهذا علي خلاف الأصل الذي جعل مهمة مأموري الضبط مقصورة علي مرحلة جمع الاستدلالات أي جمع المعلومات والتحري عن الجريمة ومرتكبها وأما ما يقوم به مأموري الضبط القضائي من تحقيق في بعض الحالات الإستثنائية فإنهم يفعلون ذلك بصفتهم سلطة تحقيق لا سلطة استدلال عن طريق الندب من جهات التحقيق المختصة .

وعلي خلاف ذلك جاءت القوانين الإجرائية لبعض الدول العربية فنصت المادة (7)من قانون أصول المحاكمات الجنائية الأردني قم(9)لسنة 1960،والمادة (6)من قانون أصول المحاكمات الجنائية السوري رقم(113) لسنة 1950 بأن “موظفو الضابطة العدلية مكلفون باستقصاء الجرائم وجمع أدلتها ،”

وقضت المادة (9)من قانون المرافعات الجنائي التونسي رقم(23) لسنة 1968 “بأن الضابطة العدلية مكلفة بمعاينة الجرائم وجمع أدلتها “، وقضت المادة (30)من قانون الإجراءات الجزائية الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة بأن “يقوم مأمورو الضبط القضائي بتقصي الجرائم والبحث عن مرتكبيها وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق ”

ووفقاً للقانون المصري فإن أعمال الاستدلال ليست من مراحل الدعوي الجنائية وإنما هي مرحلة سابقة علي تحريك الدعوي الجنائية ولا يتولد عنها أدلة يمكن للقاضي أن يبني حكمه عليها وإنما هي فقط مجرد استقصاء للجرائم والبحث عن مرتكبيها .

وأحسن المشرع المصري حينما أعطي أهمية قانونية للسلطات الإستثنائية لمأموري الضبط القضائي منذ قانون تحقيق الجنايات الملغي، فمتي أكتشفت الجريمة فور وقوعها يقتضي الأمر التعجيل باتخاذ بعض الإجراءات خروجاً علي القواعد العامة، فالجريمة حين تقع تحت أنظار مأمور الضبط القضائي أو تكون أدلتها الظاهرة شاهدة عليها، بنرر الإسراع في تحقيقها قبل أن تضيع معالمها أو تطمسها يد التلفيق أو الطمس من جانب الجاني، لذلك خول القانون لمأمور الضبط في حالة التلبس اتخاذ بعض الإجراءات لمواجهة هذه الحالة الجنائية لضمان سرعة إثبات الجريمة.

وهذه الإجراءات نوعان منها ما هو خاص بإثبات الحالة والحصول علي الإيضاحات، ومنها ما هو خاص بالإجراءات الماسة بحرية المشتبه فيه، وفي جميع الأحوال لا يجوز لمأمور الضبط القضائي مباشرة القبض إلا في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد علي ثلاثة أشهر، ويحب في هذه الحالة أن تتوافر الدلائل الكافية علي اتهام المشتبه فيه بإرتكاب الجريمة .

وكذلك الانتداب للتحقيق هو اجراء يصدر من قضاء التحقيق بمقتضاه يفوض المحقق محققاً أخر أو أحد مأموري الضبط القضائي كي يقوم بدلأً منه وبنفس الشروط التي يتقيد بها، كأن يعهد بتنفيذ التفتيش إلي مأمور الضبط القضائي لما يملكه من إمكانيات معينة للقيام بهذه المهة في أسرع وقت .

 

 

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى