الدروس المستفادة من رسالة عمر

بقلم: أشرف الزهوي المحامي

كان في كتاب ( رسالة) عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى القاضي ابو موسى الأشعري عند توليته للقضاء، من العظة والاعتبار، مايدفعنا لعرضه بين يديكم، “أن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة” فافهم، وإذا أدلى إليك، فإنه لاينفع تكلم في حق لانفاذ له.

وآس ( أي ساوي) بين الناس، في وجهك، ومجلسك، وقضائك، حتى لايطمع شريف في حيفك، أي ( ميلك معه لشرفه ) ولا ييأس ضعيف من عدلك.

البينة على من أدعى، واليمين على من أنكر. والصلح جائز بين الناس، إلا صلحا أحل حرامًا أو حرم حلالا من أدعى حقًا غائبا أو بينة فاضرب له أجلا ينتهي إليه، فإن جاء ببينة أعطيته بحقه، فإن اعجزه ذلك، استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلي للعمى.

ولايمنعك قضاء قضيته اليوم فرجعت فيه لرأيك، وهديت فيه لرشدك، أن تراجع الحق، لأن الحق قديم لايبطل الحق شئ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.

والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشهادة، الا مجلودا في حد، أو مدرك عليه شهادة الزور، أو ظنينا في ولاء أو قرابة، فإن الله عز وجل، تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود الا بالبينات والإيمان.

الفَهمَ الفهمَ فيما أُدلي إليك مما ليس في كتابٍ أو سُنَّة، ثم قايسِ الأمورَ عند ذلك، واعرف الأمثالَ والأشباهَ ثم اعمد إلى أحبها إلى الله فيما ترى وأشبهِها بالحقِّ.

وإياك والغضبَ والقلقَ والضجرَ والتأذِّي بالناس عند الخصومة والتنكُّر؛ فإن القضاء في مَواطِن الحقِّ يُوجب اللهُ به الأجر، ويحسن به الذُّخر، فمَن خلصت نيَّتُه في الحقِّ ولو على نفسه، كفاه اللهُ ما بينه وبين الناس، ومَن تزيَّن لهم بما ليس في قلبه شانه اللهُ تعالى؛ فإن الله تبارك وتعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا، وما ظنُّك بثوابِ الله في عاجل رِزْقه وخزائنِ رحمته؟ والسلام عليكم ورحمة الله “.

ومن الدروس المستفادة في هذه الرسالة تأكيد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري على الفهم والبحث في شأن القضايا التي لم يرد فيها نص من الكتاب والسنة، حيث يجب الاعتماد على القياس. ويعرف الأمثال، ثم يعمد فيما يرى إلى احبها إلى الله، وأشبهها بالحق. كذلك تتضمن الرسالة المساواة بين الناس في المثول أمام القاضي وعدم التفرقة بين الضعيف والشريف . والرسالة تضع لكل محام مبادئ التعامل مع المعطيات القانونية بل إنها رسالة تصلح لكل راع في موقعة الأب والمعلم والتاجر وصاحب الشركة والطبيب والمهندس.

لأن أغلب النصائح في هذه الرسالة تنشد الحيادية والعدل والمساواة بين الناس وأعمال الفكر والعقل عند اتخاذ القرار.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى