الاعْتِداءُ على المُحَامي يُشَكِّلُ جَريمة يُعاقب عليها القانون

بقلم: أ. يوسف أمين حمدان

نَجِدُ في هذهِ الأيَّامِ كثرة الاعتداء على المحامين أثناء تأدية مهنتهم المُكلَّفين بها والواجب الذي على عاتقهم بموجب قانون المحاماة سواء كان الاعتداء داخل أقسام الشرطة أو في المحاكم.

كما نُلاحِظُ وجود اعتداءات أُخرى في خارج الإطار المهني؛ مثل الاعتداءات التي تَحْدُث في كمائن الشُّرْطة -فقط- لمجرد أن الشخص مُحامٍ، حيث أن كل أو مثل هذه الاعتداءات التي قد تكون بالضرب أو السب أو القذف وأيضا انتهاك حقوق المحامي من حصانة كفَلها له الدستور وقانون المحاماة تُشَكِّل جَرِيْمة يُعَاقب عليها قانون العقوبات المصري.

ونص قانون المحاماة المصري على معاقبة كل من يتعدى على المحامي أثناء تأدية عمله وكفل للمحامي حصانة أيضا يتمتع بها أثناء تأدية عمله وكذلك حصانة مكتبه، فينص قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 147 لسنة 2019 على:

أولا: عقوبة التعدي علي المحامي أثناء تأدية عمله، حيث تنص المادة رقم (54) على أنه: (يُعَاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد أثناء قيامه بأعمال مهنته أو بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيئة المحكمة).

ثانيا: كفل قانون المحاماة حقوق وحصانة للمحامي أثناء تأدية عمله وأيضا حصانة مكتبه الخاص، فنصت المادة رقم(49) على أنه: (للمحامي الحق في أن يُعامل من المحاكم وسائر الجهات التي يحضر أمامها بالاحترام، واستثناء من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في القانون المرافعات والاجراءات الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيا أو جنائيا، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك).

كذلك كفل المشرع للمحامي حق لا يجب أن يغفل وهو عدم جواز القبض على المحامي أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه من جرائم الجلسات مثل السب والقذف والإهانة بسبب مرافعته وأداء عمله فقد نصت على ذلك المادة رقم (50) من ذات القانون: (لا يجوز القبض على محام أو حبسه احتياطيا لما ينسب إليه في جرائم المنصوص عليها في المادة (49) وجرائم القذف والسب والإهانة بسبب أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته أيا من أعمال المهنة المُشار إليها في هذا القانون، ويحرر في هذه الحالة مذكرة بما حدث وتحال إلى النيابة العامة وتبلغ صورتها إلى مجلس النقابة، وللنائب العام أن يتخذ الإجراءات إذا كان ما وقع من المحامي يشكل جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات، أو أن يُحيله إلى مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالنظام أو الواجب المهني وفي هذه الحالة تجري المحاكمة في جلسة سرية، ولا يجوز أن يشترك في نظر الدعوى القاضي أو أحد أعضاء الهيئة التي وقع أمامها الفعل المؤثم).

وكذلك لم يغفل قانون المحاماة حصانة مكتبه والتحقيق معه فتنص المادة رقم (51) على أنه:

لا يجوز التحقيق مع محام أو تفتيش مكتبه إلا بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة أو قاض التحقيق في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك.

ويجب على النيابة العامة أن تخطر مجلس النقابة أو مجلس النقابة الفرعية قبل الشروع في تحقيق أية شكوى ضد محام بوقت مناسب، وللنقيب أو رئيس النقابة الفرعية إذا كان المحامي متهما بجناية أو جنحة خاصة بعمله أن يحضر هو أو من ينيبه من المحامين التحقيق، ولمجلس النقابة، ولمجلس النقابة الفرعية المختص طلب صور التحقيق بغير رسوم.

وفي غير حالات التلبس لا يجوز لمأمور الضبط القضائي احتجاز أو القبض علي المحامي الموجه له اتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرة حق الدفاع، ويتعين عرض الأمر فورًا على المحامي العام الأول لنيابات الاستئناف المختصة.

أما عن الدستور فكفل أيضًا حرية تنقل المحامي أثناء عمله وحمايته وإن كل تعدٍ عليه أثناء عمله يشكل جريمة يعاقب عليها القانون وكفل له حصانة ينبغي أن تُحترم وتطبق، حيث نصت المادة (198) على: (المحاماة مهنة حرة، تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون، وكفالة حق الدفاع، ويمارسها المحامي مستقلا، وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الاعمال العام، ويتمتع المحامون جميعا أثناء تأديتهم حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التي تقررت لهم في القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال، ويحظر في غير حالات التلبس القبض على المحامي أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع، وذلك كله على النحو الذي يحدده القانون).

وكذلك ينص قانون العقوبات المصري في مواده على أن الاعتداء على المحامي أثناء تأدية وظيفته يشكل جريمة يعاقب عليها حيث نصت المادة (133) في فقرتها الثانية على: (فإذا وقعت الإهانة على محكمة قضائية أو إدارية أو مجلس أو على أحد أعضائها وكان ذلك أثناء انعقاد الجلسة تكون العقوبة الحبس مده لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه).

وكذلك قضت محكمه النقض في هذا الشأن:

يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة (133) من قانون العقوبات والمادة الثانية من قانون المحاماة رقم 17 لسنه 1983 أن تتواتر صفه المحامي المجني عليه وأن تقع الإهانة اثناء تأدية وظيفته أو بسببها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلا من استظهار ذلك يكون قاصر).

(طعن رقم 19754 لسنه 63 ق جلسة 28/7/1999)

وقضت أيضا في هذا الشأن:

(إن جريمة إهانة الموظف بمجرد تعمد توجيه الألفاظ التي تحمل معنى الإهانة للموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها).

(طعن رقم 944 لسنه 25 ق جلسة 2/1/1956)

(وحيث أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مآخذه الصحيح من أوراق الدعوى، وأن العبرة في المحاكمات الجنائية هي اقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين).

(طعن رقم 3271 لسنه 62 ق جلسة 24/1/1994)

وأيضا من أحكام محكمة النقض:

(تتحقق جريمة المادة 133/2 عقوبات متى كانت الأفعال أو العبارات تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة ولو لم تبلغ حد السب أو القذف.

تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة كافية لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة).

(طعن رقم 1707 لسنه 51 ق جلسة 20/10/1981)

من أحكام محكمه النقض أيضا:

(لا يشترط لتوافر جريمة الإهانة المنصوص عليها في المادة 133 من قانون العقوبات أن تكون الأفعال والعبارات المستعملة مشتملة على قذف أو سب أو اسناد أمر معين بل يكفي أن تحمل معنى الإساءة أو المساس بالشعور أو الغض من الكرامة، وأنه يكفي لتوافر القصد الجنائي منها تعمد توجيه ألفاظ تحمل بذاتها معنى الإهانة إلى الموظف سواء أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها بغض النظر عن الباعث على توجيهها فمتى ثبت للمحكمة صدور الألفاظ المهينة فلا حاجة لها بعد ذلك للتدليل صراحة في حكمها على أن الجاني قصد بها الإساءة أو الإهانة ولما كانت العبارات التي أثبتت الحكم صدورها من الطاعن للمحكمة المتعدي عليها أثناء انعقادها بالجلسة تفيد بذاتها قصد الإهانة فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في بيان ألفاظ الإهانة والقصد الجنائي منها لا يكون له أساس).

(طعن رقم 683 لسنه 47 ق جلسة 27/11/1977)

(إن قانون العقوبات إذ نص في الفقرة الثانية من المادة 133 على أنه “إذا وقعت الإهانة على هيئة محكمة قضائية أو ادارية أو مجلس أو على أحد أعضائها وكان ذلك أثناء انعقاد الجلسة تكون العقوبة….الخ” بعد أن كان قد نص بالفقرة الأولى على إهانة الموظفين أثناء تأدية وظائفهم أو بسبب تأديتها فهو أنه أراد بذلك النص العقاب على إهانة هيئة المحكمة أو أحد قضاتها في أثناء الجلسة ولو كانت ألفاظ الإهانة غير متعلقة بالدعوى المنظورة أو متعلقة بشئون القاضي الخاصة ذلك لأنه حال انعقاد الجلسة تعتبر الإهانة واقعة دائما أثناء تأدية الوظيفة ومن شأنها بطبيعة الحال المساس بالوظيفة وبكرامتها).

(طعن رقم 1144 لسنه 13 ق جلسة 10/5/1943)

مادام الحكم قد أورد ألفاظ الإهانة التي بدرت من المتهم وبين أنها وجهت منه إلى المجني عليه في أثناء قيام هذا الأخير بتأدية وظيفته فهذا يكفي في بيان الواقعة).

(طعن رقم 1885 لسنه 20 ق جلسة 5/2/1951).

(إن عبارة المادة 133 من قانون العقوبات عامة تشمل كل إهانة بالإشارة أو القول أو التهديد بلا فرق بين أن تكون الإهانة حصلت ابتداء من التعدي أو حصلت ردا لإهانة وقعت عليه).

(طعن رقم 1298 لسنه 35 ق جلسة 8/2/1966).

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى