الاستشارات القانونية الإلكترونية بين الجواز والبطلان

بقلم: يوسف أمين حمدان

 

ثار جدلٌ في الأيام الأخيرة على السوشيال ميديا وبالأخص مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) بشان الاستشارات القانونية الالكترونية.

فقبل أن نتحدث عن جواز او حظر الاستشارات القانونية الالكترونية ينبغي التفرقة بين الاستشارات القانونية التي يبديها المحامي وما درجة القيد التي تسمح بإبداء الاستشارات والفتاوى القانونية.

وكذلك يُثار التساؤل، هل يجوز للمحامي أن يقوم بدعاية الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي ومدى جواز القيام او العمل دعاية من الاصل؟!.

فما راي قانون المحاماة المصري في هذين الأمرين؟!

بالنسبة للاستشارات والفتاوى القانونية التي يُبديها المحامي باختلاف أنواعها شفوية كانت أو كتابتية، وهل يلزم توافر درجة قيد معينة في هذا الشأن؟!.

فتختلف درجات قيد المحامي المقبول للمرافعة أمام المحاكم باختلاف درجاتها.

ا- بالنسبة لدرجة محامي جدول عام، هل يجوز له إبداء استشارات وفتاوى قانونية؟!.

ينص قانون المحاماة المصري رقم 17 لسنه 1983 المعدل بالقانون رقم 147 لسنه 2019، تنص الفقرة الأخيرة من المادة (26) على أنه (في جميع الأحوال لا يجوز للمحامي تحت كلا التمرين تقديم فتوى كتابية باسمه أو التوقيع على العقود التي تقدم إلى الشهر العقاري فيما عدا طلبات إثبات التاريخ).

فنجد هنا أن المشروع المصري يحظر على المحامي جدول عام أن يقدم فتوى او استشارة كتابية باسمه، نظرا لعدم وجود الخبرة اللازمة لهذا الأمر فلا يجوز له تقديم استشارات قانونية سواء كتابية أو الكترونية.

ب- أما بالنسبة للمحامي المقبول المرافعة أمام المحاكم الابتدائية، هل يجوز له إبداء استشارات وفتاوى قانونية

فتنص المادة رقم (34) من قانون المحاماة في فقرتها الأخيرة على أنه (لا يجوز للمحامي امام المحاكم الابتدائية إعطاء الآراء والفتاوى القانونية المكتوبة).

فنجد هنا أن المشروع وسع من سلطهة المحامي المقيد أمام المحاكم الابتدائية وسمح له بخلاف المحامي الجدول عام بإبداء آراء واستشارات وفتاوى قانونية شفهيةً نظرا لممارسة المهنة تحت رقابة المحامي الذي يتدرب معه، ولكن حظر عليه تقديم استشارات وفتاوى قانونيه مكتوبة.

ج- فماذا عن المحامي المقبول المرافعه امام المحاكم الاستئناف؟!

تنص المادة رقم (37) من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 147 لسنه 2019 في فقرتها الأخيرة على أنه (كما يكون له إبداء الفتاوى القانونية وإعداد العقود وشهرها والقيام بكافة أعمال المحاماة الأخرى).

فنجد أن المُشرِّع وسّع من سلطة المحامي المقيد بدرجة الاستئناف وأجاز له إبداء كافة الاستشارات القانونية سواء كانت شفاهية أو كتابية؛ نظرا لما تحصلّ عليه من خبرة من عمل سبع سنوات بين أروقة المحاكم.

هذا عن الاستشارات والفتاوى القانونية الشفاهية والمكتوبة.

فماذا عن الاستشارات القانونية الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي؟!.

فقبل أن نجيب على هذا التساؤل ينبغي الإجابة على تساؤل آخر تبني عليه الإجابة وهو مدى جواز قيام المحامي بعمل دعاية الكترونية؟.

يحظر قانون المحاماة المصري رقم 17 لسنه 1983 المعدل بالقانون رقم 147 لسنه 2019 في الفقرة الأولى من الماده (71)عمل دعاية، حيث تنص المادة: (يحظر على المحامي أن يتخذ في مزاولة مهنته وسائل الدعاية أو الترغيب او استخدام الوسطاء او الإيحاء بأي نفوذ أو صلة حقيقية او مزعومة، كما يحظر عليه أن يضع على اوراقه أو لافتة مكتبه أي ألقاب غير اللقب العلمي وبيان درجة المحكمة المقبول للمرافعة أمامها او استخدام أي بيان او إشاره إلى منصب سبق أن تولاه).

نجد من هذا النص أن المشرع حظر على المحامي من عمل أي دعاية سواء كانت الكترونية او غيرها، ولكن سمح المشرع على سبيل الحصر ببعض وسائل الدعاية غير الإلكترونية، فيستطيع المحامي أن يضع على أوراقه او لافتة مكتبه فضلا عن اسمه، لقبه العلمي ودرجة المحكمة المقبولة للمرافعة أمامها.

نجد أن القانون حظر الدعاية الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؛ فهذا النص يشمل العموم وبمعنى أوضح حظر وعدم جواز الاستشارات والفتاوى القانونية الالكترونية، فأقصى ما يستطيع فعله المحامي هو أن يضع على أوراقه او لافته مكتبه فضلا عن اسمه، لقبه العلمي ودرجة المحكمة المقبولة امامها.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى