الإنابة الإليكترونية بين الضوابط والمحاذير

بقلم الأستاذ: أشرف الزهوي

الانابة الإليكترونية من المشروعات التي ذاع صيتها في نقابة المحامين منذ خمس سنوات، ثم اختفت على المستوى النقابي، وشرعت بعض الشركات في تنفيذها على أرض الواقع دون أي موافقات نقابية أو مظلة قانونية ورغم ذلك وجدت تلك الشركات رواجا وتزداد مشاركات المحامين يوما بعد يوم
وفكرة الانابة الإليكترونية من الأفكار التي تقدم خدمة جيدة للمحامين وتفتح مجالات للعمل لشباب المحامين. وتعتمد الفكرة على استعداد عدد مناسب من المحامين في كل محكمة لتقديم خدمة المساعدة لباقي زملائهم الذين يجدون مشقة في الحضور إلى هذه المحكمة ولبيان أهمية الانابة الإليكترونية نسوق هذا المثال الواقعي، لو انك كمحام وانت في طريقك للذهاب إلى إحدى المحاكم البعيدة لحضور جلسة مهمة ؛ قد توقف بك الطريق لأي سبب من الأسباب الطارئة مثل عطل السيارة أو الزحام على الطريق أو لعدم تمكنك من اللحاق بالاتوبيس أو القطار الذي سيقلك إلى المحكمة التي كنت تقصدها…الخ ماهو شعورك في هذا الوقت العصيب ولاسيما وانت لاتعرف احد من الزملاء المحامين في المحكمة التي كنت تسعى للوصول إليها، وهذا الموقف الذي أسرده يحدث كثيرا في الواقع العملي، وتكون عواقبه وخيمة سواء بالنسبة للموكل الذي وثق فيك وائتمنك على مصلحته أو بالنسبة لك شخصيا وقد أصابك التوتر والقلق خوفا على اسمك وسمعتك من اتهامك بالتقصير من جانب موكلك. هنا تأتي أهمية فكرة الانابة الإليكترونية حيث يمكنك من خلال تطبيق بسيط على هاتفك النقال أن تتصل بأكثر من زميل محدد اسمائهم سلفا في هذه المحكمة التي كنت تقصدها وتكلفهم رسميا بالحضور نيابة عنك في الجلسة التي كنت تنوي حضورها، وذلك مقابل مبلغ زهيد يقل كثيرا عن تكلفة انتقالك إلى هذه المحكمة، ويوفر لك نظام الانابة الإليكترونية الثقة والضمان في التعامل الصحيح مع قضاياك.
ويمكن سرد الخدمات التي توفرها منظومة الانابة الإليكترونية في كتيب صغير أو عبر الموقع الإليكتروني للانابة الإليكترونية وموقع النقابة العامة. وتدخل ضمن الخدمات التي توفرها الانابة الإليكترونية، إمداد المحامي بكل التفاصيل والإجراءات المتعلقة بعمله مثل تحقيق الاطلاع على ملفات القضايا والمحاضر وتقارير الخبراء وتصوير نسخة منه وتقديم الطلبات وحضور الجلسات ومعرفة القرارات وترتيب الرول وحضور تحقيقات النيابة العامة والخبراء وغير ذلك من الخدمات التي يحتاجها المحامي، دون بذل مشقة السفر أو الحضور.
ويمكن التوسع في الفكرة ليدخل ضمن ذلك حجز الفنادق للإقامة وتذاكر السفر بل ويمكن أن يعهد المحامي لزميله من خلال هذا التطبيق العملي لمباشرة الدعوى بأكملها وعمل توكيل بذلك من خلال التوكيل الأصلي أو الترتيب المسبق مع الزميل المنوط به تقديم الخدمة لاضافته في التوكيل الأصلي.
ولايتسع المقام لسرد الخدمات الكثيرة التي يمكن أن يتضمنها هذا المشروع الخدمي والتي يمكن أن تحقق نسب خصم عند شراء الأدوية والسلع اليومية للمحامي المشترك. بالإضافة إلى توفير فرص عمل لشباب المحامين تحقق له دخل يومي.
أن فكرة مشروع الانابة الإليكترونية يحتاج إلى مظلة من الضمانات القانونية التي توفرها نقابة المحامين لمنع التلاعب أو التقاعس والإهمال بل والإشراف على التعاقدات مع الفنادق والصيدليات والمراكز الطبية وسلاسل المولات الخدمية. وتعتمد الفكرة على الاستفادة من مزايا التعاقدات مع الأعداد الكبيرة للمحامين فأغلب الشركات والمؤسسات الخدمية والسلعية ترحب بمنح فرص خصم كبيرة عند التعاقد مع النقابات الكبيرة، كما يحدث مع نقابة الأطباء والمهندسين ونحن أكبر عددا وانتشارا. ويمكن الاستعانة بنظم السداد الإليكتروني والفيزا كارد وفودافون كاش والاعتماد في الضمان على الودائع البنكية للمحامين. ولايتصور نجاح هذه الفكرة الا من خلال تعاقد واضح بين النقابة ومقدمي الخدمة وكذلك طالبي الخدمة لوضع الضمانات التي تكفل نجاح هذا المشروع الخدمي وتحدد المسئولية القانونية لكل الأطراف دون أن يتكبد هذا المشروع ميزانية النقابة مليما واحدا بل على العكس، يمكن أن تحقق النقابة قدرا من الأرباح بصفتها الضامن الأساسي لكل أطراف هذا المشروع.
الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية ووضع ضمانات فاعلة وتشكيل إدارة ناجحة للإشراف على هذا المشروع المقترح الذي يمثل نقلة حضارية في ظل التحول الرقمي الذي تنشدة الدولة والانتشار الخدمي الإليكتروني الذي طال كل مجالات حياتنا.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى