اطلالة على نظرية العقد المركب «عقد الاستضافة»

بقلم: الأستاذ/ عبدالرحمن حسين فؤاد

إن التأثُر بالأعمال الدرامية أمر وأرد وطبيعي لتجسيد المشكلة أمام نظر المشاهدين، وهنا تكمن قوة وتأثير القوة الناعمة؛ ولكن ما في الأمر هو أن يصبح القانونيين متأثرين وهم بالمُؤثرين في المجتمع وفي أسرهم، فحينما يصل التأثير إليهم فهو نجاح من ناحية الإعلام، أو العمل الدرامي، ولا يخفينا القول بأن أغلبنا تأثر كثيراً بما قدمت وما أسهمت به القوة الناعمة من تغيير في المجتمع سواء كان إيجابي أو سلبي؛ ولكن حينما نعرض المشكلة ما، يجب أن يكون للقانوني نظرة مغايرة، وذلك ليس من قبيل التمييز؛ ولكن لاختلاف التكوين الأيدولوجي لهم ليس أكثر وخاصةً في الأمور الحياتية والقانون.

فالقانوني إن لم يكن صاحب بصيره وإن لم تكن له عقيدته الخاصة بشأن أمور عديدة راسخة مثل العادات والقيم المجتمعية والقانون، والأهم من ذلك معرفته بعلة وجوده، فكل هذا يعد من أهم الأمور التي تميز القانوني عن غيره من أقرانه فما بالنا بعموم الناس.

وعلى هذا تصيبني الدهشة حينما أجد الأساتذة وكبار المحامين يصرح أو يدلي برأي يذهب به بعيدا حينما نقيس ما تكونت به عقائدنا وما درسناه وفهمناه ما بين الكتب والجامعة والحياة العملية، وحينما نحلل ما فعله لا يمت بأي صلة بالتفكير المجدد أو الابداع، إلا أنها من تأثير التعاطف، والأكثر خيبة أن يفعل ذلك ليكون صاحب رأي موافق ومتوافق مع الرأي الرائج ويستند عموم الناس إليه بكونه الأستاذ والفقيه رأيه من رأينا فنحن على صواب ولكن يا أستاذي إن كنت فرح بمرجعيتهم لك فكن صاحب تأثير وحامل للأمانة وليس متباهي !!!!!

إن كنت لهم مصباح منير والله وهب لك من علمه بعضاً فأنت على عاتقك أمانة وحمل ثقيل تحاسب عليه في نهاية الأجل، ولن تفيدك الشهرة أو المنصب الإنتخابي الذي ستحصل عليه بعد رواج صيتك.

الخطأ وارد وليس منا، ولن يكون منا عالماً بكل فروع الحياة؛ ولكن الكلمة منك كونك مؤثر بشكل عام وخاصةً قانوني يجعلك أكثر حذراً من أي شخص.

لا أقول أن نتنحى عن الدور الإيجابي لنا أو منع حرية الرأي؛ ولكن قبل إبداء الرأي كمثل المرافعة التي تتطلب دراسة وتحليل وإعداد، فهل في كل مرة أبديت رأيك فعلت هذا!

مسلسل فاتن أمل حربي والتي تقوم به الفنانة نيلي كريم ويدور حول انفصال أم وصاحبة طفلتان قُصَّر، ويركز حول سلبيات ومشقات ما يحدث نتيجة الانفصال وهذا بالأمر الجيد، ولكننا نأتي لمشهد في المسلسل سالف الذكر والذي أثار حفيظة أستاذ من الأساتذة، هو رفض فندق نجمة واحدة أن يستقبل فاتن بصغارها  في فندقه أو العامل به واستند بعدة نصوص وحمل الأمر آكثر مما يحتمل لخدمة فكرة حقوق المرأة والتمييز والعنصرية وعدم المساواة،  وهذا للادعاء بنصرة القضية التي لم يكن للمرأة وضع أفضل من وضعها في الإسلام وذلك كلام المستشرق جوستنيان وكل كتب تاريخ القانون، ولكن تركنا ذلك وأخدنا نحو أن قرار الرجل أو موقف الفنادق المشابه للموقف السالف ذكره هومخالف للدستور المصري الذي نص على المساواة وعدم التمييز من ضمن المواد المادة 62 التي تكفل حرية التنقل والإقامة دون تمييز وأن وزارة الدخلية المصرية نشرت بيان تفيد بأنها تنكر وجود أي تعليمات أو قرارات للفنادق اأو المنشآت السياحية بعدم السماح للسيدات المصريات أو مواطنات دول مجلس التعاون الخليجي اللواتي دون 40 عاماً بالإقامة دون محرم.

وهذه الأسانيد التي دعم بيها رأيه دون نقصان .

إن كان مستند على مادة دستورية وبيان في مضمونه قرار يفيد بعدم صدور أي قرارات تنظيمية، فانصباب الحديث على كون المرفق أقرب لمرفق عام ويقاس على دور العرض والسينمات ولكنه أغفل عدة أمور:-

1-      تنظيم المرفق هي سلطة تقديرية للقائم على العمل به وهذا لا يمنع من استثناء بعض الأفراد من التمتع بالخدمة لصالح المرفق أي كان ما هو.

2-      العادات والتقاليد المجتمعية ومهما كان مدى تأثرنا بالثقافة الغربية لا ينكر هوية طباعنا الشرقية والعربية التي لا تسمح بإقامة سيدة بمفردها .

3-      إن كانت حالة مثل فاتن تعد مثال جيد فهذا لا يمنعنا أن نذكر أمثال أخرى على نقيض فاتن فما هو العمل !!! تبليغ الشرطة؟ وماذا بعد؟ الإساءة لسمعة المكان والإضرار به مادياً وتشوية علامته التجارية؟ من يتحمل هذا ؟! هذا ولم نتطرق إلى الحديث عن عدم الدفع الأجر للفندق، وغيرها من الأمور.

وهذا رداً على أسانيده

أما يقودنا الحال لرؤية الأمر من زاوية مختلفة.

أساس العلاقة القانونية بين النزيل وصاحب الفندق

إن وجود نزيل في فندق يعتبر هو طرف في عقد مركب غير مسمى وفقاً للقانون المدني المصري ولكن بعض الفقهاء اطلقوا على العقد عقد استضافة، وهو يتضمن عدة عمليات قانونية من مسكن ومأكل وغيرها من الخدمات الترفيهة، ولتراكب العمليات القانونية يجعل من الأمر أن معيار الرضا الواجب في العقود أكثر صعوبة وأن المتعاقد وهو النزيل يجب أن يتحل بصفات معينة لكي يصبح طرفاً في العقد. وهذا غير مخل ففي العقود البسيطة والمسماه المادة 89 من القانون المدني ” يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لإنعقاد العقد ”

ويأتي الأمر الثاني وهو أنه وفقاً لنظرية المصالح أو المنافع المحتملة أو المرجوه فإن حجم ضرر صاحب الفندق لو قبل بكل النزلاء عنده سيكون أضعاف ضرر النزيل المرفوضه إقامته استنادً لضوابط استعمل الحق.

ووفقاً للمادة 4 م ” من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر ”

ووفقاً للمادة 5 م ” يكون استعمال الحق غير مشروع فى الأحوال الآتية : (أ) إذا لم يقصد سوى الإضرار بالغير. (ب) إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها . (ج) إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة “

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى