إستــعمال حق التقاضى «شروطه – أحكامه»

بقلم : الأستاذ/ علاء العيلى المحامى

وِفقاً للمُقرر قانوناً : بأن الحق هو الرابطة القانونية التي بمُـقتضاها يُـخوِّل القانون شخصاً من الأشخاص على سبيل الإستئثار والإنفراد والتسلُط على شئ أو اقتضاء أداء مُعين من شخص آخر، فالحق يفترض وجود عنصرين أساسيين.

أولهما: الرابطة القانونية: وهذه الرابطة قد تكون رابطة اقتضاء تقوم بين شخصين وتخول أحدهما- وهو صاحب الحق- اقتضاء أداء معين من الشخص الآخر وهو المدين، وهذا الأداء قد يكون مطالبته بعمل أو بالامتناع عن عمل، كما تُـلزم المدين بالخضوع لهذا الإقتضاء، وقد تكون الرابطة القانونية رابطة تسلط تقوم بين أحد الأشخاص، وأحد الأشياء وتخول الشخص سُلطة على هذا الشئ، وجميع الروابط القانونية سواء كانت رابطة إقتضاء أو رابطة تسلط إنما ترد على قيمة مالية معينة، وهذه القيمة قد تكون مادية، وقد تكون معنوية.

وثانيها: الإستئثار: ويعنى أن الرابطة القانونية- سواء كانت رابطة إقتضاء أو تسلط- تجعل لأحد طرفيها وهو صاحب الحق مركزاً ممتازاً يُـخوِّله دون سائر الناس جميعا الإنفراد وحده بما تنطوي عليه الرابطة من إقتضاء أو تسلط. ويستتبع هذا العنصر بالضرورة حماية الحق ومنع الإعتداء عليه، وهو ما يستلزم القول بأن كل حق يـُقابله واجب ، وهذا الواجب نوعان :

أولهما: واجب عام يـُقابل كافة الحقوق الناشئة عن جميع الروابط القانونية سواء كانت روابط إقتضاء أو روابط تسلط ، ويتمثل في إلتزام الكافة بالإمتناع عن الإعتداء على الحق، ولو لم تربطهم بصاحبه رابطة خاصة
وثانيهما: واجب خاص يقتصر- بجانب الواجب العام- على روابط الإقتضاء ويتمثل في إلتزام الطرف المدين بالوفاء بالحق إلى الطرف الدائن عند الاستحقاق، وواضح أن الواجب العام يفترض عن الواجب الخاص في أن الأول يـُلقى على عاتق الكافة عبئا سلبياً بالإمتناع عن الإعتداء على الحق، أما الثاني فيجاوز ذلك إلى فرض عبء إيجابي في ذمة المدين بأن يفرض على مصالحه القيود اللازمة للوفاء به.

{يُراجع في ذلك الدكتور محمد شوقي السيد ١٩٧٩ في رسالته عن نظرية التعسف في استعمال الحق طبعة بند ١٩٠ وما بعده}

{الدكتور حسن كيره في أصول القانون الطبعة الثامنة بند٢٣٩}
{ الوجيز في نظرية الحق طبعة١٩٦٣ ص٧ وما بعدها}

تنص المادة (٤) من القانون المدني – على أنه من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر.

كما بينت المادة(٥) من ذات القانون.. متى يكون إستعمال الحق غير مشروع . إذ نصت على أنه” يكون إستعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:
أ- إذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير.
ب- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية.. بحيث لا تتناسب البته مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
ج- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة”.

ولتطبيق هذا النص” انتهى القضاء المصري في تطبيقاته العملية .. إلى أن أول هذه المعايير هو معيار إستعمال الحق دون أن يـُقصد من ذلك سوى الاضرار بالغير.. والجوهري في هذا الشأن هو توافر نية الإضرار .. ويراعى إن القضاء جرى على استخلاص هذه النية من انتفاء كل مصلحة من إستعمال الحق استعمالاً يُـلحق الضرر بالغير متى كان صاحب الحق على بينةٍ من ذلك.

كما أنه من المقرر فقهاً وفقا لنص المادة الخامسة من القانون المدني:-
أن استعمال الحق يكون غير مشروعاً إذا لم يُـقصد به سوى الإضرار بالغير أو إذا كانت المصالح التي يرمي إليها قليلة الأهمية بالنسبة لما يصيب الغير من ضرر بسببها أو كانت تلك المصالح غير مشروعة وتقدير جدية المصلحة بالنسبة إلى التعسف في استعمال الحق تكون بالموازنة بينها وبين المصالح المتعارضة فإن غلبت مصلحة صاحب الحق إنتفت شُبهة التعسف.
وإن كانت المصلحة التي تحققت نتيجة إستعمال الحق تافهة بالنسبة للضرر الذي لحق بالغير نتيجة إستعمال الحق فإنه يكون هناك تعسف يستوجب المسئولية والتعويض.

[يراجع في ذلك التقنين المدني م/ محمد كمال عبد العزيز- الجزء الأول ص ٣٨ وما بعده ].

كما انه من المقرر فقهاً ” حق الإلتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا أنه لا يـُسَـوغ لمن يباشر هذا الحق الإنحراف به عما وُضع له وإستعماله إستعمالا كيدياً وابتغاء مضارة الغير”
[التعليق على نصوص القانون المدني- الجزء الأول- المستشار أنور طلبة- طبعة ١٩٨٣ ص١٦ ،١٧ ] قــضــاء محكمة النقض.

ومن المُستقر عليه وفقاً لاحكام محكمة النقض:-
ان حق اللجوء إلى القضاء أو حق التقاضي من الحقوق المباحة ولا يسأل من يَـلج أبواب القضاء تمسكاً أو زَودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت إنحرافه عن الحق المـُباح إلى اللَـدَد في الخصومة والتعسُف مع وضوح الحق إبتغاء الإضرار بالخصم.
[الطعن١٠٠٥٩ لسنة ٦٤ قضائية جلسة ١١١٩٩٦]

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى