أخلاقيات مهنة المحاماة

كتبه: راغب رسلان المحامي

إن مهنة المحاماة نور العدالة لكونها فن رفيع ويعتمد فيها المحامي على تنمية مهارات متعددة، كسرعة البديهة و القدرة على الإحاطة بالوقائع وتكييفها التكييف القانوني، وكذلك القدرة على عرض الحجج والأدلة وبعث روح الإقناع بهدف الوصول إلى أفضل النتائج الممكنة لصالح الموكلين من دون غش أو تضليل أو تزوير لحقائق ولا يتأتى ذلك إلا بالدراسات القانونية و بالإطلاع على الآراء الفقهية والاجتهادات القضائية باإذن فالمحاماة، إضافة إلى أنها مساهمة لتحقيق العدالة فإنها تمتد إلى العمل على ضمان الدفاع عن حقوق و حريات المواطنين في استقلال تام فإذا كان من الشروط الموضوعية لأداء المهنة هو الحرية، فإن استقلالها هي ضمانة أساسية لسموها ونبلها وشرفها والمحامي قبل أن يكون صاحب مهنة فهو صاحب رسالة لا بد أن يؤديها على أكمل وجه، لذلك كان إلزاما عليه التحلي بمبادئ أساسية :

– أن يكون مخلصا في أداء عمله اتجاه موكليه : فعلى المحامي الناجح أن يقوم بدراسة الملف جيدا ويبذل الجهد المضني فيه ويتفاني في عمله لأجل كسب القضايا و يقوم بتحديد مطالب الأطراف بدقة لأن القضاء لا يفصل في غير المطلوب وأن يعمل على تقديم كل المساعدات والنصائح و الاستشارات لهم لإنجاح قضاياهم وأن يباشر كل إجراء قانوني يراه مناسبا لصالح موكليه ما عدا ما استثني بنص خاص.

.- لا يجوز للمحامي السعي وراء جلب الموكلين : فمن الغضاضة أن يقوم المحامي بالالتقاء بموكليه خارج مكتبه كالأماكن العمومية والنوادي والمقاهي لأن هذا لا يمس بهيبة المحامي بقدر ما يمس بشرف وسمعة المهنة ويمنع عليه المنع البات استخدام وسائل الإشهار غير القانونية كالإجابة عن قضاياهم ومشاغلهم عبر الجرائد ما لم تكن مجرد نظريات فقهية، أو استعمال سماسرة أو حراس السجون لجلب الزبائن أو بالإيحاء لهم بالنفوذ لأن الإشهار بالمهنة يكون بوسائلها الخاصة كإنجاز الدليل الذي تجمع فيه جميع المعلومات المتعلقة بالمحامين ونشر الجدول الكبير في المحاكم و المجالس القضائية ووضعها تحت تصرف المتقاضين وفي المقابل يلتزم المحامي باحترام إرادة الموكلين عند رغبتهم في سحب ملفاتهم وفي هذه الحالة عليه الإعلان عن انسحابه من القضية وعليه إخطار الجهة القضائية و الخصوم بذلك كما جاء بنص المادة 18/2 من قانون المحاماة

.- المحافظة على كتمان السر المهني : وهذا وإن كان يعتبر من الواجبات المفروضة على المحامي فهو يعد من أخلاقيات المهنة السامية كذلك و التي لا يجوز الإخلال بمبادئها بمعنى ان التقيد بالسر المهني هو نابع من احترام أخلاقيات المهنة النبيلة كما يمنع عليه الإدلاء بمعلومات تخص قضايا موكليه للغير، فكل التصريحات التي يدلي بها الموكل من أقوال ومراسلات هي ذات طابع سري وعليه فان مهنة المحاماة تتطلب ثقة من الموكلين، لذلك طبع القانون على هذه المهنة طابع السرية والكتمان طبقا لما نصت عليه المادة 76 من القانون 91/04 المؤرخ في08/01/1991 .

ويعتبر إفشاء الأسرار فيه حرج للغير ولو لم يشترط منهم كتمانه صراحة كما يمكن للمحامي المطلوب لأخذ شهادته أمام القضاء أن يدرأ عنه كل مسؤولية وأن يدفع بالتزامه بالكتمان الذي توجبه مهنته، والامتناع عن أداء الشهادة في هذه الحالة لا يرتب عنه أي عقوبة إلا أنه يمكن رفع الحظر عن المحامي بإفشاء الأسرار للغير إذا طلب منه الأطراف ذلك، فإن طلب الموكل من محاميه تقديم وثيقة ما لأحد أفراد عائلته أو طلب منه إخبار السلطات القضائية بجريمة اقترفها ولم يتابع من أجلها فهنا يكون الأمر جائز إفشاؤه وحفاظا على طابع السرية في هذه المهنة فإن قانون المحاماة قد حمى المحامي من إجراء تفتيش يخص حرمة مكتبه تحت أي ظرف من الظروف لاسيما المادة 80 من قانون 91/04 إذ جاء فيها:” لا يجوز تفتيش مكتب محامي إلا بحضور نقيب المحامين أو ممثله وبعد إبلاغهما شخصيا “.

. وأخيراً : إن التنظيم القانوني للمهنة يقوم على مبادئ أساسية تعطي للمهنة فنها و أخلاقها والتمسك بأعرافها و تقاليدها وأن وحدة سلك المحامين وحدة لا انفصام لها وشغل الشاغل للمحامي المستقيم الذي وجب عليه العمل ضمن أخلاقيات المهنة والسعي والمثابرة و التقدم من أجل إعلاء قدره داخل وخارج الوطن و الدفاع عن معنى الحرية و العدالة و الإنصاف و القانون .

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى