ومضة قانون ( ١٧ ) ” أَغَانِىْ الْمِهْرَجَاْنَات “

بقلم : أحمد خميس غلوش

 

{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ }
سورة آل عمران ، الآية : ( ١١٠ )

تفشت في المُجتمع الآن ظواهر غريبة وعجيبة نُقِشَت كلماتها فوق الجُدران ، وملأت بضجيجها الأركان ؛ وحسنَا إن نُوقِشَت فى البرلمان .

من ضمنها : مايسمّى بأغانى المِهرَجان ، فلك أن تتخيّل كمّ الطّاقات السّلبيّة المشحونة بكلماتٍ هابطةٍ تخرج من حناجر هؤلاء الّذين أطلق عليهم البعض للأسف الشّديد .. مصطلح النّجوم ، فتحمل بعضُ هذه الضّوضاء، (( عداءات الكراهية والسبّ، والفُحش والعُنف، والذّمّ والتّحرّش، والتّفاخر بدخول السّجون والبذاءات، واصطناع البُطولة الزّائفة، وترويج أسماء الخُمور، وأنواع المخدّرات والفسق والبلطجة والقذف وتشجيع حمل السّلاح والتّنمّر، والضّرب واختلاق المعارك والإهانات و ……… غيرها )) .

ومنذ أيّامٍ سطّرت المحكمة الإداريّة العُليا ، فى حُكمٍ تاريخىٍّ شهيرٍ نُشر فى الجرائد ومنه الآتى :

” وذكرت المحكمة أنها تسجل في حكمها الدور السلبي للفن، ووسائل الإعلام بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، فبعض الأفلام غيرت من عقلية النشىء دون الثمانية عشر عامَا، حيث تقدم البطل على أنه إنسان، فوضوي خارج عن القانون والعادات يفعل ما شاء وما أراد، ويندفع وراء غرائزه عن طريق غير سوي متحديًا قيم وتقاليد المجتمع.

فيتخذ الطلاب من تلك الشخصية الفوضوية عديمة المبادئ والقيم مثلاً وقدوة ، فهذا النوع من الأفلام الذى يصور العديد من مظاهر الخيانة وأقوال الفُحش والرذيلة والجرائم والخروج على القانون ومشاهد العنف والسلوكيات ذات الإيحاء الجنسىّ .

فضلا عن انتشار المهرجانات والحفلات وأغانيها بكلمات يملؤها الإيحاءات الخارجة في ألفاظها عززت من انتشار ظاهرة التحرش الجنسي سواء بسلوك لفظي يتضمن التعليقات والالفاظ والفكاهات الجنسية أو سلوك جنسي يتضمن التحرش المادى وصل الأمر معه بتحرش طلاب المدارس الإعدادية بمعلماتهم ، وهو ثمرة تشويه فكرىّ وأخلاقىّ ودينىّ ” .

كما توهّجت المشاعر حينما تلت المحكمة الموقّرة حكمَها مناديةََ المشرّع وهى تقول :

” وتناشد المحكمة المشّرع المصرى بتشديد العقوبة الواردة بالمادة 89 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدّل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 التى تعاقب فقط بغرامة لا تقل عن مائة جنيه و لا تزيد عن خمسمائة جنيه ، لكل من يخالف حظر نشر أو عرض أو تداول أي مطبوعات أو مصنفات فنية مرئية أو مسموعة على اختلاف أنواعها الفنية خاصة بالطفل تخاطب غرائزه الدنيا ، أو تزين له السلوكيات المخالفة لقيم المجتمع، أو يكون من شأنها تشجعه على الانحراف.

فهى غرامة لا تكفى لتحقيق وظيفة الردع، ولا تتناسب مع جسامة الجريمة وأثارها المدمرة في نفوس النشىء الذين يقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما حتى ولو صادرت المطبوعات أو المصنفات الفنية المخالفة.

وفى الختام ، من الجميل جدََّا أن نرى الدّولة الآن تجابه وتحارب ظواهر التّنمّر والتّحرّش ، فخليقٌ بنا أن نمدّ أيدى المساعدة .

ونُناشد مع المحكمة ، ونُنادِى دومََا .. متى نُميت الباطل ؟؟

كما رُوى عن (عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه ) أنّه قال : ” إنَّ لله عبادًا يُميتون الباطل بهجره ، ويحيون الحقَّ بذكره “.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى