ضوابط الحبس الإحتياطي

بقلم: أحمد مسعد زهران

ضوابط الحبس الإحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية المصري رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ المعدل لبعض أحكام القانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠، أسس المشرع المصري في طور وضعه لقانون الإجراءات الجنائية بإعتباره الإطار التطبيقي لقانون العقوبات لإعتبارين أساسيين.

الأول:- أن مباشرة السلطة المعنية بتطبيق العدالة الجنائية بعض الإجراءات الجنائية التي تتقاطع مع حقوق الفرد وحريته والتي تتجلي في الأوامر الصادرة بالحبس الإحتياطي لايعني علي سبيل الحتم والتأكيد أن هذا الفرد هو من إقترف الجريمة بالفعل إذ قد يثبت في مرحلة التحقيقات براءة هذ الشخص مما نسب إليه من اتهام، فلا ينبغي أن يحتمل هذا الشخص في مواجهة المجتمع إصر الإعتداء علي حقوقه وحريته دونما ذنب إقترفه.

ثانياً :-أنه وإذ كان مطلوباً من السلطات مكافحة الظاهرة الإجرامية وحفظ الأمن والنظام داخل المجتمع من خلال آليات التجريم وضوابط العقاب وتنظيم إجراءات الملاحقة الجنائية للمجرمين لا يستتبع ترتباً عليه الإهدار التام للحقوق والحريات الفردية، إذ علاوة علي أن صون هذه الحقوق والحريات هو في ذاته ضرورة إجتماعية وأخلاقية لا تقل عن ضرورة حماية قيم المجتمع من الجريمة إلا أنه فضلاً عن ذلك فإن الدولة القانونية يتعين عليها حماية كافة المصالح القانونية التي تشمل إلي جانب حماية مصالح الدولة والمجتمع الحفاظ علي حقوق الفرد وحريته.

لذلك إتجه المشرع المصري إلي تدعيم الرقابة القضائية علي الأوامر الصادرة بالحبس الإحتياطي والتوسيع من نطاقها بموجب القانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ المعدل للقانون رقم ١٥٠ لسنة ١٩٥٠ بشأن الإجراءات الجنائية حيث كانت فلسفته ترتكز علي أمرين، الأول :توسيع نطاق الرقابة القضائية التلقائية علي شرعية الأوامر الصادرة بالحبس الإحتياطي هذا من جهة.
ومن جهة آخري إقرار حق المتهم في استئناف الأمر الصادر بحبسه إحتياطياً او بمد هذا الحبس.
حيث قام المشرع بصدد هذا إلي التضييق من نطاق الجرائم التي يجوز فيها الحبس إحتياطياً بموجب القانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ المعدل لقانون الإجراءات الجنائية وحدد الحالات التي تبرر حبس المتهم إحتياطياً او بمد هذا الحبس في المادة ١٣٤ منه وكذا اوجب علي السلطة المختصة بالخبس الإحتياطي تسبيب هذه الأوامر المادة ١٣٦ الفقرة الثانية والثالثة من ذات القانون،، فضلاً عن وضعه حداً أقصي لمدة الحبس الإحتياطي لا يجوز تجاوزه في مرحلة التحقيق الإبتدائي وسائر مراحل الدعوي الجنائية المادة ١٤٣ الفقرة الأخيرة.

وعلي الجانب الآخر من هذه الفلسفة اقر المشرع بموجب القانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ المعدل لقانون الإجراءات الجنائية حق المتهم في إستئناف الأوامر الصادرة بحبسه إحتياطياً إذ نصت المادة ١٦٤ من قانون الإجراءات الجنائية علي أن ( للنيابة العامة وحدها أن تستأنف الأمر الصادر في جناية بالإفراج المؤقت عن المتهم المحبوس إحتياطياً، وللمتهم أن يستأنف الأمر الصادر بحبسه إحتياطياً أو بمد هذا الحبس) ونصت كذلك الفقرة الثانيه من المادة ٢٠٥ من ذات القانون (وللمتهم أن يستأنف الأمر الصادر بحبسه إحتياطياً أو بمد هذا الحبس من القاضي الجزئي أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة).
وكذلك يجوز للمتهم وفقاً للمادة ١٦٦ من ذات القانون إستئناف الأمر الصادر بحبسه إحتياطياً أو بمد هذا الحبس في أي وقت..ويتعين علي الجهة المختصة بنظر الإستئناف الفصل فيه خلال ثمانية وأربعين ساعة من تاريخ رفعه وإلا وجب الإفراج عن المتهم فإذا صدر قرار المحكمة برفض الإستئناف جاز للمتهم أن يستأنف من جديد كلما إنقضت ثلاثون يوماً من تاريخ صدور قرار الرفض (المادة ١٦٧ فقرة ٢).
والبين من هذا كله ان القانون قد أعطي للمتهم الحق في الطعن بالإستئناف في أوامر حبسه إحتياطياً أو بمد هذا الحبس أياً كانت الجهة التي أصدرته وسواء أكانت الجريمة جناية أوجنحة من الجنح التي يجوز فيها الحبس الإحتياطي.
ولذلك كانت أهمية تدخل المشرع من خلال إصدار القانون رقم ١٤٥ لسنة ٢٠٠٦ بغية تحقيق التوازن في مجال الإجراءات الجنائية بين اعتبارات الفاعلية وضمانات حماية الحقوق والحريات الفردية.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى