حق النقد في أحكام النقض

بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي

من أهم أحكام النقض الحديثة التي صدرت بشأن حرية الرأي والتعبير وضوابطه؛ هذا الحكم الذي صدر بتاريخ ١/١/ ٢٠١٧ بشأن انتقاد العمل العام من خلال الصحافة، أو غيرها من وسائل التعبير وأدواته، حيث أصبح انتقاد العمل العام حقًا مكفولا لكل مواطن.

إن التمكين لحرية عرض الآراء وتداولها بما يحول دون اعاقتها، أو فرض قيود مسبقة على نشرها، هي الأصل العام، وهي حرية يقتضيها النظام الديمقراطي، وليس المقصود بها، مجرد أن يعبر الناقد عن ذاته.

ولكن غايتها النهائية الوصول إلى الحقيقة من خلال ضمان تدفق المعلومات من مصادرها المتنوعة، وعبر الحدود المختلفة، وعرضها في آفاق مفتوحة، تتوافق فيها الآراء في بعض جوانبها، أو تتصادم في جوهرها، ليظهر ضوء الحقيقة جليا من خلال مقابلتها ببعض، وقوفا على مايكون منها زائفا، أو صائبا، منطويًا على مخاطر واضحة أو محققة لمصلحة مبتغاة، ومن غير المحتمل أن يكون انتقاد الأوضاع المتصلة بالعمل العام تبصيرًا بنواحي التقصير فيه، موديًا إلى الأضرار بأي مصلحة مشروعة.

فلا يجوز أن يكون القانون أداة تعوق حرية التعبير عن مظاهر الإخلال بأمانة الوظيفة، أو النيابة أو الخدمة العامة، أو موطن الخلل في أداء واجباتها، سواء في وقت شغلها، أو كانت عن عمل متعلق بها، يقتضي الحال ابرازه، ولا يجب فرض قيود ترهق حرية التعبير بما يصد المواطنين عن ممارستها، ومن ثم كان منطقيًا، بل وامرا محتوما، أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش، والحوار في كل أمر يتصل بالشئون العامة.

ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام. ان حوار القوة إهدار لسلطان العقل ولحرية الإبداع، وهو في كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن آرائه بما يعزز الرغبة في قمعها، بما يهدد أمن الوطن واستقراره، ومن ثم فإن انتقاد القائمين بالعمل العام وان كان مريرا، يظل متمتعا بالحماية التي كفلها الدستور لحرية التعبير.

ومن أشهر القضايا التي تصدت لها محكمة النقض المصرية تلك الدعوى التي أقامها احد المواطنين الذي كان يشغل منصبا رفيعا، ضد إحدى الصحف المصرية اليومية، بطلب التعويض لنشرها عدد من المقالات تضمنت وقائع غير صحيحة منسوبة لطالب التعويض، إن صحت، فإنها توجب عقابه واحتقاره بين بني قومه، منها أن هناك بعض نشطاء الديمقراطية يطلبون دعما ماليا بصورة علنية، لمساعدتهم في أنشطتهم الديمقراطية في بلادهم، ووصف المؤتمر الذي حضره طالب التعويض بالمشبوه والمشاركين فيه بالعملاء.

وقد انتصرت محكمة النقض لحرية الرأي والتعبير الذي كفله الدستور والقانون وتضع محكمة النقض قاعدة أساسية في تعريف النقد المباح، انه مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به، أو الحط من كرامته، بأن يكون في إطار المقومات الأساسية للمجتمع، والحفاظ على الحقوق العامة وإحترام الحياة الخاصة للمواطنين، وعدم الاعتداء على شرفهم أو سمعتهم أو انتهاك محارم القانون.

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى