الصيغة القانونية لعقود التجارة الدولية ٢

بقلم: الدكتور/ وليد محمد وهبه

تستلزم الصياغة الجيدة للعقد التفكير في موضوعه تمهيدا لتحديد مفرداته من ناحية والحرص على أن تكون الصياغة صحيحة وواضحة وكاملة من ناحية أخري، وهو ما يستدعي

الالتزام ببعض المبادئ في مرحلة الكتابة النهائية على النحو التالي:

المرحلة الثانية في صياغة العقود

الصياغة المبدئية

ينصرف الاهتمام في هذه المرحلة إلى شكل المحرر وأسلوب صياغته، وسوف نعالج بالتفصيل فيما بعد القواعد الواجب مراعاتها في هذا الصدد، ويكفينا أن نشير هنا إلى أن خير معين للتقيد بهذه القواعد، مثل الوضوح وتواصل الأفكار والبساطة والتنظيم الدقيق والانسجام الداخلي، هو أن يبادر المكلف بالصياغة بتنقيح المسودة وصياغة مفرداتها كل على ورقة مستقلة بحيث يمكن تعديلها ومن ثم تجميعها في تسلسلها في الكتابة الثانية.

مراجعة الصياغة وتهذيبها

لا شك أن مراجعة الصياغة المبدئية سوف يتيح للقائم بالصياغة تكملة ما قد يكشفه من نقص في موضوعها وإزالة ما يكتنفها من عيوب تتعلق بالتنظيم الداخلي من ناحية وسوف تمكنه من تهذيب النص وإدخال ما يراه كفيلا بإخراجه في صورة جمالية مقبولة من ناحية أخري، فمراجعة الصياغة من أكثر من شخص أو المواجهة بينهم، كثيرا ما تكون مثمرة، ولا توجد قاعدة موحدة يحدد بها عدد مرات إعادة الصياغة، ولكن أهمية وضخامة موضوع المحرر تقتي من المحرر التدقيق في مراجعته، ويراعي لدي المراجعة عدم التخلص من الكتابة الأولي فقد تحتاج إليها فيما بعد عند المقارنة بينها وبين الصياغة النهائية، لذلك يجب وضع تاريخ علي كل منها.

مراجعة أجزاء العقد بالتتابع

تتطلب الصياغة الجيدة فحص كل أجزاء العقد ومتطلباته وما يثيره كل جزء من مشاكل، فمثلا بند الإتاوة (Royalty) في عقد تراخيص التصنيع أو استغلال البراءات؛ حيث يجب أن يجرب التعرض لكيفية حسابها وعلاقة هذا الحساب بالضرائب التي تستحق عليها وعلاقته بالحد الأدنى المضمون بموجب العقد لمقابل استغلال البراءة وغير ذلك من المسائل التي تثيرها في العقد محل الصياغة.

وهكذا في مرحلة المراجعة يجب البحث عن حلول للمشاكل أو المصاعب التي تبرز في هذا الصدد، ويجب عدم الانتقال إلى الجزء التالي في العقد قبل معالجة كل ما يحتمل أن يثيره الجزء محل المراجعة من مشاكل.

المراجعة الداخلية الشاملة

وفي هذه المرحلة يجب أن يقوم الصائغ بفحص العقد ووثائقه فحصا شاملا بغرض كفالة التناسق بين أجزاءه والربط بينها. ولهذا يجب مراجعة الحالة بين أجزاء العقد وبنوده، كذلك الأمر بالنسبة لبند التعاريف حيث يجب مراجعة مدي تطابق الكلمات المعرفة بصدر العقد مع استخدامها في أجزائه، وبالتالي عمل اللازم لإزالة ما قد يظهر من اختلاف بين التعريف وبين استخدامه في صلب العقد، وفي هذه الخطوة من المراجعة يجب التأكد من وجود التناسق في استخدام فواصل الكلام وفي تسلسل الأجزاء وترقيم البنود.

فحص انسياب الأفكار

يجب أن يراعي القائم بالصياغة، في مراجعة صياغة العقد مدي استجابتها لرغبة العميل، وهو يستطيع تحقيقا لهذه الغاية، أن يضع أمامه عدة تساؤلات يحاول البحث لها عن إجابات في الصياغة القائمة ليعدلها بما يوافق الغاية المذكورة، ويتعين أن يراعي في هذه الخطوة انسياب الأفكار القانونية وتسلسلها تسلسلا منطقيا، وبالتطبيق لذلك يسأل القائم بالصياغة نفسه وهو بصدد مراجعتها عما إذا كان مجملها يعكس الغاية من التعاقد ويعبر عن رغبة العميل، وهل يوجد ثمة انقطاع غير طبيعي في انسياب الأفكار، هل تفقد الوثيقة لجزء مكمل أو متمم أو مرتبط بأجزائها الأخرى مثل هل تتضمن الصياغة ما يفيد في تحديد وقت انتهاء العقد؟

ثم على القائم بالصياغة أن يستعرض الاعتبارات التي يمكن أن يكون لها أثر على مدي قبول العميل للوثيقة مما يتعلق مثلا بشكلها وحجمها، وبالتالي يجد بالقائم بالصياغة أن يكون صادقا مع نفسه، فاذا لاحظ أي نقص أو عيب في الصياغة فلا يستنكف الرجوع إلى الخطوات السابقة للبحث عن مكمن النقص والعيب في محاولة إصلاحه، وهو في سعية لذلك يمكنه الاستعانة برأي الغير في الصياغة، حيث إن عرضها على شخص أخر يعطي الفرصة لاكتشاف ما بها من عيوب.

عبدالعال فتحي

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى