نعم لقرار معالي النقيب بقبول أوراق خريجي التعليم المفتوح

بقلم: د. حمدي أبو سعيد
أصدر معالي النقيب الفقيه الإنسان رجائي بك عطية قراراً إصلاحيَّا تاريخيّاً جريئاً بفتح باب قبول أوراق خريجي التعليم المفتوح الحاصلين على الثانوية العامة قبل إجازة الحقوق، على أن تُقدم الطلبات مشفوعة بالمستندات، وبما عساه يكون من أحكام إلى المكتب الفني لمعالي النقيب .. قرار جريء يفتح باب الأمل لهؤلاء الشباب والفتيات الذين اجتهدوا في تحسين أوضاعم وتطوير أنفسهم بطلب العلم القانوني .. وكلام في غاية الدٌّقة بفتح الباب لتقديم الأورق، لدراستها واتخاذ القرار بشأنها، وهذا هو عين الحكمة والصواب والمنطق والعقل .. وهي خطوة كريمة مُوفّقة مشكورة لمعالى النقيب الإنسان متعه الله بالصحة والسعادة، ودوام العطاء، وجزاه الله أحسن الجزاء على تفريج كرب هؤلاء الزُّملاء ..

المشكلة أنَّ البعض استقبل قرار معالي النَّقيب بحالة غريبة من الهياج والبكاء والعويل على شبكات التواصل الاجتماعي، وكأن القيامة قامت، والأرض زُلزلت زِلْازلها، و أخرجت ما فيها وتخلَّت ! ..
وليسمح لي أستاذي معالي النقيب الفقيه أن أدلو برأيي المتواضع في هذه القضية، دعماَ وتأييداً ومُؤازرة، لما أعتقد أنه الحق والعدل والصَّواب في هذه المسألة التي تباينت فيها الآراء، بسبب حالة التشنُّج غير المبرر والشَّحن والحشد لفكرة شيطنة “خريجي التعليم المفتوح”، وأنهم دون المستوى المطلوب الذي يُؤهلهم للقيد في نقابة المحامين، ومن ثَمَّ افتعال معارك حنجورية وهمية، سبَّبت مزيداً من الاحتقان، وولدَّت الكثير من الإحن والضغائن والأحقاد بين الزُّملاء، وكلُّهم كرام .. ولولا هذه “الشيطنة” وافتعال هذه المعركة الوهمية؛ فإن الموضوع كان سيمر بكُل هدوء كأمر روتينيّ عادي، لن يشعر به أحد؛ خاصة وأن من أشعلوا هذه الحرب، سبق لهم وأن وافقوا على قبول قيد عدد من (خريجي التعليم المفتوح) بنقابة المحامين .. فما الذي حدث إذن بعد ذلك، لتُشَن هذه الحرب الحنجورية الوهمية المفتعلة، ويدَّعي أُناسٌ فيها البطولة؟ ! .. وأي بطولة يُمكن أن تكون بالاستقواء على الضُّعفاء؟ ! ، لستُ ادري! .. وأي بطولة يُمكن أن تكون بالاستقواء على أصحاب الحقوق المشروعة؟ ! ، لستُ ادري! .. وهكذا يُسوّل الشيطان الأمر لبعض المغرورين وأصحاب الخيالات البعيدة ! ..
أولاً: وقبل كُلِّ شيء أُعلن تأييدي لهذا القرار الإصلاحي الرّحيم الحكيم الشُّجاع الجريء، ولكافة القرارات الإصلاحية لمعالي النقيب الإنسان رجائي بك عطية، وأراه قراراً إصلاحيّاً تاريخيّاَ بامتياز ..

ثانياً: لا يجوز لمثلي أن يُعلِّق على قرارات شيخ المحامين ونقيبهم احترماً وإجلالاً وتأدُّباً، ولكن وقد طلبت السًّماح، فسأقولها كلمة حق لا أبتغي بها غير وجه الله، وتوضيحاً لزملائي من المحامين الكرام الذين لا يزالون يُحاربون بالوكالة عن قرارات أجمع الكثير من الزملاء على أنها ظالمة، و أنها تُخالف الحقَّ والقانون، وتُجافي العقل و المنطق، وقد تسببت هذه القرارات الجائرة في مظالم كثيرة، وأوضاع بئيسة تحتاج إلى بذل جهد كبير لإصلاحها .. أما وقد انبلج فجر المحاماة عن عهد جديد أتى بالعالم الجليل الفقيه الإنسان رجائي بك عطية مفخرة كُلِّ مُحامٍ شريف على رأس هذه النقابة؛ فينبغي على الجميع أن يتجرَّد مُخلصاً، وأن يتعاون صادقاً من أجل الإصلاح، ورد المظالم إلى أهلها، وعودة جميع الحقوق إلى أصحابها، وهذا يتطلب منَّا جميعاً أن نُصلح قُلوبنا، ونزيل عنها ران الإحن والضغائن والأحقاد التي سببتها هذه المعارك الحنجورية الوهمية المفتعلة التي أراد بها البعض أن يَشْغل المحامين عن الوقوف صفّاً واحداً في مُواجهة تدهور أوضاع النقابة، والمطالبة بالإصلاح، وأراد البعضُ أن يُفرق جَمْع المحامين حتَّى لا يتحدوا في مُواجهته .. وقد آن الآوان أن تضع الحرب الوهمية المفتعلة بين الزملاء أوزارها، وأن نتفرغ جميعاً مع نقيبنا الفقيه، ومجلس النقابة الجديد للبناء والإصلاح ..

إنَّ المظالم كثيرة وهي تحتاج إلى الاصطفاف خلف النقيب الإنسان رجائي بك عطية لقلع جذور الفساد واجتثاثها إلى الأبد من نقابة المحامين .. فقضية التعليم المفتوح .. وزوال قيد الكثير من الزملاء بقرارات تعسفية استبدادية .. ورفض تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لبعض الزملاء .. والمتضررون في المعاشات والعلاج .. وغيرهم من الضعفاء واليتامى والأرامل وكبار السن من شيوخ المحاماة .. مظالم كثيرة، وهي ظُلمات بعضها فوق بعض .. تحتاج منَّا جميعاً الصبر والتريُّث والمثابرة على حلِّها، والتكاتف خلف النقيب الفقيه الإنسان الذي ورث تركة ثقيلة من الهموم والمشكلات والمظالم نسأل الله العلي القدير أن يُعينه عليها ..

ثالثاً: ما المشكلة في قبول قيد خريجي التعليم المفتوح في نقابة المحامين؟
من ينظر للموضوع بنفسية صحيحة، وبعين التجرد والانصاف لن يجد أيَّ مُشكلة تُذكر في قبول قيد خريجي التعليم المفتوح في نقابة المحامين على الإطلاق ..
* – فزملاؤنا في التعليم المفتوح تخرجوا من نفس الكُلِّيات التي تخرجنا منها، ودرسوا نفس المقررات الدراسية، وعلى يد نفس أساتذتنا في كليات الحقوق بشتى الجامعات المصرية .. فما المشكلة إذن؟ ! ..
* – زملاؤنا في التعليم المفتوح حصلوا على نفس الشهادة الجامعية الأولى “الليسانس في الحقوق” التي حصلنا عليها .. فما المشكلة إذن؟ ! ..
* – بعض زملاؤنا في التعليم المفتوح، حصل على دبلومات دراسات عُليا، وماجستير، ودكتوراه في الحقوق .. أفلا يُعتبر قبول مثل هؤلاء النابغين إضافة وإثراءً وقوَّة للمحاماة، ونهضة للدراسات القانونية، وتشريفاً لنقابة المحامين .. فما المشكلة إذن؟ ! ..
* – بعض زملائنا في التعليم المفتوح، حصل على شهادات ودراسات جامعية سابقة؛ في الصيدلة، والهندسة، والعلوم، واللغة العربية، وأصول الدين، والمحاسبة، .. وغيرها ، وقد واصل مسيرة اجتهاده وتحصيله العلمي بدراسة القانون، ليُصبح مُحامياً من فرسان الحق والعدل .. أفلا يعتبر قبول مثل هؤلاء الزملاء إضافة قوية للمحاماة والمحامين .. فما المشكلة إذن؟ ! ..
* – وقبل كُل هذا وذاك .. فإنَّ الأرزاق بيد الله تعالى، والله وحده هُو الرَّزاقُ ذو القُوَّة المتين .. فالله وحده هو الذي يرزق، وهُو الذي يُعطي، وهُو الذي يمنع .. وهو سبحانه وتعالى صاحب الرزق والعطاء، يرزُقُ من يشاءُ بغير حِسابٍ .. ويقول: للشّيْء كُن، فَيَكُون .. فما المشكلة إذن؟ ! ..

رابعاً: كافة مبررات منع قيد خريجي التعليم المفتوح بالنقابة واهية:
وقد سيقت بعض المبررات لمنع قيد خريجي التعليم المفتوح بنقابة المحامين، وهي كلها مُبررات واهية، لا تقف على قدمين ولا تستوي على ساقين، ولا محل لها من الإعراب على الإطلاق؛ منها: ما أُشيع بأنَّ مستوى التعليم المفتوح لا يرقى إلى مستوى التعليم الجامعي النظامي، وأنَّ مناهجه أضعف من مناهج كليات الحقوق النظامية في الجامعات المصرية؛ ويُرد على هذا المبرر الواهي؛ بأن هذا الكلام فيه تجاوز للحد، وافتئات على المجلس الأعلى للجامعات، وهو المؤسسة الحكومية المختصة بمعادلة وتقييم الشهادات الأكاديمية الصادرة من الجامعات المصرية ..
* – وقيل أيضاً على سبيل تبرير هذه المعركة الحنجورية الوهمية المفتعلة على هكسوس التعليم المفتوح الغزاة؛ بأن قبول قيد هؤلاء في نقابة المحامين؛ من شانه أن يُضيِّق الرزق على المحامين، وكأن معاليه إله مع الله، مختص بتقسيم الأرزاق بين المحامين، ولا ينسى منهم أحد ! .. حاشا لله سبحانه وتعالى .. أن يكون أحد من عباده الضعفاء، وصيّاً على أرزاق النَّاس .. وغيرها من المبررات الواهية التي لا تستأهل حتى مجرد النَّظر إليها لضعفها وتهافُتها ..

وإذا كان الامر كذلك فحريٌّ بنا أن نُرحب بهؤلاء الزملاء من (خريجي التعليم المفتوح) في نقابة المحامين، وأن نفتح لهم صدورنا وقُلوبنا، وأن نُشجعهم ونُعطيهم الأمل، وأن نفتح لهم الطريق، ونزيل من أمامهم العوائق والعقبات؛ خاصة وقد أنفقوا أوقاتهم وأموالهم من أجل تطوير أنفسهم بدراسة القانون، فالأولى والأجدر والأليق بنا أن نُعينهم، وأن نأخذ بأيدهم، لا أن نغلق الباب في وجوههم، ونُعلنها حرباً عليهم .. وكما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: ((خَيرُ النَّاس أَنْفَعُهم للنَّاس))، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ومن فرَّج عن أخيه كُربة من كُرب الدُّنيا، فرَّجَ الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة، ومن يسَّر على مُعسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة)) .. فلماذا هذا التضييق، و لماذا هذا التعنت في التعامل مع هؤلاء الزملاء؟! .. ولماذا هذه الضغائن والأحقاد التي يُثيرها البعض تجاه هؤلاء الزُّملاء؟ ! .. ولماذا لا يزالُ البعض يُحارب بالوكالة لمنع قيد خريجي التعليم المفتوح بالنقابة؟ ! .. لماذا لا يزال البعض يقول بإصرار –من أجل المشاغبة والعناد- فقط، (لا .. للتعليم المفتوح)؛ وكأن خريجي التعليم المفتوح من المغضوب عليهم ومن الضَّالين .. وكأنهم من الهُكسوس الهمج الغُزاة ! .. وأقول لهؤلاء وأولئك: حنانيكم أيها الفُضلاء .. و ما هكذا تُورد الإبل يا سعد !! ..

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى