فطنة القاضي على بن أبى طالب

بقلم: أشرف الزهوي

شكى غلام إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا ( إن أمي ارضعتني بعد أن حملتني تسعة أشهر ولما ترعرعت واصبحت أميز بين الخير والشر طردتني وانتفت مني زاعمة انها لاتعرفني) فلما استدعى الخليفة المرأة وسألها عن ادعاء الغلام، فأجابت بأن عينها لم تره، وأنها لا تدري من أي الناس هو. انه غلام مدع يبتغي لها الفضيحة في عشيرتها، وأنها جارية من قريش لم تتزوج قط، ومازالت بخاتم ربها، وسألها الخليفة عن شهودها فأتت باخواتها الذين شهدوا معها، فقرر إيداع الغلام الحبس ليسأل عن الشهود، فإن كانوا شهودا عدولا جلد الغلام في حد القاذف.

وبينما الغلام في طريقة للسجن شاهد على ابن أبي طالب كرم الله وجهه فاستنجد الغلام به، فأمر بردة إلى مجلس الخليفة، وذهب إلى الخليفة وقال له : هل تمنحني الأذن للنظر في هذا الأمر؟ فقال الخليفة سبحان الله وكيف لا يا أبا الحسن وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؛ اعلمكم على بن أبى طالب) فأحضر على المرأة وسألها عن اوليائها، فأحضرت أخواتها فقال لهم : هل أمري فيكم وفي اختكم جائز؟ فقالوا نعم، فقال : اشهد الله وأشهد من حضر من المسلمين اني زوجت هذا الغلام من هذه الجارية باربعمائة درهم والنقد من مالي… وأمروأمر خادمة فأحضر الدراهم وصبها في يدي الغلام وقال له خذها فصبها في حجر امرأتك وخذها ولا تأتيني بها، الا وبك أثر العرس فنفذ الغلام الأمر وصب الدراهم في حجر المرأة ثم قال لها قومي، عندئذ صرخت قائلة ( النار النار يا ابن عم رسول الله تريد أن تزوجني ولدي.. هذا والله ولدي زوجني اخوتي هجينا فولدت منه هذا الغلام فلما كبر أمروني أن انتفي منه واطرده.. هذا والله ولدي وفؤادي أسفا. ثم أخذت الغلام بيدها انطلقت معه.

ولعل من أمثلة الفراسة التي كان يتحلى بها على بن أبى طالب رضي الله عنه أيضا، عندما شكت إليه امرأة توفي شقيقها من أن شقيقها مات ثريا عن مئات الدنانير ولم ترث منه سوى دينار واحد فقط
فقال لها : لعله ترك اما… قالت نعم
فقال لها لعلة ترك بنتين.. قالت نعم
فقال ولعله ترك زوجة… قالت نعم
فقال ولعله ترك أثنى عشر شقيقا سواك….قالت نعم
قال ولعل التركة كانت ستمائة دينار.. قالت نعم
فقال لها إذن فإن التركة توزع على الوجة الآتي
للأم السادس….. اي ١٠٠ دينار
وللبنتين الثلثان… اي ٤٠٠ دينار
وللزوجة الثمن… اي ٧٥ دينار
ويكون الباقي هو ٢٥ دينار للأشقاء ولشقيقتهم الشاكية للذكر مثل حظ الانثيين فيأخذ كل شقيق دينارين فيخصهم ٢٤ دينار ويكون للشاكية نصف مايكون للشقيق اي دينار واحد وانتهى إلى قوله للمرأة.. لامحل لشكواك فقد نلت نصيبك الشرعي.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى