نص قانوني اعتمدت عليه «الوطنية للانتخابات» في إحالة 54 مليون ناخب للنيابة.. ورئيسها يوضح المختص بتحديد قيمة الغرامة أو الإعفاء منها

تقرير: محمد علاء

أصدرت الهيئة الوطنية للانتخابات برئاسة المستشار لاشين إبراهيم نائب رئيس محكمة النقض، الأربعاء، قرارا بتحويل نحو 54 مليون ناخبا إلى النيابة العامة، لتخلفهم عن الإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ.

القرار أثار العديد من التساؤلات عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وانقسمت الآراء حوله بين مؤيد ومعارض، كما تناول البعض ساخراً.

الهيئة الوطنية للانتخابات استندت في قراراها إلى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنه 2014 والمعدل بالقانون رقم 140 لسنه 2020، والتي نصت على: «يٌعاقب بغرامة لا تجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيداً بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخاب أو الاستفتاء».

نص المادة السابقة، يعني أن الغرامة متدرجة وحدها الأقصى 500 جنيه، كما أن الغرامة لن تطبق على الـ 54 مليون مواطن الذين تخلفوا عن الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشيوخ.

كما نصت المادة 87 من باب الحقوق والحريات بالدستور المصري على:

«مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون مباشرة هذه الحقوق، ويجوز الإعفاء من أداء هذا الواجب في حالات محددة يبينها القانون.

وتلتزم الدولة بإدراج اسم كل مواطن بقاعدة بيانات الناخبين دون طلب منه، متى توافرت فيه شروط الناخب، كما تلتزم بتنقية هذه القاعدة بصورة دورية وفقا للقانون.

وتضمن الدولة سلامة إجراءات الاستفتاءات والانتخابات وحيدتها ونزاهتها، ويحظر استخدام المال العام والمصالح الحكومية والمرافق العامة ودور العبادة ومؤسسات قطاع الأعمال والجمعيات والمؤسسات الأهلية في الأغراض السياسية أو الدعاية الانتخابية».

وفي اتصال هاتفي ببرنامج «التاسعة»، الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي، عبر القناة الأولى المصرية، صرح رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار لاشين إبراهيم، بأن غرامة التخلف عن المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، بدون عذر أمر تقديري من اختصاص النيابة العامة، لا تتجاوز الـ500 جنيهاً، وتابع: «ممكن تبدأ من 10 أو 20 وأنت ماشي كدا».

وأضاف: «المتخلف بعذر عليه أن يتقدم به للنيابة، وغرامة التخلف عن الانتخابات تتبعه الكثير من الدول حول العالم، وليس أمرا قاصرا على مصر فقط».

من جهته، قال الدكتور محمد صلاح عبد البديع، أستاذ القانون الدستوري عضو مجلس النواب، إن ما يتردد عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية حول طرق تحصيل غرامة عدم المشاركة في الانتخابات اجتهادات فردية ليس لها سند قانوني.

وأضاف «عبد البديع»، في تصريحات لـ «مصراوي»، أن الإحالة إلى النيابة العامة لمن لم يصوتوا في الانتخابات إجراء يوجبه القانون على الهيئة الوطنية للانتخابات فإعمال النص أفضل من تعطيله، وفقا قوله.

وأوضح: «ليس معنى ذلك توقيع الغرامة على كل من تخلف بدون عذر عن الذهاب للجنة الانتخابية، وتحريك الدعوى الجنائية من عدمه من المواءمات التي تملكها النيابة العامة وفقا لتقديرها للوقائع وملابساتها ولذلك قد ترى النيابة العامة أن عدم ذهاب المواطنين إلى اللجان الانتخابية لتخوفهم من الإصابة بفيروس كورونا يعتبر مبررا لمن تخلف عن التصويت وبالتالي تمتنع عن تحريك الدعوى قبلهم وهذا هو الراجح في اعتقادي».

وفي سياق متصل، أشار الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري، في تصريحات لـ«المصري اليوم»، أن الهيئة الوطنية للانتخابات استندت في قرارها بإحالة الممتنعين عن المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ إلى النيابة، لنص المادة رقم 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٤، وهذا الاستناد جاء معتمدا على المادة ٨٧ من الدستور.

وعن موقف مصر بشأن إقرار عقوبة على الممتنعين عن المشاركة في الاستحقاقات الدستورية الممثلة في الانتخاب، كشف «فوزي»، عن أن هناك دولًا عديدة تطبق عقوبات على الممتنعين ومنها كندا وأستراليا والأرجنتين والبرازيل والإكوادور وبيرو وإيطاليا والسويد واليونان والنرويج وبلجيكا ولوكسمبورج والبرتغال، مشيرا إلى أن أكثرية الدول المذكورة تطبق عقوبات مالية فقط، لكن بعضها يلجأ لعقوبات سالبة للحرية مثل أستراليا، وبعضها يطبق عقوبات إضافية أخرى مثل منع المواطن من الحصول على خدمات عامة كمنع إصدار جواز السفر أو غيره مثل اليونان والبرازيل.

ولفت «فوزي»، إلى أن تلك الإجراءات التي تتخذها الدول تأتي لسببين، أولها ضمان حماية المواطنين من التأثير عليهم وسلب إرادتهم الانتخابية من أي أطراف أخرى، والسبب الثاني تحديد أكبر قاعدة ممكنة شاركت في الانتخابات، حتى لا يردد البعض مقولة إن «فلان» لا يستحق تمثيلنا في المجالس النيابة أو في مجلس الشيوخ، بحيث يضمن هذا الأمر مشاركة أكبر عدد ممكن في اختيار ممثليهم.

وأضاف: «بعض الدول أكدت أن الانتخاب حق واجب على المواطنين دون سن السبعين، بينما من هم فوق السبعين تكون مشاركتهم اختيارية مراعاة لاعتبارات السن، بينما بعض الدول الأخرى حددت السن الإجباري للانتخاب حتى الخامسة والستين، ولكن الدستور والقانون المصري لم يحددا سنا معينا للانتخاب الإجباري».

وأكد الفقيه الدستوري، أن النيابة العامة أمام أمرين، الأول أن تصدر أمرا جنائيا بالغرامة، والحالة الثانية أن تُحيل هؤلاء الأفراد إلى المحكمة المختصة، وهي تلك التي ورد النص عليها في المادة 73 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، والتي تتضمن «كل جمعية عمومية في كل محكمة استئناف أو ابتدائية تحدد دائرة أو أكثر للنظر في الجرائم الانتخابية على أن يُفصل في هذه الجرائم على وجه السرعة».

وعن آلية تطبيق العقوبة، أوضح «فوزي»، عن أن هناك آليات عديدة يتم بها تحصيل تلك الغرامة، أقربها وأوقعها أن تُحصل على الخدمات الحكومية مثل فواتير الكهرباء مثلا أسوة برسوم النظافة التي سبق وأن تم تحصيلها عليها، أو غرامات المرور مثلًا»، مشيرًا إلى أن هذه الحالة ستكون ميسرة، لأن أمور المواطنين مرتبطة ببطاقة الرقم القومي، والهيئة الوطنية للانتخابات لديها قاعدة بيانات المواطنين كاملة بالاسم والرقم القومي والعنوان، فحين طلب المواطن أي خدمة من الخدمات التي تقدمها الدولة، كالتراخيص وغيرها يمكن تحصيل الغرامة أثناء الحصول على تلك الخدمات.

وتابع: «فيما يخص كيفية الإعفاء من توقيع العقوبة، فبمقدور المخالف أن يتقدم سواء للنيابة العامة أو المحكمة المختصة موضحًا بأوراق ثبوتية ماهية العذر الذي حال بينه وبين أداء هذا الواجب، وهذه مسألة موضوعية يستقل القضاء بتقديرها».

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى