من توابع الفوضى ! (13)

من توابع الفوضى ! (13)

نشر بجريدة الوطن الجمعة 4 / 6 / 2021

بقلم: الأستاذ/ رجائي عطية نقيب المحامين

شمل الإطار الواسع جدًا لقانون العفو الشامل الذي أصدره رئيس الإخوان؛ استنادًا إلى منحِه لنفسه سلطة التشريع بقراره 11 أغسطس 2021، الذي أضفي عليه من عندياته أنه إعلان دستوري ـ شمل هذا الإطار الواسع، إضافة لما أبديناه سلفًا من جرائم بالغة الخطورة تمس الأمن القومي للبلاد، شمل أيضًا من تلك الجرائم الخطيرة، جريمة من أذاع في زمن الحرب أخبارًا أو بياناتٍ أو إشاعاتٍ كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة ( م 80 (ج) عقوبات )، وجرائم إذاعة شيء من ذلك في غير زمن الحرب ( م 80 (د) عقوبات )، ومجموعة الجرائم الضارة بأمن البلاد من جهة الداخل المبينة بفقرات المادة 80 ( هـ ) عقوبات، وجريمة من يسلم لدولة أجنبية أو أحد العاملين لمصلحتها أخبارًا أو معلومات أو أشياء أو مكاتبات أو وثائق أو خرائط أو رسومًا أو صورًا أو غير ذلك يكون خاصًا بالمصالح الحكومية والهيئات العامة أو المؤسسات ذات النفع العام، إذا كان قد صدر أمر بحظر نشره أو إذاعته ( م80(و) عقوبات ) وجرائم الإخلال العمدي بكل أو بعض الالتزامات التي يفرضها عقد توريد أو أشغال مع الحكومة لحاجات القوات المسلحة أو لوقاية المدنيين أو تموينهم، أو الغش في تنفيذ هذه العقود ( م81 عقوبات )، وجريمة إعانة الجاني في هذه الجرائم أو إخفاء ما استعمل أو كان معدًا للاستعمال فيها، أو إتلاف أو اختلاس أو إخفاء ما من شأنه تسهيل كشف الجريمة ومعاقبة مرتكبيها ( م 82 عقوبات)، وجريمة الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم من 77 ـ 80 عقوبات ( م 82 ( أ ) عقوبات )، وجريمة الاشتراك في هذا الاتفاق الجنائي سواء كان الغرض منه ارتكاب الجرائم المشار إليها في المادة السابقة أو اتخاذها وسيلة للوصول إلى الغرض المقصود منه ( م 82(ب) عقوبات)، كما يمتد هذا العفو إلى الجنايات والجنح المضرة بالحكومة من جهة الداخل الواردة بالباب الثاني من الكتاب الأول من قانون العقوبات [ المواد 86، 86 مكررًا، 86 مكرر (أ)، 86 مكررًا (ب)، 86 مكرر (جـ)، 86 مكرر (د)، 87، 88، 88 مكررا، 88 مكرر (أ)، 88 مكرر (ب)، 88 مكررًا (جـ)، 88 مكررًا (د)، 88 مكرر (هـ) من قانون العقوبات ]، ويشمل فيما يشمل من هذا الباب جناية تأليف عصابة لمهاجمة طائفة من السكان أو مقاومة السلطات العامة بالسلاح أو تولى زعامة مثل هذه العصابات أو الانضمام إليها ( م 89 عقوبات )، ويشمل هذا العفو جرائم التخريب والإتلاف العمدي للأملاك العامة والخاصة وللمرافق العامة والمصالح الحكومية والمؤسسات والجمعيات ذات النفع العام المؤثمة بالمادتين 89 مكررًا، 90 عقوبات، وجرائم الاحتلال بالقوة أو محاولة الاحتلال بالقوة للمباني العامة أو المخصصة للمصالح الحكومية أو المرافق العامة أو المؤسسات ذات النفع العام ( م90 مكررًا عقوبات )، وجريمة تولى ـ لغرض إجرامي ـ قيادة فرقة أو قسم من الجيش أو الأسطول… إلخ. بغير تكليف من الحكومة وبغير سبب مشروع (م 91 عقوبات)، وجرائم تعطيل أوامر الحكومة أو تعطيل تنفيذها (م 92 عقوبات)، وجريمة من يتقلد رئاسة عصابة حاملة للسلاح أو يتولى قيادة فيها بقصد اغتصاب أو نهب الأراضي أو الأموال المملوكة للحكومة أو لجماعة من الناس أو مقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجنايات ( م 93 عقوبات )، وباقي جرائم أمن الدولة المعاقب عليها بالمواد 94، 95، 96، 97، 98 (أ)، 98 (أ) مكررا، 98 (ب)، 98 (ب) مكررا، 98 (جـ)، 98 (د)، 98 (هـ)، 98 (و)، 99، 100، 101، 102، 102 مكررا من قانون العقوبات الواردة بالقسم الثاني من الباب الثاني من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.. ويسرى هذا العفو الشامل الذي أحدثك عنه، على جنايات وجنح هتك العرض وإفساد الأخلاق بالباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وعلى جرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، والحريق العمد، وهتك العرض وإفساد الأخلاق، والقبض على الناس وحبسهم بغير حق وسرقة الأطفال وخطف البنات، والسرقة والاغتصاب والتهديد والابتزاز، والتخريب والتعييب والإتلاف، وانتهاك حرمة ملك الغير، والترويع والتخويف والبلطجة، المؤثمة بمواد أبواب الكتاب الثالث من قانون العقوبات.

ما هو إذن ضابط سريان العفو الشامل على أي جريمة من هذه الجرائم الواسعة البالغة الخطر على أمن البلاد والعباد ؟!

لم يقل القرار بقانون سوى أن تكون هذه الجرائم « لمناصرة الثورة ».

وقد وقفت حائرًا مدهوشًا، ولا أزال، عند هذا الضابط الهمايونى الفضفاض، أن تكون هذه الجرائم التي تشمل كل جرائم المدونة العقابية ـ عدا القتل العمد ـ بما فيها التخابر وتجارة السلاح والمفرقعات وسرقة السلاح والذخائر والحرق والنسف والتدمير وإحداث العاهات المستديمة والضرب المفضي إلى الموت والاغتصاب وهتك الأعراض ـ أن تكون قد ارتكبت لمناصرة الثورة.

التذرع بمناصرة الثورة , أو التساند إليها , تذرع بمجهول وتساند إلى مجهول , لا ضابط له ولا رابط.. فمناصرة الثورة على إطلاقها باب واسع فضفاض وخطير , سوف يسعى أصحاب المصالح إلى الولوج منه للعفو عن جرائم غاية في الخطورة بزعم أنها قد ارتكبت لمناصرة الثورة.. فما أسهل الادعاءات والاعتسافات ما دام لا يوجد ضابط حاكم , وما أسهل أن ننسب جرائم في منتهى البشاعة والجسامة والخطورة إلى مناصرة الثورة.. فرب قائل يقول إن ما وقع أحيانًا من هتك عرض في ميدان التحرير , كان لمناصرة الثورة , وإنه لم يكن عنه غناء لهذه المناصرة.. ورب قائل يقول إن مداهمة أقسام ومراكز الشرطة والاعتداء على العاملين فيها الذي قد يصل إلى حد الضرب المفضى إلى الموت أو العاهة المستديمة , كان لمناصرة الثورة , وأن سرقة السلاح والذخائر من الأقسام ومراكز الشرطة كان لمناصرة وتأمين الثورة , وأن مداهمة الليمانات والسجون وإطلاق وتهريب المساجين كان لمناصرة الثورة , وأن مهاجمة مقر وزارة الداخلية لإسقاطها عدة مرات كان لمناصرة الثورة، وأن محاصرة والشروع في مهاجمة مقر وزارة الدفاع كان لمناصرة الثورة، وأن مهاجمة مبنى التليفزيون والإذاعة، بما صاحبه من قتلى كان لمناصرة الثورة، وأن التخابر مع دول أجنبية كان بغرض مناصرة الثورة , وأن إشعال الحرائق وحرق وتدمير المجمع العلمى كان لمناصرة الثورة , وأن جرائم حرق مبنى وملفات الضرائب العقارية , وأن جرائم السب والقذف والإهانة للمسئولين ولعباد الله ـ كانت لمناصرة الثورة , وأن ما وقع من جرائم حول ماسبيرو أو الفتنة الطائفية بإمبابة وأطفيح ـ كان لمناصرة الثورة , وأن ترويع الآمنين وجرائم البلطجة التي جرت في كل مكان إنما كانت لمناصرة الثورة , وهكذا بلا ضابط يكف المطالبين عن الإمعان في أطماعهم بلا حدود، أو يوجه المقررين إلى معيار محدد مضبوط مأمون لتطبيق هذا العفو الشامل الضرير !!!

المناصرة تحتاج إلى تعريف وضابط.

والثورة ذاتها تحتاج إلى تعريف وضابط.

والمعروف أن الثورة سُرِقت من يوم 28 يناير، واستولى عليها الإخوان استيلاءً شبه كامل.. ولم تكن أجندة الإخوان أجندة ثورة، وإنما حملة للانقضاض على الحكم.

الأدهى أن القرار بقانون العفو الشامل، إمتد إلى التحقيقات، ومده إلى التحقيقات يعنى المصادرة على المطلوب، إذ إن وقف التحقيق ـ بذريعة العفو !!! ـ يصادر على سبل التعرف عما إذا كانت الجرائم لمناصرة الثورة أم لأهداف وأغراض ومآرب خاصة تتشح بالثورة كذبًا بغير حق !!!

انكشف المستور، واستبان من وسط توابع الفوضى أن المآرب والأغراض اتشحت كذبًا بالثورة، وكان الهدف الاستيلاء على حكم مصر. وقد للأسف كان، حتى طلع الفجر في الثلاثين من يونيو وقال الشعب كلمته، وانتهت الفوضى وتوابعها !

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى