من تراب الطريق (1143)

من تراب الطريق (1143)

نشر بجريدة المال الأحد 25/7/2021

بقلم: الأستاذ/ رجائي عطية نقيب المحامين

يا رب

يا رب.. إليك نتجه بقلوبنا ومهجنا وأرواحنا وقد تجمعت سحب الأحزان، وتوالى رحيل الإخوة والأحباب وأعز الأصدقاء.. ندعوك أن تلهمنا الصبر والعزاء، وأن تثبت قلوبنا وتخفف آلام مصابنا فيمن رحلوا عنا إلى رحابك النورانية.. وأن تتقبل ضراعتنا وابتهالنا إليك أن تتقبلهم بفيض رحمتك، وأن تشملهم بكريم غفرانك ومثوبتك، وأن تسكنهم فسيح جناتك، وأن تملأ حنايانا بنور الإيمان وقوة اليقين، وأن تحسن ختامنا حتى نلتقي وإياهم في رحابك..

ربنا.. إنا نعلم مما علمتنا أنه مهما طالت أعمارنا، فإننا إليك يا ألله راجعون.. ونعلم أن كل من عليها فان ولا يبقى سوى وجهك يا ذا الجلال والإكرام، ونعلم مما علمتنا بكتبك ورسلك وأنبيائك أن الساعة آتية لا ريب فيها.. فيها ينعم المهتدي بهداه، حيث جناتك مثـوى الصالحين والأبرار.

قد أودعناك يا إلهي آمالنا، وأوكلنا إليك كفكفة أحزاننا، وتثبيت قلوبنا ومهجنا.. ندعو إليك مع كل داعٍ تحت سمائك، ذاكر مسبح متجه إلى رحابك.. ندعوك أن تلهمنا مع الصبر حسن عبادتك والتقرب إليك.. أن تملأ وجداننا معرفة بك، وخشوعا لك، وأداء لحقك.. أن تحسن نسكنا وصلواتنا، وتحفظنا بالتقوى من الأباطيل والمضلات، وتعصمنا من الشرور ووساوس الشيطان، وأن تهدينا بعبادتنا لك إلى آفاق النور والضياء..

ربنا.. قد علمنا مما علمتنا أنه ما تقرب إليك عبد بمثل الزهد في الدنيا، ولا تعبدك بمثل أداء ما افترضته عليه.. اللهم فاجعل هذه الدنيا في يقيننا دار مرور لا دار قرار، وعملنا فيها عمل الأخيار والأبرار.. الذين يرومون على الدوام مثوبتك ورضاك، ويعيشون أيامـهم على نهجك وهداك..

نعلم يا إلهي مما علمتنا أنك قد جعلت الموت والحياة لتبلونا أينا أحسن عملا.. وقد رجونا مع من رحلوا عنا أن نكون وإياهم قد مضينا في الحياة الدنيا على ما تحب وترضى.. فتقبل اللهم دعاءنا للأحباب الراحلين بالرحمة والمغفرة، واقبلهم يا إلهي لديك قبولاً حسنا، وطيب ثراهم، وأكرم مثواهم، واجعل اللهم منازلهم في نعيم جناتك..

إلهي.. ها نحن نتجه إليك في باكورة صباحنا وآيات خلقك ملء أبصارنا وأسماعنا.. تطالعنا أينما جال البصر منا.. فخشع اللهم بآياتك العظمى قلوبنا، وأنر بصائرنا وألبابنا.. وألهمنا الصبر على ما به قضيت.. وحمدك وشكرك على ما به أنعمت وتفضلت..

إلهي.. إنك أعلم بنا منا.. أعلم بما تجيش به صدورنا، وبالإجلال الذي تفيض به أرواحنا.. أنت سبحانك قبلتنا، وبـك استعانتنا، وعليك يا قوى يا متين توكلنا..

اللهم فسدد بهداك أعمالنا، ونم بفضلك أعواد الخضرة في قلوبنا، وبارك في ثمارها، وعمر أفئدتنا بنور الإيمان وهداية اليقين..

ربنا.. رب هذا العرش العظيم، ومبدع هذا الكون المعجز.. إلى رحاب رحمتك جئنا نلوذ من لواعج قلوبنا وآلامنا في مصابنا.. نعلم أن الموت حق، ولكن الفراق صعب.. ألم يقل نبيك المصطفي إن العين لتدمع، وإنّا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون !

اللهم فامسح بفيض رحمتك دموعنا، وكفكف أحزاننا، واغمر بنور الإيمان واليقين قلوبنا، واستقبل بكرمك ورحمتك وغفرانك أحبابنا الذين تركوا الفانية إلى الباقية.. وأسكنهم لديك مساكن الصديقين والأبرار..

يا رب.. لقد أسلمنا وجوهنا وقلوبنا إليك.. وامتلأت مهجنا وأرواحنا ونبضات قلوبنا بذكرك والتسبيح لك.. جئناك راضين خاشعين ضارعين.. نسألك النور والهداية، والصبر والعزاء، وأنت سبحانك النور ولا نور إلاَّ منك، وأنت الهادي.. فاهدنا اللهم بك إليك..

اللهم فتقبل ضراعتنا لأنفسنا ولأحبابنا الذين ارتحلوا إليك، فنحن وإياهم ملك يمينك.. أنت سبحانك ياذا الجلال والإكرام المالك لنواصينا وأقدارنا، وإليك يا وارث انتهاؤنا ومآلنا، وأنت يا إلهى قبلتنا في كل درب وعلى كل طريق.. ورضاك ومثوبتك يا منّان وجهتنا، ووجهك الكريم مرامنا وغايتنا.. فاحشرنا اللهم وإياهم في زمرة المحبّبين إليك من عبادك.. الذين رضيت عنهم ورضوا عنك.. وألحقنا وإياهم بالصالحين والأبرار.

ربنا.. نضرع إليك أن تهبنا التقى والورع والصلاح، وأن تقوى بالإيمان إخلاصنا وعزائمنا.. وأن تحقق رجاءنا في أن نحيا ونموت مسبحين ومقدسين لك.. نلقاك وقلوبنا وألسنتنا تلهج بذكرك وحمدك.. فأنت سبحانك ربنا وخالقنا وولينا، وإليك سبحانك مآلنا، والإخلاص لك مهجتنا ولبّ إيماننـا.. يا رحمن يا رحيم..

نسألك يا ألله بكل اسم هو لك، علمناه أو احتفظت به في علم الغيب عندك، أن تنير قلوبنا وتوسع مداركنا لنرى حكيم آياتك ونتقبل بالرضا والتسليم قضاءك.. فأنت سبحانك الولي الحميد، وأنت الوارث الباقي.. نسألك يا إلهي أن تشملنا برعايتك، وتكلأنا بعنايتك.. وتهدينا إلى سبيل مرضاتك.. يا أرحم الراحمين.. يا رب.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى