مخاصمة القضاة كوسيلة لحماية القاضي

بقلم:ماجد عباس

مخاصمة القضاه هى دعوى تعويض يستطيع من خلالها للخصم المضرور أن يرفعها على القاضى أو المحكمة لسبب من الأسباب التى نص عليها القانون ، و هنا ضيق القانون من حالات مخاصمة القضاه بشروط صارمة على سبيل الحصر فى المادة 494 من قانون المرافعات و ذلك حتى لا يخشى القضاه التصرف فى صدور الأحكام … فأوجب المشرع للخصم المضرور اتباع اجراءات خاصة اذ ما بغى مخاصمة القضاه بدعوى المخاصمة .
أى ان دعوى المخاصمة هى دعوی مسئولية مدنية وإنما أخضعها المشرع من حيث أسبابها وإجراءاتها والمحكمة المختصة بها وأثر الحكم فيها لقواعد خاصة على أنه تجدر ملاحظة أن دعوى المخاصمة وإن اختلفت عن سائر الدعاوى في قواعدها وإجراءاتها فإنه فيما عدا ما تخضع له من قواعد خاصة ، تطبق عليها أحكام قانون المرافعات شأنها في ذلك شان سائر الدعاوى ، كأحكام ترك الخصومة.
ودعوى المخاصمة وإن كانت تعتبر أساسا دعوى تعويض ، فإنها تتضمن في ذات الوقت طلب بطلان التصرف أو الحكم الصادر من القاضي المخاصم .
ذلك أن بطلان التصرف أو الحكم إذا قضى بصحة المخاصمة يعتبر التعويض الحقيقي للخصم المضرور منه .
فكرة دعوى المخاصمة وطبيعتها القانونية
توجه دعوی المخاصمة إلى القاضي الذي قام به سبب المخاصمة أيا كانت درجته ، أي سواء كان قاضيا بالمحاكم الابتدائية أو مستشارا بإحدى محاكم الاستئناف أو محكمة النقض ، ولا صعوبة في توجيه دعوى المخاصمة إذا كان القاضي منفرداً إذ توجه إليه وحده الدعوى .
أما حين يتعد القضاة فإن الدعوي توجه إلى الدائرة بأكملها إذا حالت سرية المداولة دون تحديد القاضي المسئول عن الخطا ، فإذا أمكن تحديد القاضي المسئول عن دون مساس بسرية المداولة وجهت الدعوى إلى هذا القاضي وحده دون باقي أعضاء الدائر ، وتطبيقا للقواعد العامة يجوز أختصام الدولة في دعوى المخاصمة وتكون مسئولة عما يحكم به من التضمينات على القاضي بأعتباره تابعاً لها على أن يكون لها حق الرجوع عليه كما يجوز توجيه الدعوى إلى ورثة القاضى .
إذا كانت القاعدة هي أن كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتبكه بالتعويض فإن المشرع خرج علي هذه القاعدة بالنسبة لما قد يقع من القاضي من أخطاء باعتبار أن إعمالها بالنسبة له في المواجهة الخصوم، قد يعرضه للكثير لدعاوى التعويض مقابل ذلك، فإنه قد يكون من الصعب إعفاء القاضي من كل مسئولية مدنية، عند ارتكابه لأخطاء يمكن أن تمس حيدته، وتشكك في نزاهة واستقلاله.
وفي محاولة من جانب المشرع للتوفيق ما بين هاتين المصلحتين تحقيق العدالة دون خوف أو رهبة وتعويض المضرور عما قد يصيبه من أخطاء قد تقع من القاضي قرر المشرع مساءلة القاضي عن إخلاله بواجبه الوظيفي إخلالا جسيما.
*مخاصمة القضاة ضمانة هامة للمواطنين في مواجهة القضاة :
ذلك أنها تحملهم عملا على حسن أداء الأمانة التي أولاها المشرع اياهم وهي إقامة العدل وانصاف الناس من الناس بجدية وفي حيذة تامة وبأمانة تحمل الناس على الثقة فيما يصدر عنهم من أحكام وقرارات ، حتى لو كانت في غير مصلحتهم ، و هناك فرق بين صدور حكم أو قرار في غير مصلحة إنسان نتيجة اجتهاد في تطبيق القانون وتفسيره ، ولو كان خاطئاً طالما كانت له مسوغاته ، وبين صدور حكم أو قرار بني على الغش أو التدليس أو الخطا المهني الجسيم الذي ينم عن جهل فاضح بأحكام القانون .
فمثل ذلك يشكل خيانة للأمانة التي أنيط بالقاضي تحمل مسئولياتها ، ويعصف بثقة الناس في القضاء .
وبغير هذه المساءلة المدنية والتي قد تصاحبها في كثير من الأحيان مسئولية جنائية ، ينفرط عقد القضاء ، ويعم الفساد وعلى أحسن الفروض لا يكترث القضاة بأقضية الناس ، فلا يكترث الناس بالقضاء و تعم الفوضى المجتمع.

أولاأسباب دعوى المخاصمة:
حدد المشرع حالات مخاصمة القاضي علي سبيل الحصر فى المادة 494 من قانون المرافعات .
أـ إذا وقع من القاضي في عمله غش أو تدليس أو غدر:
عندما يحدث من القاضى خطأ مهنى جسيم سواء فى مرحلة التحقيق أو المحاكمة و الحكم ..، أو قاصدا إما إيثار أحد الخصوم، وإما الانتقام من خصم معين، وإما تحقيق مصلحة شخصية للقاضي بأى صورة من الصور أثناء أى اجراء فى مراحل الدعوى .
و لكن يختلف الخطأ المهنى الجسيم عن الغش و التدليس و الغدر بأنه لا يشترط فيه سوء النية .مثل تسبب القاضى بضياع مستندات هامة فى الدعوى أو جهل فاضح لمبادئ أساسية فى القانون أو وقائع ثابتة بملف الدعوى أو إغفال القاضى تسبيب الحكم .
ضلك كله لا يدخل فى نطاق الخطأ الجسيم إذا كان خطأ دون اهمال .. فإجتهاد القاضى لا تأباه أحكام القانون و سبيل تدارك الخطأ فى هذه الحالة هو الطعن فى الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً .
على أن استخلاص ما يعتبر خطأ جسيم أم غير جسيم يخضع لرقابة محكمة النقض .
ب ـ إنكار العدالة:
ويقصد بهذه الحالة، امتناع القاضي عن الإجابة علي عريضة قدمت له أو عن الفصل في قضية صالحة للحكم فيها ، ما لم يععد تأجيل الفصل فى الدعوى امتناعأ طالمما هذا التأجيل له ما يبرره .
ولاثبات امتناع القاضي عن الفصل في الدعوى يتعين اعذار القاضي مرتين علي يد محضر، يفصل بينهما ميعاد أربع وعشرين ساعة، بالنسبة للأوامر علي عرائض، وثلاثة أيام بالنسبة للدعاوى الجزئية والمستعجلة والتجارية، وثمانية أيام بالنسبة للدعاوى الأخرى، ولا يعتبر القاضي منكراً للعدالة إلا بعد انقضاء ثمانية أيام من تاريخ آخر اعذار دون أن يفصل في الدعوى .
جـ الأحوال الأخرى التي ينص فيها القانون صراحة علي مسئولية القاضي، والحكم عليه بالتعويض.
و ذلك مثال ما نصت عليه المادة 175 مرافعات من أنه يجب إيداع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقع من الرئيس و من القضاه عند النطق بالحكم و إلا كان الحكم باطلاً ، مع إلزام المتسبب فى البطلان ملزماً بالتعويضات .

ثانيا :
إجراءات دعوى المخاصمة والفصل فيها :
1-أطراف دعوى المخاصمة و ميعاد رفع الدعوى:
ترفع دعوى المخاصمة من الخصم الذى لحقه ضرر أو بتفويض خاص وتقام علي القاضي

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى