محكمة النقض هي خاتمة المطاف

كتبه: محمود حسن المحامي

لما كان الأصل في نظام التقاضي أنه متى صدر الحكم في الدعوى خرجت من حوزة المحكمة لاستنفادها ولايتها القضائية، وامتنع عليها العودة إلى نظرها من جديد، أما ما استنته محكمة النقض – خروجاً على هذا الأصل – من العدول عن بعض أحكامها، في خصوص شكل الطعن، مراعاة لمقتضيات العدالة، وحتى لا يضار الطاعن بسبب لا دخل لإرادته فيه، فهو من قبيل الاستثناء الذي يجب قصره في نطاق ما استن من أجله وعدم التوسع فيه، لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يشترط لكي تعدل عن حكم أصدرته أن يكون الحكم فيما قضى به قد قام على عدم استيفاء إجراءات الطعن المقررة قانوناً، ثم ثبت – من بعد – أن تلك الإجراءات كافة كانت قد استوفيت بيد أنها لم تعرض كاملة على المحكمة، عند نظرها الطعن، لأسباب لا دخل لإرادة الطاعن فيها.
و تنص المادة ٣٦ مكرراً بند ٢ من القانون ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المعدلة بالقانون رقم ٧٤لسنة ٢٠٠٧
” على أن الطعن في أحكام محكمة الجنح المستأنفة يكون أمام محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة منعقدة في غرفة مشورة وأن تلك المحاكم تلتزم بالمبادئ القانونية المستقرة المقررة في قضاء محكمة النقض ، فإذا رأت العدول عن مبدأ مستقر قررته محكمة النقض وجب عليها أن تحيل الدعوى مشفوعة بالأسباب التى ارتأت من أجلها العدول إلى رئيس محكمة النقض لإعمال ما تقضى به المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية ، فإذا قضت تلك المحاكم دون الالتزام بالمبادئ المستقرة سالفة الذكر فللنائب العام وحده من تلقاء نفسه أو بناء على طلب ذوى الشأن أن يطلب من محكمة النقض عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية ، فإذا رأت الهيئة مخالفة الحكم لمبدأ قانونى مستقر لدى محكمة النقض ألغته وحكمت مجدداً في الطعن أما إذا رأت إقرار الحكم قضت بعدم قبول الطلب”.
وحيث تنص المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية
تُشكل الجمعية العامة لمحكمة النقض هيئتين بالمحكمة كل منها من أحد عشر قاضيًا برئاسة رئيس المحكمة أو أحد نوابه إحداهما للمواد الجنائية والثانية للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها.
وإذا رأت إحدى دوائر المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة أحالت الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمحكمة للفصل فيها وتُصدر الهيئة أحكامها بالعدول بأغلبية سبعة أعضاء على الأقل.
وإذا رأت إحدى الدوائر العدول عن مبدأ قانوني قررته أحكام سابقة صادرة من دوائر أخرى أحالت الدعوى إلى الهيئتين مجتمعتين للفصل فيها، وتصدر الأحكام في هذه الحالة بأغلبية أربعة عشر عضواً على الأقل.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أحكام محكمة النقض وأحكام محاكم جنايات القاهرة المنعقدة في غرفة مشورة تعتبر أحكاماً نهائية لا يجوز الطعن عليها بأى طريق من طرق الطعن إلا إذا توافرت حالة من حالات إعادة النظر المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية وهو ما نصت عليه المادة ٤٧ من القانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المضافة بالقانون ٧٤ لسنة ٢٠٠٧ ، أو إذا ما قام لدى أحد أعضاء الدائرة مصدرة الحكم سبب من أسباب عدم الصلاحية وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة ١٤٧ من قانون المرافعات ” وإذا وقع هذا البطلان فى حكم صدر من محكمة النقض جاز للخصم أن يطلب منها إلغاء الحكم وإعادة نظر الطعن أمام دائرة أخرى”.
محكمة النقض هي خاتمة المطاف، وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها، ولئن كان قضاء الدوائر الجنائية بالمحكمة جرى على الرجوع في أحكامها في أحوال مخصوصة تحقيقاً لحسن سير العدالة. ومن حالات عدول محكمة النقض عن أحكامها:-
* مخالفة الحكم للمبادئ القانونية المستقرة في قضاء محكمة النقض.
* عدم علم المحكمة بوفاة الطاعن أثناء نظر الطعن، فتقضى المحكمة دون علم فإنه يتعين العدول عن الحكم والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المحكوم عليه.
* إذا قضت المحكمة بسقوط الطعن لعدم تقدم الطاعن للتنفيذ قبل يوم الجلسة المحددة لنظر الطعن، ثم تبين سبق صدور أمر بإيقاف تنفيذ العقوبة بموجب الإستشكال المقام من الطاعن أو أن يكون الطاعن قد نفذ العقوبة المقضى بها ،ومن ثم فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم السابق صدوره.
* إذا ترتب على حكمها فى الطعن مخالفة قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه.
* إذا أغفلت المحكمة القضاء بنقض الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بالمسئول عن الحقوق المدنية رغم لزوم ذلك بعد الحكم فى الشق الجنائى.
* إذا اعتقدت المحكمة أن الطاعن لم يودع أسباب طعنه، ثم تبين لها أنها قدمت ولكن لم تعرض عليها،
قبل صدور الحكم بعدم قبول الطعن، فإنه يكون من المتعين الرجوع في ذلك الحكم.
* اعتقاد المحكمة أن الذي وقع على أسباب الطعن غير مقبول أمام محكمة النقض، ثم تبين لها عكس ذلك بعد قضائها بعدم قبول الطعن ، فإنه يتعين الرجوع في هذا الحكم والنظر في الطعن من جديد.
وأجملت محكمة النقض سلطة إعمالها مبدأ العدول عن الحكم في تحقيق حسن سير العدالة، كونها الهدف والغاية من كل تلك الإجراءات والقواعد.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى