في ضوء الممارسة العملية للتحكيم الدولي

كتبه: أسامه بدر المحامي

(المنشور الأول) من سلسلة منشورات التحكيم الدولي
اللجوء الي المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار

نبذة تعريفية:
– هو مؤسسة تحكيمية دولية أنشئت عام 1966 لتسوية المنازعات القانونية والتوفيق بين المستثمرين الدوليين. كجزء من مجموعة البنك الدولي، مقرها في واشنطن. ويُعد المركز مؤسسة متخصصة ومتعددة الأطراف متخصصة لتشجيع التدفق الدولي للإستثمار وتخفيف المخاطر غير التجارية بموجب معاهدة أعدها المديرون التنفيذيون للبنك الدولي لإعادة البناء والتنمية بعد توقيع الدول الأعضاء عليها حيث وافقت 153 دولة عضواً متعاقداً على تنفيذ قرارات التحكيم ودعمها وفقاً لاتفاقية المركز الدولي لتسوية المنازعات
– وأنشأ المركز الدولي لتسویة منازعات الاستثمار بین الدول ورعایا الدول الأخرى كجهة قضائیة دولیة متخصصة في مجال حل المنازعات عن طريق التحكيم.
– ويمتد إختصاص المركز الي المنازعات ذات الطابع القانوني التي تنشأ بين دولة متعاقدة وأحد رعايا دولة متعاقدة أخري والتي تتصل اتصالات مباشرا بأحد الإستثمارات بشرط أن يوافق أطراف النزاع كتابة علي طرحها علي المركز. ومتي أبدي طرفا النزاع موافقتهما المشتركة فإنه لا يجوز لأي منهما أن يسحبها بمفرده.
ويقصد براعايا أحد الدولة المتعاقدة الأخرى ما يلي:-
كل شخص طبيعي يحمل جنسية إحدي الدول المتعاقدة الأخرى خلاف الدولة الطرف في النزاع في تاريخ إعطاء الأطراف موافقتهم علي طرح النزاع علي التوفيق أو التحكيم وايضا في تاريخ تسجيل الطلب يقصد بالطلب العريضة التي تقدم الي المركز) مع إستبعاد اي شخص كان يحمل في هذا التاريخ أو ذاك جنسية الدولة المتعاقدة الطرف في النزاع.
– و لا یلجأ الأطراف إلى المركز الدولي إلاّ من أجل تقدیم طلبات تسویة المنازعات.

تطبييق عملي
أ – قضیة Fedax NV ضّد دولة فنزویلا (ملخص وتفسير للقضية قمت بإستخلاصه من الحكم راجع في ذلك موقع ICSID)
أصدرت حكومة فنزويلا مجموعة من الأوراق التجارية (سندات لأمر) لفائدة شركة محلية Venezuelan corporation industrias metalurgicas vandan c.a. نقلت مجمووعة هذه السندات عن طريق التظهير لصالح شركة هولندية تدعى .Fedax NV عند حلول تاريخ استحقاق مبالغ هذه السندات لم تف حكومة فنزويلا بالتزامها بالدفع، مما ادي بالشركة الهولندية الي إخطار المركز الدولي بعريضة التحكيم في 17/6/1996 اسنادا الي اتفاقية تشجيع الإستثمار المبرمة بين حكومتي فنزويلا وهولندا.
قدمت فنزويلا دفعا بعدم اختصاص المركز وبالتالي عدم اختصاص محكمة التحكيم للفصل في النزاع ،حيث تري المدعى عليها يشترط لإختصاص المركز وجود نزاع قانوني ناشئ مباشرة عن استثمار وفقا لنص المادة 25/1 من اتفاقية واشنطن وهو ما لم يتحقق في نزاعها مع شركة Fedax NV فلا يمكن اعتبار الشركة المدعية قد قامت بإستثمار لمجرد امتلاكها سندات مالية تمثل ديونا صادرة عن الحكومة إذ لا يكفي ذلك ليمثل استثمارا اجنبيا مباشرا متضمنا تدفق رؤوس الأموال من دولة الي دولة أخري من أجل الحصول علي الأرباح والتي تكون عادة محاطة بالمخاطر التي يواجهها المستثمر مما يتعين التصريح بعدم الإختصاص.
للإجابة عن هذا الدفع أوضحت محكمة التحكيم أنه كانت هناك محاولات كثيرة لتعريف الإستثمار أثناء الأعمال التحضرية للإتفاقية الا أنها لم تكن مقبولة لذلك تقرر ترك تحديد مفهوم الإستثمار للدول الأطراف في الإتفاقية وفقا لما جاء بتقرير المديرين التنفيذيين ثم لخصت الخصائص التي يتعين توافرها في الإستثمار بما يلي:
“Un investissement se caractérise par une certaine durée, une régularité en matière de profit et revus une certaine prise de risque, un engagement substantiel et un intérêt certain pour le développement du pays d’accueil
اعتبرت محكمة التحكيم أن هذه الخصائص متوفرة في القضية القائمة بين الطرفين بإعتبار أن العملية وعوائدها تمتد لعدة سنوات وأن حامل السندات يتحمل خطر عدم الوفاء بقيمتها فهذا كاف لإعتبار شرط المخاطرة متوافرا. كما أن عنصر تنمية البلدان المضيف قائم بإعتبار أن العملية منظمة بموجب القانون الداخلي المتعلق بالقرض العام الذي يشترط هذا العنصر للقيام بمختلف التصرفاتالمتعلقة بالقروض.
أما بخصوص اعتراض فنزويلا علي أساس أنه لا يوجد استثمار أجنبي مباشر من جانب شركة ،Fedax NV أوضحت المحكمة أم م 25/1 تحدد اختصاص المركز بالنزاعات التي تنشأ مباشرة عن إستثمار . يعني ذلك أن كلمة مباشرة الواردة في هذه المادة تتعلق بالنزاعات وليس بالإستثمار مما يترتب أن المركز ينظر في النزاعات التي تنشأ عن إستثمار سواء كان مباشرا أو غير مباشر.
هكذا تمسكت محكمة التحكيم بإختصاصها بصدد موقف التحكيم في قضية Fedax NV وهو تفسيرها لعنصر المخاطرة L’élément risqué تفسيرا واسعا وعدم تميزها بين المشاركة في مخاطر الإستثمار كخطر إقتصادي تبعا لنجاح ومردوية المشروع الإستثماري بالتالي فالإكتفاء بهذا المفهوم للخطر يؤدي الي اعتبار كل العلاقات العقدية من قبيل الإستثمارات بإعتبارها تتضمن خطر عدم تنفيذ الإلتزامات .
والواقع غير ذلك اذا لا يمكن إعتبار مفهوم الخطر كأحد العناصر المحددة للإستثمار وفقا لمعناه الحقيقي، أي المعني الإقتصادي المتمثل في الإحتمال الذي يميز نجاح ومردوية المشروع لأدي بالمحكمة الي الحكم ععدم إختصاصها نظرا لغياب .هذا المعني الخطير في القضية بإعتبار حامل السندات يعرف تمام المعرفة عوائدها وتاريخ استحقاقها.
في الأسبوع القادم إن شاء الله سنتحدث عن طلب التحكيم.

 

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى