حق المتهم في استخدام الصمت

بقلم: محمد عبد السميع

أولا: رأي الفقه المؤيد لاستخدام حق الصمت

‏يجمع أصحاب هذا الرأي على استخدام المتهم حقه في الصمت إزاء الأسئلة الموجهة إليه إذا هو أراد ذلك، إذ أنه لا يحق تفسير صمت المتهم على أنه دليل إدانة ضده أو أنه ارتكب الجريمة ‏وكذلك لا يجب أن يقول أن المتهم التزم الصمت لأنه وجد جميع وسائل الدفاع عنه مستحيلة، لذلك فالصمت قد يكون له أسباب كثيرة مثل إنقاذ المتهم أحد الأشخاص ‏العزيزة لديه ‏وكذلك مثل الابن الذي يرتكب والده جريمة ثم يصمت وكذلك في حالة الزنا.

‏وأيضا الدكتور مصطفى محمود رحمة الله عليه، يقول من السهل إجبار الشخص ‏على الكلام ولكن من الصعب إجباره على قول الحق، ذلك أن إرغام المتهم على قول أو الكلام أحيانا قد لا يفي بالغرض المطلوب إذا أنه قد لا يقول الحقيقة وبذلك تتأذى العدالة ولا يوجد قرينه ‏أمام التحقيق كسلطة والمحكمة يمكن الاستناد إليها.

‏وذهب أحد الفقهاء إلى أبعد من ذلك وقال إنه يجب الموازنة بين حقين الحق الأول‏، حق سلطة التحقيق في الوصول إلى الحقيقة، والحق الآخر هو حق المتهم في الصمت.

‏وبذلك تلتزم النيابة التحقيق في الموازنة بين هذين الحقين وعدم الإخلال به وعدم اعتبار الصمت دليل إدانة على المتهم أو حتى يكون إساءة الي مركزه القانوني مثل الحبس الاحتياطي إذا هي المكلفة ‏بإظهار دليل إدانة ضد المتهم اذ الاصل في المتهم البراءة وهي المكلفة بإثبات عكس ذلك.

ثانيا: موقف الدستور المصري٢٠١٤ لاستخدام حق الصمت

ماده ٥٥ كل من يقبض عليه، أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة.

ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقا للقانون‪، وللمتهم حق الصمت وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم أو التهديد بشيء منه يهدر ولا يعول عليه.

ثالثا: موقف المشرع المصري من استخدام حق الصمت

في مصر لم ينظم قانون الاجراءات الجنائية المصري حق المتهم في الصمت أمام الشرطة أو أمام النيابة العامة في مرحلة التحقيق الابتدائي إذ اقتصر الأمر فقط في المادة ‫274 من قانون الاجراءات الجنائية على عدم جواز استجواب المتهم أمام المحكمة إلا إذا قبل ذلك.

‏ونصت الفقرة الثانية من نفس المادة إذا امتنع المتهم عن الإجابة أو إذا كانت أقواله مخالفة لأقوالهم في محضر جمع الاستدلالات‏ أو التحقيق يجوز للمحكمة أن تأمر بإعادة تلاوة أقواله الأولى مرة أخرى.

‏وأيد القضاء المصري حق المتهم في الصمت في أحكام كثيرة، إذ أنه تقرر أن نصمت المتهم لا يجوز أن يتخذ قرينة ضده على ارتكاب الجريمة، كما أيد الفقه المصري على أنه للمتهم الحق والحرية في أن يختار حق الصمت ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يؤثر صمته في مركزة القانوني أو يضر بمصلحة بأي حال من الأحوال.

‏وأخيرا فإن للمتهم الحق أن يقول ما يشاء وأن يجيب عن الأسئلة كلها أو بعضها أو أن يؤجل الإجابة إلى وقت آخر ولا يجوز أن يتخذ هذا ضده ‏كقرينة تسوء من مركز المتهم.

علي عبدالجواد

صحفي مصري ، محرر بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين ، حاصل على بكالوريوس في الإعلام - كلية الإعلام - جامعة الأزهر ، عمل كمحرر ورئيس قسم للأخبار في صحف مصرية وعربية.
زر الذهاب إلى الأعلى