حق اللاعبين في الصيام

الدكتور أحمد عبد الظاهر ـ أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

قد يستغرب البعض استخدام عبارة «الحق في الصيام». والسبب وراء ذلك هو أن هذا التعبير غير مألوف على الأذهان. وإذا كتبت عبارة الحق في الصيام على محرك البحث جوجل، فلن تظهر لك نتيجة واحدة. وما قد يظهر لك من نتائج لا تتعلق بالمعنى المقصود من هذا المقال. فقد تظهر لك بعض النتائج، مثل «الصيام الحق» و «حق الصيام». والواقع أن معظم الدساتير المقارنة تقرر الحق في ممارسة الشعائر الدينية. فعلى سبيل المثال، ووفقاً للمادة الرابعة والستين الفقرة الثانية من الدستور المصري الحالي، «حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية، حق ينظمه القانون». ولما كان الصيام هو أحد الشعائر الدينية في كل الأديان السماوية، لذا يبدو مستساغاً استخدام تعبير الحق في الصيام، باعتباره أحد الحقوق المتفرعة عن الحق في ممارسة الشعائر الدينية.

وشهر الصيام في الدين الإسلامي يختلف ميعاده من سنة ميلادية إلى أخرى. فقد يأتي أحياناً في فصل الصيف، حيث تشتد درجات الحرارة وتمتد ساعات النهار بما يعني طول الفترة الزمنية للصيام. وقد يأتي أحياناً في فصل الشتاء، حيث البرد القارص وقصر ساعات النهار بما يقود إلى قصر الفترة الزمنية للصيام. وقد يأتي شهر رمضان في عز الموسم الكروي، أو في أثناء انعقاد منافسات إحدى البطولات الكروية الكبرى، مثل بطولة كأس العالم لكرة القدم أو دورة الألعاب الأولمبية وغيرها من البطولات القارية، سواء على مستوى الأندية أو على مستوى المنتخبات. وقد يؤثر الصيام على المردود البدني والذهني للاعبين. راجع في آثار الصيام على اللاعبين:
Abdullah F. Alghannam, Metabolic Limitations of Performance and Fatigue in Football, Asian J Sports Med. 2012 Jun; 3(2): 65–73.

ولذلك، فإن بعض المدربين قد يطلبون من لاعبيهم الإفطار أثناء المباريات. وقد يستجيب بعض اللاعبين لهذا الطلب، بينما يصر لاعبون آخرون على الصيام بالرغم من أدائهم المباريات والاشتراك في المنافسات. وبعيداً عن موقف المدربين واللاعبين، فإن التساؤل يثور عما إذا كان ينبغي على الاتحادات الرياضية الدولية والإقليمية والوطنية أن تبذل الجهد اللازم لتمكين اللاعبين من أداء فريضة الصيام، وبدون أن يؤدي ذلك إلى التأثير سلباً على مشاركتهم في المباريات أو اضطرارهم إلى الإفطار، لاسيما وأن الرياضة لم تعد مجرد هواية، وإنما صارت احترافاً ومهنة بكل ما في الكلمة من معنى. وقبل الإجابة عن هذا التساؤل، نرى من الملائم أن نتناول أولاً الحكم الشرعي بشأن مدى جواز إفطار اللاعبين في أيام المباريات التي يشاركون فيها.

وعلى هذا النحو، تتضح خطة البحث في هذه الدراسة، والتي نقسمها إلى مطالب أربعة، كما يلي:
المطلب الأول: اللعب أثناء الصيام بين رخصة الإفطار واستحباب الصوم.
المطلب الثاني: منح اللاعبين المسلمين في الدوري الإنجليزي فرصة للإفطار في المباريات.
المطلب الثالث: حظر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وقف المباريات لأجل إفطار اللاعبين.
المطلب الرابع: ادعاء اللاعب الإصابة لمنح زميله فرصة الإفطار.

المطلب الأول
اللعب أثناء الصيام بين رخصة الإفطار واستحباب الصوم

تحت عنوان «الإفطار في نهار رمضان لأصحاب المهن الشاقة»، وفي الفتوى رقم (3401) بتاريخ 21 أغسطس 2008م، ورداً على السؤال: سمعنا عن بعض اللاعبين أنهم لا يصومون رمضان بحجة مشاركتهم في المباريات أو التدريبات في رمضان؛ لعدم استطاعتهم الصيام مع المجهود المبذول فيها. فما حكم الشرع في ذلك؟، أجاب فضيلة المفتي، الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد، بما يلي: بل الواجبُ الصوم، ما لم يغلب على ظن اللاعب أن الصوم يؤثر في أدائه، وكان مرتبطًا بعقد عمل مع ناديه، ولا مفر له من أداء المباريات في نهار رمضان، مع كون هذا العمل هو مصدر رزقه، فله حينئذٍ الرخصة في الفطر للضرورة؛ لأنه بمنزلة الأجير الملزَم بأداء عمله. أما التدريبات التي يمكن التحكم في وقتها، فيجب أن تكون في أثناء الليل حتى لا تتعارض مع قدرة اللاعب على الصيام، وعلى المسئولين الالتزام بذلك.

وفي تفاصيل هذه الفتوى، يقول فضيلة مفتي الديار المصرية: اللاعب المرتبط بناديه بعقد عمل يجعله بمنزلة الأجير الملزَم بأداء هذا العمل، فإذا كان هذا العمل الذي ارتبط به في العقد هو مصدر رزقه ولم يكن له بُدٌّ من المشاركة في المباريات في شهر رمضان، وكان يغلب على الظن كون الصوم مؤثرًا على أدائه فإن له الرخصة في الفطر في هذه الحالة؛ فقد نص العلماء على أنه يجوز الفطر للأجير أو صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يُضعِفه عن عمله، كما نُصَّ في فقه الحنفية على أن من آجر نفسه مدة معلومة – وهو متحقق هنا في عقود اللعب والاحتراف – ثم جاء رمضان وكان يتضرر بالصوم في عمله، فإن له أن يفطر وإن كان عنده ما يكفيه. قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته «رد المحتار على الدر المختار» (2/ 420): [والذي ينبغي في مسألة المحترف أن يقال: إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر؛ لأنه يحرم عليه السؤال من الناس فالفطر أولى وإلا فله العمل بقدر ما يكفيه، ولو أداه إلى الفطر يحل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر، وكذا لو خاف هلاك زرعه أو سرقته ولم يجد من يعمل له بأجرة المثل وهو يقدر عليها؛ لأن له قطع الصلاة لأقل من ذلك، لكن لو كان آجر نفسه في العمل مدة معلومة فجاء رمضان، فالظاهر أن له الفطر وإن كان عنده ما يكفيه إذا لم يرضَ المستأجر بفسخ الإجارة كما في الظئر؛ فإنه يجب عليها الإرضاع بالعقد، ويحل لها الإفطار إذا خافت على الولد فيكون خوفه على نفسه أولى. تأمل. هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم] اهـ.

وقال العلامة الحطَّاب المالكي في «مواهب الجليل شرح مختصر خليل» (2/ 441): [وقال البرزلي: مسألة: الحكم في غبار الكتان وغبار الفحم وغبار خزن الشعير والقمح كالحكم في غبار الجباسين قال: وعلى هذا يقع السؤال في زماننا إذا وقع الصيام في زمان الصيف فهل يجوز للأجير الخروج للحصاد مع الضرورة للفطر أم لا؟ كانت الفتيا عندنا إن كان محتاجاً لصنعته لمعاشه ما له منها بد فله ذلك، وإلا كره، وأما مالك الزرع فلا خلاف في جواز جمعه زرعه وإن أدى إلى فطره، وإلا وقع في النهي عن إضاعة المال وكذا غزل النساء الكتان وترقيق الخيط بأفواههن، فإن كان الكتان مصريًّا فجائز مطلقًا، وإن كان دمنيًّا له طعم يتحلل فهي كذوي الصناعات إن كانت ضعيفة ساغ لها ذلك، وإن كانت غير محتاجة كره لها ذلك في نهار رمضان] اهـ.

وقال الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي في «تحفة المحتاج» (3/ 429-430): [ويُباح تركُه أي رمضان، ومثله بالأَوْلى كل صوم واجب للمريض أي: يجب عليه، ويباح تركه لنحو حصَّاد أو بنَّاء لنفسه أو لغيره تبرعاً أو بأجرة – وإن لم ينحصر الأمر فيه؛ أخذاً مما يأتي في المرضعة – خاف على المال إن صام وتعذر العمل ليلًا أو لم يُغْنِه فيؤدي لتلفه أو نقصه نقصاً لا يتغابن به. هذا هو الظاهر من كلامهم، وسيأتي في «إنقاذ المحترم» ما يؤيده. قال الشيخ عبد الحميد الشرواني في «حاشيته» عليه: قوله: ويباح تركه لنحو حصاد… إلخ. أفتى الأذرعي بأنه يجب على الحصادين تبييت النية في رمضان كل ليلة، ثم من لحقه منهم مشقة شديدة أفطر، وإلا فلا. نهاية. زاد «الإيعاب»: وظاهر أنه يلحق بالحصَّادين في ذلك سائرُ أرباب الصنائع المشقة، وقضية إطلاقه أنه لا فرق بين المالك والأجير الغني وغيره والمتبرع، ويشهد له إطلاقُهم الآتي في المرضعة الأجيرة أو المتبرعة وإن لم تتعين، نعم يتجه أخذاً مما يأتي فيها تقييد ذلك بما إذا احتيج لفعل تلك الصنعة بأن خيف من تركها نهاراً فوات مال له وقع عرفاً] اهـ.

هذا عن المباريات التي لا مناص للاعب من أدائها، أما التدريبات فما دام أنه يمكن التحكم في وقتها فيجب أن تكون أثناء الليل حتى لا تتعارض مع قدرة اللاعب على الصيام، وإذا خالف المسئولون ذلك مع قدرتهم على جعلها ليلًا فهم آثمون؛ لأنه لا يخفى أن ما جاز للضرورة أو الحاجة القائمة مقامها لا يجوز أن يتعداها، والضرورة تقدر بقدرها، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173]، فأناط ارتفاع الإثم بعدم البغي والاعتداء. والله سبحانه وتعالى أعلم.

المطلب الثاني
منح اللاعبين المسلمين في الدوري الإنجليزي فرصة للإفطار في المباريات

في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر شعبان 1444ه الموافق الحادي والعشرين من مارس 2023م، صدرت توجيهات من السلطات الرياضية البريطانية إلى حكام المباريات في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، السماح للاعبين بالإفطار خلال المباريات المسائية خلال شهر رمضان. وقد جاء هذا القرار قبل يومين فقط من بداية شهر رمضان الحالي، والذي صادف اليوم الأول منه الثالث والعشرين من شهر أبريل 2023م، وتأتي فترة الإفطار أثناء المباريات المحتدمة في شهري مارس وأبريل. وطبقاً لهذا القرار، تم إصدار توجيهات لمسؤولي المباريات من هيئات التحكيم في إنجلترا للسماح بتوقف في اللعب وتمكين اللاعبين من الإفطار عن طريق تناول السوائل والمكملات الغذائية. كما تم حث الحكام على التعرف على اللاعبين الصائمين، قبل انطلاق المباريات، حتى يتمكن الحكم من إدارة إفطارهم. راجع في هذا الشأن:
Dev Trehan, Ramadan: Match officials asked to provide opportunity for Muslim players across Premier League and EFL to break fast, Match officials issued with guidance ahead of holy period of Ramadan and encouraged to find natural pause in play during evening matches to allow any Muslim player or match official to break their fast before resuming the action; Ramadan begins this week and lasts around a month, Sky Sports, Wednesday 22 March 2023.

وتعليقاً على ذلك، وفي يوم الخميس الموافق الثالث والعشرين من مارس 2023م، أشاد مرصد الأزهر الشريف بالمبادرة البريطانية؛ لمنح اللاعبين المسلمين فرصة للإفطار في أثناء مباريات الدوري الإنجليزي التي تلعب خلال أيام شهر رمضان المبارك. ففي منشور له عبر الصفحة الرسمية على «فيس بوك»، علق مرصد الأزهر الشريف، قائلاً: «في مبادرة تُعبر عن احترام ثقافة الآخر، ومراعاة عبادات اللاعبين المسلمين بالدوريات الإنجليزية، أصدرت السلطات الرياضية في إنجلترا تعليمات جديدة لحكام مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ودوري البطولة الإنجليزية، بإضافة استراحة أثناء المباريات المسائية طوال شهر رمضان لمنح اللاعبين المسلمين فرصة للإفطار». وأضاف مرصد الأزهر الشريف: «دفع صيام عدد من اللاعبين المسلمين، مسؤولي المباريات لإصدار قرار بتخصيص استراحة في المباريات المسائية ليتمكنوا من الإفطار».

وجدير بالذكر في هذا الصدد أن الملاعب الإنجليزية شهدت أول حالة توقف للمباراة من أجل السماح للاعبين الصائمين بالإفطار أثناء المباريات، وكان ذلك قبل عامين، وتحديداً في يوم الاثنين الموافق السادس والعشرين من أبريل سنة 2021م، وكان ذلك أثناء المباراة المقامة آنذاك ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم (البريميرليج)، بين ناديي ليستر سيتي وكريستال بالاس، حيث توقفت المباراة مؤقتاً ولبضع ثوان في منتصفها للسماح للاعبين اثنين بالإفطار، وهي أول حالة لتوقف اللعب في رمضان بتاريخ البريميرليج. وفي تلك المناسبة، اتفق الناديان قبل المباراة مع الحكم جراهام سكوت على أنه سيكون هناك توقف مؤقت في اللعب للسماح للاعب الفرنسي «ويسلي فوفانا» مدافع ليستر سيتي واللاعب السنغالي «شيخو كوياتي» مدافع كريستال بالاس، بالإفطار في رمضان. وقد حدث التوقف لبضع ثوان، وكان ذلك في الشوط الأول من المباراة، وتحديداً في الدقيقة الرابعة والثلاثين من زمن هذا الشوط. وأظهرت تسجيلات المباراة تريث حارس مرمى كريستال بالاس بتنفيذ ضربة المرمى، بأوامر من حكم اللقاء، كي يستطيع اللاعبان شرب الماء، مع حلول وقت آذان المغرب. وتعتبر هذه الحالة هي الأولى من نوعها بتاريخ الدوري الانجليزي، التي يتم فيها إيقاف مباراة، ولو لبضع ثوان، كي يتسنى للاعبين الإفطار. وكان مدرب ليستر سيتي، بريندان روجرز، قد أخرج فوفانا في الدقيقة 60، في لقاء سابق أمام ويست بروميتش، كي يستطيع الإفطار، بعد أن خاض ساعة كاملة من دون ماء أو طعام يسبقها. ووفقا لمدرب الفريق، فإن فوفانا يصوم يوماً طويلاً في إنجلترا، ليأتي موعد الإفطار قبل انطلاق المباراة بدقائق، مما يجبره على الإفطار بتناول شيء خفيف جدا، قبل أن يعود ويتناول وجبة كاملة بعد المباراة. وقال روجرز: «فوفانا يزداد قوة بالتمارين والمباريات أثناء رمضان، الصيام يزيده عزما في هذه الفترة». وتعهد روجرز بحماية «فوفانا» خلال شهر رمضان، بمنحه الراحة الكافية.

كذلك، تجدر الإشارة إلى أن هذا التطور يأتي بعد أقل من عام واحد على احتضان إيوود بارك ملعب نادي بلاكبيرن روفرز صلاة عيد الفطر للمسلمين الموجودين في المدينة البريطانية، ليكون أول ناد كرة قدم في إنجلترا يفتح أبواب ملعبه لتأدية هذه الفريضة. وقد حدث ذلك يوم الاثنين الموافق الثاني من شهر مايو سنة 2022م، ونشر الحساب الرسمي للنادي الإنجليزي على موقع تويتر في اليوم ذاته مقطع فيديو لصلاة العيد على أرضية ملعبه، وكتب عليه مهنئاً المسلمين بهذه المناسبة «عيد مبارك من الجميع في بلاكبيرن روفرز». وأضاف النادي: «أصبح بلاكبيرن روفرز هذا الصباح أول ناد لكرة القدم في البلاد يستضيف صلاة العيد على أرض الملعب». وتفاعل رياضيون وناشطون مع اللفتة التي أظهرها نادي بلاكبيرن تجاه المجتمع المسلم في بريطانيا، مشيدين بتصرف النادي واحترامه لتعدد الثقافات واختلاف الأديان. وكتب لاعب الكركيت البريطاني المسلم عظيم رفيق «أحسنت يا ياسر صوفي لكل ما تفعله لمجتمعنا». وجدير بالذكر أن ياسر صوفي هو مدير التكامل والتطوير في نادي بلاكبيرن روفرز، وقد حظي بإشادة عدد من المغردين بعد اللفتة المميزة من الفريق الإنجليزي تجاه المجتمع المسلم في بريطانيا.

المطلب الثالث
حظر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم وقف المباريات لأجل إفطار اللاعبين

خلافاً لموقف السلطات الرياضية الإنجليزية، وبعد عشرة أيام تقريباً على قرار توقف مباريات الدوري الإنجليزي للسماح للاعبين الصائمين بالإفطار، وفي الحادي والثلاثين من شهر مارس 2023م، أصدر الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، قراراً يحظر على حكام الدوري الفرنسي إيقاف المباريات للسماح للاعبين الصائمين بالإفطار خلال المباريات. وأرسل الاتحاد الفرنسي لكرة القدم رسالة إلى الحكام أخبرهم فيها بعدم إيقاف المباريات للسماح للاعبين المسلمين بالإفطار خلال شهر رمضان، وهي الرسالة التي سربت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأثارت جدلاً كبيراً. وجاء في الرسالة: «تم لفت انتباه الاتحاد لظاهرة توقف المباريات بعد الإفطار في رمضان. لا تتوافق هذه الانقطاعات مع أحكام قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم». وأضاف البيان: «الاتحاد وهيئاته اللامركزية، تدافع عن القيم الأساسية، ويجب على الجمهورية الفرنسية أن تطبق الوسائل الكفيلة بمنع أي تمييز أو انتهاك لكرامة أي شخص، ولا سيما بسبب معتقداته السياسية والدينية». وعلى هذا النحو، يأتي القرار الفرنسي مختلفاً عن اتجاه الاتحاد الإنجليزي في هذا الشأن، والذي دعم توقف المباريات للسماح للاعبين الصائمين بالإفطار.

ورداً على قرار الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، وفي الثالث من أبريل 2023م، وبشكل أشعل وسائل التواصل الاجتماعي، هاجمت جماهير نادي باريس سان جرمان، الاتحاد الفرنسي لكرة القدم. وقد حدث هذا الاحتجاج قبل مباراة قمة الدوري الفرنسي، بين باريس سان جرمان وليون، حيث قامت الجماهير الباريسية برفع لافتة حملت عبارة «تمر وكوب من الماء.. كابوس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم».
Une date, un verre d’eau, le cauchemard de la FFF.

وقد جاءت هذه اللافتة للسخرية من موقف الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الرافض لتوقف المباريات مع أجل السماح للاعبين الصائمين بتناول تمر وكوب ماء خلال المباريات، على عكس رابطة الدوري الإنجليزي التي شجعت على ذلك.

المطلب الرابع
ادعاء اللاعب الإصابة لمنح زميله فرصة الإفطار

في يوم السبت الموافق الأول من أبريل 2023م، وأثناء المباراة المقامة ضمن الجولة الثامنة والعشرين من منافسات الدوري الإيطالي لكرة القدم، بين فريقي فيورنتينا وانتر ميلان، وقبل انتهاء المباراة بأربع دقائق، ادعى لاعب فيورنتينا الإيطالي، لوكا رانييري، الإصابة لمنح زميله سفيان أمرابط فرصة كسر صيامه. ولم يتلق رانييري أي إصابة، لكنه سقط لوحده على أرضية الملعب، وطلب تدخل الطاقم الطبي. وبالتزامن مع ذلك، وثقت إحدى الكاميرات النجم المغربي وهو يلتهم موزة بسرعة ويشرب الماء، قبل استئناف اللعب. رصدت عدسات المصورين لحظة سقوط لاعب فيورنتينا الإيطالي، لوكا رانييري، لتلقي العلاج ومنح زميله سفيان أمرابط فرصة كسر صيامه، خلال المباراة التي جمعتهم بنادي انتر ميلان.

وتعليقاً على هذه الواقعة، نال رانييري عبارات إشادة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما ادعى الإصابة ومنح زميله أمرابط فرصة الإفطار، خاصة وأن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم لم يطلب من الحكام إيقاف المباريات من أجل السماح للاعبين الصائمين بكسر صيامهم. وقال معلقون على موقع تويتر إن اللاعب الإيطالي، البالغ من العمر 23 عاماً، أبدى أخلاقاً عالية واحتراماً كبيراً لزميله الصائم، على الرغم من أن المباراة كانت توشك على الانتهاء. إذ حدث التوقف في الدقيقة الحادية والتسعين، أي بعد دقيقة واحدة من انتهاء الوقت الأصلي للمباراة، وكانت ثمة أربع دقائق متبقية على نهاية اللقاء بوقتيه الأصلي والإضافي.

ولكن، يثور التساؤل في هذه الحالة عما إذا قام الحكم بإنذار اللاعب الذي ادعى الإصابة لمنح زميله فرصة الإفطار. إن الأمر يتوقف في هذه الحالة على تسامح الحكم نفسه ومدى تفهمه لنبل الهدف من وراء ادعاء الإصابة، ولاسيما إذا كانت نتيجة المباراة ليست في مصلحة اللاعب المستفيد من التوقف أو مصلحة النادي الذي ينتمي إليه اللاعب الذي ادعى الإصابة.

abdo

صحفي بالمركز الإعلامي لنقابة المحامين؛ عمل في العديد من إصدارات الصحف والمواقع المصرية، عمل بالملف السياسي لأكثر من عامين، عمل كمندوب صحفي لدى وزارتي النقل والصحة، عمل بمدينة الإنتاج الإعلامي كمعد للبرامج التلفزيونية.
زر الذهاب إلى الأعلى